بين جامعي مرجان والسراجي – أكرم عبد الرزاق المشهداني

بين جامعي مرجان والسراجي – أكرم عبد الرزاق المشهداني

اعادتني حادثة قيام محافظ البصرة بهدم جامع السراجي في ابي الخصيب الى الرجوع لقصة جامع مرجان وتوسعة شارع الرشيد والموقف الحازم لعلماء الدين …

عند افتتاح شارع الرشيد من باب المعظم باتجاه الباب الشرقي اقترح بعض المهندسين ازالة جامع مرجان لانه يعيق استقامة الشارع، ولكن الملك فيصل الاول تردد ثم رفض الفكرة كما ان (المس بيل) ايضاً اعترضت على هدم الجامع او اقتطاع جزء منه وتم ارجاء الفكرة حفاظا على هذا المَعلم الاثري.

موقف العلماء

استمرت المناوشات في الثلاثينيات بين الحكومة ودائرة أمانة العاصمة بغداد حول موقع جامع مرجان الذي يدخل كالقوس في الشارع، وحاولت دائرة الأمانة تهديمه عدة مرات لولا وقوف (مديرية الآثار العامة) ومعها موقف بعض علماء  الدين وعلى راسهم الشيخ امجد الزهاوي والعلامة نجم الدين الواعظ يرحمهم الله وعدد من الادباء والمثقفين في يغداد ضد الفكرة مما ادى إلى تاجيلها حينا من الدهر.

ومن الغريب ان أمين العاصمة ارشد العمري عقد مؤتمراً صحفياً في قاعة الامانة  1946وقال فيه: (اني استغرب هذا الاهتمام الشديد بجامع عتيق خرب وانا مستعد أن ابني مكانه بعد تهديمه جامعاً أكبر وافخم فلماذا هذا الإلحاح والتمسك به؟)، وهذا يذكرني اليوم بتصريح السيد العيداني محافظ البصرة الذي كرر نفس الكلام !!!وقال انه سوف يبني جامعا افضل منه في نفس المنطقة..

في عام 1946 اعاد امين العاصمةارشد العمري سعيه لمحاولة هدم جامع مرجان: يقتطع جزءا من الجامع لصالح شارع الرشيد:

في عام 1946  هدمت أمانة العاصمة القبة التي تحوي الضريح كذلك المدرسة وأقتطع من الجامع جزء كبير أضيف إلى شارع الرشيد وشيد على ما تبقى منهُ مسجد جامع ولم يبق من أصل المدرسة سوى بابها الأثري القديم، وونفذ الامين ارادته:

وهكذا فقد طلعت بعض الجرائد المنافقة في اليوم الثاني تشيد بذكاء هذا الأمين وثقافته، وتمسكه بالمحافظة على التراث أكثر من تمسك (المس بل)، التي رفضت تهديم جامع مرجان لأنه أثر ثقافي تاريخي، ومع ذلك تم هدم جزء من الجامع والمدرسة مع القبة المشيفةالأثرية التي تحوي ضريح أمين الدين مرجان لأجل توسعة شارع الرشيد.

ان الحفاظ على المباني التراثية ذات القيمة التاريخية مهمة وطنية وعلى الجهات المعنية حين تتطلب الاحوال هدم جزء من مبنى اثري ذو قيمة ان تستعين بالخبراء والمهندسين لايجاد وسائل وحلول بديلة قبل اللجوء للهدم الكلي ان الجزئي ووضع الحفاظ على القيمة الاثرية للمبنى قبل كل متطلب آخر.. وقد كان حريا بمحافظ البصرة ان يستعين بالخبراء والمهندسين للبحث عن حلول بديلة لاسلوب الهدم الجائر وكان بالامكان التوصل لحل معقول ومقبول..

مشاركة