بوتين يؤسس لعالم جديد
جاء في رسالة بوتين إلى نظرائه الأوربيين قادة الدول المستوردة للغاز الروسي، (إن روسيا لا تستطيع تحمل عبء دعم الاقتصاد الأوكراني بشكل انفرادي، مشيرا إلى أن روسيا ستضطر إلى التحول لبيع الغاز إلى أوكرانيا على أساس الدفع المقدم أو وقف تصدير الغاز إلى أوكرانيا في حال امتنعت الأخيرة عن الدفع)، من المهم جداً في بداية حديثنا هذا ان نوضح للقارئ الكريم بعض المعلومات المهمة حول الازمة الروسية – الأوكرانية واهم لاعبي هذه المعادلة ، ونبدأ بسيرة رئيس روسيا فلاديمير بوتين واثره على المجتمع الروسي من الناحية الاقتصادية والسياسية .فلاديميروفييتش بوتين هو سياسي روسي تولى الحكم بعد تنحي الرئيس السابق بوريس يلتسن عن السلطة. ترأس البلاد لولايتين متتالين شغل بعدهما منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس ديمتري مدفيدف، قبل أن يعود مرة ثالثة إلى سدة الحكم.ولد في ليننغراد (سانت بطرسبورغ حاليا) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1952، من اهم مواقف بوتين السياسية هي انتقاده سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في محطات عديدة، وقد كان ضد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 من دون موافقة مجلس الأمن. كما أنه عبر عن معارضته لاستقلال كوسوفو عن صربيا، واعتبره غير شرعيوعبّر بوتين عن موقفه الرافض لقيام حلف شمال الأطلسي (ناتو) يضم دولا مثل أوكرانيا وجورجيا، واعتبار ذلك تهديدا لروسيا. بالإضافة إلى موقفه الرافض للدرع الصاروخية الأمريكية التي اعتبرها تهديدا قريبا من حدود روسيا ، اما داخليا، فقد عمل بوتين على تعزيز السلطة المركزية، وإحداث التوازن في العلاقات يبن أجهزة الدولة، وركز على إصلاح الاقتصاد وتحقيق نمو اقتصادي مستقر، وقد حقق نتائج إيجابية على هذا الصعيد حيث زاد إجمالي الناتج المحلي لروسيا بحوالي 30 بالمئة، واستمر انخفاض التضخم والبطالة، وارتفع الدخل الحقيقي للسكان بشكل كبير، كما ان هناك علاقة وطيدة بين سياسة الرئيس الروسي ومجلس الدوما من خلال التأييد التام لجميع أفعال واقوال الرئيس الروسي بالإضافة الى الإطاحة ورفع الحصانة عن جميع معارضيه ..!اما اهتمام بوتين بجزيرة القرم فله منابع تاريخية واستراتيجية واقتصادية حيث يؤكد محللون أن أوكرانيا هي التي تصنع صورة روسيا كقوة عظمى أو هي التي تكسر هذه الصورة، ويضيفون أن روسيا من دون أوكرانيا هي مجرد بلد بينما روسيا مع أوكرانيا هي إمبراطورية ، وبحسب مقال منشور في موقع CNN فالقرم شبه جزيرة تقع في جنوب أوكرانيا، وهي جزء من هذا البلد يتمتع بحكم ذاتي. لمئات السنين ظلت روسيا مهتمة بالقرم، ممرها إلى البحر الأسود. ومع أن روسيا رغبت بضم القرم إليها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إلا أنها بقيت أوكرانية،ففي اليوم الذي صوت فيه البرلمان الأوكراني على قرار يؤكد أن كييف لن تعترف أبدا بضم القرم إلى روسيا وستناضل من أجل “تحريرها”. صادق مجلس النواب الروسي (الدوما) في نفس اليوم على معاهدة تقضي بضم شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية في تحد للمجتمع الدولي الذي يؤكد أن المنطقة هي جزء من أوكرانيا ومايزال يتعين الحصول على موافقة مجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ) على المعاهدة. إلا أن الكرملين قال إنه يعتبر القرم جزءاً من روسيا ابتداء من التوقيع على المعاهدة،في هذه الأثناء قفزت عقارب ساعة محطة السكك الحديدية الرئيسية في سيمفروبول من العاشرة مساء إلى منتصف الليل بعد أن تحولت شبه جزيرة القرم إلى توقيت موسكو في خطوة رمزية لاستكمال اندماج المنطقة مع روسياوتجمع مئات الأشخاص في ساحة السكك الحديدية لمشاهدة احتفالية تغيير الوقت ولوحوا بالأعلام الوطنية الروسية وهتفوا قائلين “القرم روسيا” بعد أن ضمت موسكو رسميا المنطقة الواقعة على البحر الأسود من أوكرانيا في 21 مارس/آذار . وقد حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي)الناتو)أندرس فوغ راسموسن من أن تدخلا جديدا لروسيا بشرق أوكرانيا سيشكل “خطأ تاريخيا”، وستكون عواقبه وخيمة على علاقات الحلف مع روسيا، بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده مستعدة للتفكير في محادثات حول أوكرانيا بشرط ضمان تمثيل المناطق الناطقة بالروسية. كما أكد الرئيس الأمريكي أوباما إن الولايات المتحدة وأوربا “متحدتان” لجعل روسيا “تدفع ثمنا” بعد تدخلها في أوكرانيا ، وأضاف أوباما في تصريحات للصحفيين إثر لقاء مع رئيس وزراء هولندا ( مات روته ) في أمستردام إن “حلفاءنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) هم الأقرب لنا في الساحة الدولية، وأوربا هي حجر زاوية العلاقات بين الولايات المتحدة ، وهكذا فقد اصبح بوتين اسير قراراته القادمة بين تأييد (مجلس الدوما ) له وبين التهديد المستمر بفرض العقوبات على روسيا عقب الازمة الروسية الأوكرانية ، والذي تشنه الولايات المتحدة مع حلفاءها الاوربيين في حلف (الناتو) .
أسامة البدران – بغداد