بنوك الوعود والمضاربة بالأسهم الرخيصة

د. فاتح عبدالسلام

‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبول‭ ‬اعلان‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬العراقيون‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬شهرين‭ ‬كأبعد‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬صدقية‭ ‬تنفيذه‭.  ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نستحدث‭ ‬بنكاً‭ ‬للوعود‭ ‬تشرف‭ ‬عليه‭ ‬مؤسسة‭ ‬رقابية‭ ‬وقضائية،‭ ‬تتم‭ ‬تصفية‭ ‬حساباته‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬او‭ ‬سنة‭ ‬وبحسب‭ ‬أهمية‭ ‬الوعود‭. ‬شهدنا‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬بضاعة‭ ‬الوعود‭ ‬والمراباة‭ ‬بفوائدها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الملايين‭. ‬

‭ ‬لقد‭ ‬سمع‭ ‬الشعب‭ ‬وعوداً‭ ‬كبيرة‭ ‬أطلقتها‭ ‬الحكومات‭ ‬ومجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬السابقة،‭ ‬لو‭ ‬جرى‭ ‬تنفيذ‭ ‬واحد‭ ‬بالمائة‭ ‬منها‭ ‬لكان‭ ‬البلد‭ ‬قد‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬ازماته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭. ‬

‭ ‬المسؤولون‭ ‬والسياسيون‭ ‬عامة،‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الانتخابات‭ ‬او‭ ‬سواها‭ ‬مدمنون‭ ‬على‭ ‬الأكاذيب،‭ ‬وهو‭ ‬التوصيف‭ ‬الادق‭ ‬لكلمة‭ ‬الوعود،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬بصلة‭ ‬للتنفيذ‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭. ‬

‭ ‬اذن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الحل؟‭ ‬ليس‭ ‬امام‭ ‬العراقيين‭ ‬سوى‭ ‬رصد‭ ‬الوعود‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬الان‭ ‬فصاعداً،‭ ‬وتسجيلها‭ ‬في‭ ‬دفتر‭ ‬كبير‭ ‬معلن‭ ‬للجميع،‭ ‬وإلزام‭ ‬مُطلقيها‭ ‬بسقوف‭ ‬زمنية‭ ‬للتطبيق‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬التبرير‭ ‬واللف‭ ‬والدوران،‭ ‬وإلا‭ ‬كانت‭ ‬جنحة‭ ‬او‭ ‬جريمة‭ ‬تتضمن‭ ‬ازعاج‭ ‬السلطات‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬باسمه‭ ‬يصل‭ ‬السياسيون‭ ‬الى‭ ‬المناصب‭ ‬العليا‭ ‬اليوم‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بحقوق‭ ‬التحقيق‭ ‬والاستجواب‭ ‬في‭ ‬المرامي‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬المسؤول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تطبيقه‭. ‬

هكذا‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬انه‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬قانون‭ ‬وسيادة‭ ‬وأمل،‭ ‬وعدالة،‭ ‬وكرامة،‭ ‬ومسؤولية‭. ‬

زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الى‭ ‬موقع‭ ‬مجزرة‭ ‬جبلة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬بابل‭ ‬وحضور‭ ‬مجلس‭ ‬عزاء‭ ‬الشهداء‭ ‬المدنيين‭ ‬العشرين،‭ ‬خطوة‭ ‬قيادية‭ ‬مسؤولة،‭ ‬ستكون‭ ‬تحت‭ ‬عيون‭ ‬التمحيص‭ ‬والمتابعة‭ ‬والمساءلة‭ ‬من‭ ‬العراقيين،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أضعف‭ ‬الايمان‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬والسنتهم،‭ ‬لاسيما‭ ‬عندما‭ ‬جرى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تكليف‭ ‬رئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الامن‭ ‬الوطني‭ ‬بتقديم‭ ‬تقرير‭ ‬عن‭ ‬تنقية‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتحديد‭ ‬صلاحياتها‭ ‬ومرجعياتها‭ ‬ومسؤولياتها‭ ‬بوضوح‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬العراقي‭ ‬الضائع‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬يستخدمها‭ ‬لإرهاب‭ ‬الشعب‭ ‬تحت‭ ‬بنود‭ ‬قانون‭ ‬الطوارئ‭ ‬المعيب‭ ‬بقاؤه‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬تدعي‭ ‬انها‭ ‬مستقرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دستور‭ ‬دائم‭ . 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com

مشاركة