بيت إبنتنا رغد – نصوص – عبد الرزاق عبد الواحد

ذكرياتي 61

بيت إبنتنا رغد – نصوص – عبد الرزاق عبد الواحد

منذ كانت رغد طفلة كنت أجلب لها الطين الإصطناعي الملّون فتصنـــــــــــع منه تماثيل صغــــــــــــــــــيرة عجيبة !

كان صديقي النحات الكبير محمد غني حكمت  ـ رحمه الله ـ يمّر بنا كلَّ صباح فيرى رغد وهي تصنع تماثيلها الصغيرة فيــــــــــــــقول لي : (عبد الرزاق ديروا بالكم على هذي البنيّه . هاي تصير نحاته جبيره) !

وهذا ماحصل ! .. رغد الآن واحدة من أشهر النحاتين في أوربا !.

رغد أنطبع في مخّها كلام محمد غني . كنت خارج العراق عندما أنهت دراستها المتوسطة ،  وعندما عدت قالت لي أمها بنتك ماقّدمت

للثانوية . مصّرة أن تدخل معهد الفنون الجميلة وتدرس نحت .

وكان لايدخل المعهد ،  ولا غيره إلا من يُزكَّى مع الأسف ـ

جئت إلى الأستاذ طارق عزيز وكان وزيراً للثقافة والإعلام . قلت له 🙁 أبو زياد .. آنه ماأكَدر أزكّي بنتي للقبول بمعهد الفنون الجميلة ؟!!!).

قال : (إنته تزكّــــــــــــــي العراق كلّه … بنتك آنه أزكيها) !.

واتصل بوزير التربية الذي قُتُل ـ نسيت أسمه ـ وطلب منه أن يزكيها هو أيضاً ففعل .

ذات يوم علمت أن مسؤول الإتحاد وفي المعهد كان يلقي كلمة في الطلاب في قاعة المعهد فوقفت رغد تجادله .. قال لها (رفيقة إسمك مامَّر عليَّ .. إنتي منو زكاّج للقبول ؟) .. فقالت له باعتداد 🙁 زكتنّي القيادة القطرية) !!

منذ ذلك اليوم صار رئيس الإتحاد يخشى من الحديث مع رغد!

كانت رغد أفضل طالبة ـ فنّيّاً ـ في المعهد ،  (جانت تلبس صدريّه فوكَك ملابسهه ،  وتحمل التماثيل الثقيلة من مكان لمكان حتى جانـــــــــــوا يسمّونها  رعد ) !!.

فد يوم جانت تشتغل بتمثال التخرج .. جان تمثال جبير جداً بقي).

مدة في باب معهد الفنون الجميلة .. تمثال فارس على خيل .. سمته الفارس .. حجالي عميد المعهد وكان صديقاً حميماً لي ،  كَال زارنه السيد الرئيس وشاف رغد تشتــــــغل بتمثالها .. سألني هاي شسمهه الطالبة ؟ .. كَلتلهه هاي رغد بنت عبد الرزاق عبد الواحد . فكمشهه من شعرهه كَاللهه إذا طلعتي الأولى أوديج بعثة . وطلعت رغد الأولى على المعهد بكل أقسامه .

آنه جنت خارج العراق .. عندما رجعت لكَيت أمر صادر من الرئاسة بارسال أولاد عبد الرزاق عبد الواحد : خالد الذي كان أحد الأوائل

العشرة على جامعة بغداد ،  ورغد الأولى على معهد الفنون الجميلة ..

بعثة خالد إلى أمريكا  لدراسة الهندسة الكهربائية .. ورغد إلى فرنسا لدراسة النحت).

وكان الأمر الرئاسي متّوجاً بالقول الهائل الذي ينطبق كل الإنطباق

على صدام حسين : ( أنجز حـرُّ ماوعد )  !..

(من أطرف ماسمعته في حياتي حجاية حجتلياهه رغد كّالت جنه جماعة من الطلاب كَاعدين سوة وجان واحد منهم عراقي إسمه محيسن  اقترح واحد منهم أن يذكر كل واحد عمل أمّه وأبوه .. آنه كَلت أمي طبيبة ،  وأبوي شاعرومدير عام بوزارة الثقافة والإعلام )..

(لما وصل السره لمحيسن كَال : آنه ابوي تاجر ( هوّه عنده دكان على كَد حاله ) !..

وأميّ مغنّية أوبرا   ! كَلتله  : محيسن … كَال وهو يطوّح بإيدة مثل الملاّيات : عدّادة دادة ..رغــــد عدّادة)!.

(في يوم من الأيام جئنا لرؤية تمثال التخرج مال رغد آنه وأمهه .. جان أكو شاب واكَف يمهه . كَالت بطريقة تثير الأنتباه : أقدم إلكم محمد سيف ! . آنه من طريقة لفظ الأسم حسّيت بالكارثة المقبلة .. أقول الكارثة لأن عبد الرزاق عبد الواحد أوضح شخصية صابئية ،  فإذا انجرفت بنته مع شاب مسلم تقوم القيامة عليه : إذا بنت عبد الرزاق تزوجت مسلم إحنه شلون نكَدر نمنع بناتنه بعد ؟؟!).

وهذا ماحصل  !

(في يوم جنّه كاعدين ليلاً بالبيت وبدت رغد تبجي آنه حسيت شبيهه .. كَلتلهه بابا .. تعالي وراي للمكتبة . وإجت .. .. كَعـــــــدت على مكتبي  وكَعدت كَبالي تبجي وهي تقول : شــــــــــنو الفايدة ؟ .. شنو الفايدة ؟؟؟

كَلتلهه بابا .. أبوج إنسان مثقف . مايذبح بنته على موضوع الأختلاف الديني .. كَوليله لهذا  التحبّينه ،  وأظن آنه عرفته .. ليش آنه غافل عنّج ؟؟… أنه سألت حتى عن أهله وإخوانه في الناصرية .. كَوليله  خل يجي أريد أشوفه) … في اليوم الثاني جاءنا محمد سيف مساءً.

أوّل ملاحظة لاحظته أم خالد أنه جان يشرب شراب على العشه ).

(كَلتله : شوف محمد .. إذا جنت تريد توصل لغاية من وَرَه رغد آنه أوصلك إلهه بدون ماتأذيهه . كَال آنه غايتي كَلهه رغد . كَلتله شايف الخير.. في اليوم الثاني اشتريت آنه بفلوسي نيشان بنتي !…ونيشنت

حتى محمد اشتريتله ساعة،  ونقلتهم بسيارتي الخاصة للفندق .. وهنيتهم بالزواج وتركتهم ورجعت للبيت .. وهذي ممسويهه أب قبلي ).

أنجبوا ولد وبنت .. سيف و سلسل ،  كان محمد مضياف في بيته يطبخ الطعام بأطيب مايمكن .. ولكن رغد كانت غيورة بشكل مجنون ،  وحدث ماعذرها على غيرتها فقد وصلها ذات يوم شريط مسّجل كامل لليلة غرامية لزوجها مع فتاة !!.

ذهبت رغد إلى الفتاة ،  وقرعت عليها الباب .. حين خرجت أمسكتها من شعرها ،  ومرّغت وجهها بحذائها .. ومنذ ذلك اليوم ورغد تدفع  غرامة على مافعلته .. وطلب منها أن تنكر ذلك لأن لادليل عليه ، ولكنها ـ لكبريائها ـ رفضت أن تنكر ،  وتسبب أعترافها بغرامة كبيرة تدفعها للفتاة ،  وبتأخير تجنيسها كفرنسية لسنوات  طويلة !

سلسل ـ رحهما الله ـ توفيت وعمرها ( 19 سنة ونص)  واعتبرت أصغر حــــــــــــــالة ســـرطان ثدي في العالم ! ..

كانت جميلة كالوردة .. قوية تلبس حزام الجودو الأسود شاعرة رائعة فنانة في كل ماتصنع .. (جانت جدّتها زوجتي تكَللّها هسه تكبرين ،  وتتزوجين  .. تكّللها لابيبي آنه راح أموت !! .. هسّه آنه كَمت أبجي وأنه أكتب )!

كتبتلهه قصيدتين ،  وحدة خلّوهه بخط إيدي شاهدة على قبرها) 🙂

إلــى بُــحــيَـــرتَــي الــنــّور (*)

حبيبتي  سَلسَلْ

لِشعرِكِ الُمرسَلْ

لوجهِكِ المضيء،  كاستدارة القَمَرْ

لمُقلَتيَن مثلما ربُّهُما أمَرْ

بُحيَرتَبن من سنىً

ضوؤهُما يأفَلْ

شيئاً فشيئاً…

والدموعُ فيهما تحوم

فتستحيلانِ لاشيءَ في عالمنا يَدومْ

وأنَّنا يوماً

على جناحِ نجمةٍ من النّجوم ..

……………..

(*) القصيدتان منشورتا في ديواني الأخير : ياعراق.

………………

القصيدة الثانية :… إلى صديقاتها (*)

ياصديقات سَلسَلٌ

هل رأيتُنهَّا في البراري البعيدة ؟

معها رِفقَةٌ ،  أم وحَيدة ؟

هل سمعتُنَّ في ليلةٍ صوتَها ؟

هل رأى أحدٌ موتَها ؟

أتُصَدقْنَها ؟؟

إنَّها ،  فرطَ مابصديقاتها تحتفي

أتقنتْ كيف تلهو بهنَّ …

تلوحُ … وفي لحظةٍ تختفي ..

لاتُصَدقنَها

ستعودُ قريباً

فأطيبُ كلَّ القلوبْ

قلبهَا المطمئنُّ الوفي …

…………..

(*) صرن يتناوبن الحضور إلى بيتها كل يوم ، ،  ويجلسن مع أمها في غرفة ابنتهاالخاصة

…………….

وماتزال رغد تنحت خيولها الرائعة ساهرة أحيانا حتى الصباح …

ومايزال ولدها البكر سيف يبحث عن عمل !!