بناء علاقات العراق الخارجية و جدلية المحاور – طارق عبد الحافظ الزبيدي

بناء علاقات العراق الخارجية و جدلية المحاور – طارق عبد الحافظ الزبيدي

كلية العلوم السياسية/جامعة بغداد

لا يخفى على المختص في العلاقات الدولية ان بناء العلاقات مسألة ليست سهلة بل تحتاج الى جهود دبلوماسية و سياسية على و قد تستغرق مدة زمنية على خلاف قطع العلاقات لا تحتاج الى وقت بل قد تحدث في لحظة من الزمن و لا تحتاج الى ذات جهود البناء بل يمكن تحقيقها نتيجة تصريح او موقف سياسي  بين دولتين او اكثر ، و عانى العراق و لا زال يعاني من مشكلة التصريحات و المواقف غير الرسمية  و اثرها على علاقات العراق الخارجية الاقليمية و الدولية .

التساؤلات كثيرة حول مستقبل العراق في ظل وجود التحالفات المتعددة اقليمياً ( التحالف المصري- السعودي- الاردني )  و ( التحالف القطري – التركي ) و ( التحالف الايراني – السوري ) و غيرها من التحالفات ، اين موقف العراق من هذه التحالفات ؟ هل الموقف الحكومي الرسمي يمثل الموقف الشعبي ؟ ، هل هناك مصلحة للعراق ان يدخل ضمن محور من هذه المحاور ؟ ام ان المصلحة الوطنية العليا تتطلب ان يكون العراق على الحياد من الجميع ؟  ، على المستوى الدولي هل من مصلحة العراق الدخول ضمن المحور الروسي – الصيني  ، او ضمن المحور الامريكي- البريطاني ، ام بقاءه ضمن الحياد على المستوى الدولي ايضاً ، و هل هناك اضرار لسياسة الحياد اقليمياً و دولياً ؟ .

دول الجوار

العراق سعى و ما زال يسعى الى اقامة علاقات اقليمية و دولية متوازنة و لكن هذه المهمة ليست سهلة كون العراق يخضع لضغوط و قيود تفرض عليه اتباع سياسات معنية مع دول الجوار على المستوى الاقليمي و مع دول الكبرى على المستوى الدولي  ، فعلى مستوى العلاقات الاقليمية قدر العراق جغرافياً يقع على خط التماس في الصراعات التقليدية التاريخية بين تركيا و ايران ، ولازال العراق يقع ضمن منطقة الصراعات الاقليمية و منها  الصراع العربي – الايراني و الصراع الايراني- الاسرائيلي ، فضلا عن الصراع الدولي بين ايران و اميركا ، طبيعة هذه الصراعات تفرض عل العراق ان يكون ضمن منطقة الحياد بمعنى ان سياسة الحياد مفروضة على العراق و ليس خياراً و رغبة عراقية ، بسبب طبيعة الصراع الطائفي الذي يؤثر على العراق داخلياً اذا ما دخل العراق ضمن احد المحاور المتاحة ( الايراني او العربي ) ، و سياسة عدم دخوله ضمن المحاور الدولية المحور الروسي او الامريكي و غيرها ايضاً مفروض و ليس خياراً و رغبة عراقية ، كون ان العراق لا يمكن له ان يدخل ضمن محور مفروضة عليه عقوبات مثلا المحور الروسي او الصيني ، كون الدخول في هكذا محاور سوف لن تساعد العراق بل تزيد عبئ على اعباءه .

صحيح الواقعية السياسية تحتم على العراق ان يذهب ضمن سياسية الحياد ، ولكن سياسة الحياد بالرغم من ايجابياتها الانية و لكن لسياسة الحياد تداعيات سلبية على المستقبل القريب لعل من ابرزها ما يلي:

-عسكرياً سياسة الحياد سوف لن توفر وجود حليف قوي يدافع عن العراق عسكرياً عندما تتطلب الحاجة ، خاصة و ان العراق لم يستطع ان يكمل بناء المؤسسات العسكرية و الامنية خاصة ان العراق لغاية الان لم يتكمن من بناء قوة جوية لحمية اجواءه و لم يتمكن من بناء قوة بحرية لتدافع عن مصالح العراق في منطقة الخليج العربي .

-اقتصادياً سياسة الحياد لا توفر للعراق حليف اقتصادي قوي يساعده في وقت الازمات الاقتصادية العالمية ، و مهما تمتلك الدول من قوة اقتصادية فهي تحتاج الى التعامل مع  النظام العالمي المصرفي ، و قد يحتاج الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي ، و قد يحتاج الحلفاء عند حدوث الكوارث الطبيعة و غيرها .

معلومات امنية

– امنياً سياسة الحياد لا تمكن العراق من الحصول على المعلومات الامنية الكافية لغرض التعامل مع القضايا الامنية الاقليمية خاصة التنظيمات الارهابية العابرة للدول و للقارات .

– سياسياً سياسة الحياد تمنع العراق من ان يمارس ادوار مهمة ، كون الحليف القوي خاصة اذا ما كان ضمن الدول الكبرى او الدولة العظمى يساعد العراق في ان يمارس ادوار مهمة سياسياً اكثر من الادوار التي يمارسها  و هو في سياسة الحياد .

في جميع دول العالم الدخول في المحاور و التحالفات لا تعني بالضرورة هو اختيار لحليف بالضد من حليف اخر ، او هو بمثابة اعلان حرب ضد الاحلاف و المحاور الاخرى ، على سبيل المثال لا الحصر مثلا انضمام اي دولة اوربية الى الاتحاد الاوربي لا يعني ذلك انها دولة اصبحت تعادي روسيا ، و انها ضد مصالح الولايات المتحدة الامريكية ، على خلاف سياسة المحاور في الشرق الاوسط الدخول في اي محور هو بالضرورة اعلان غير معلن للعداء تجاه التحالفات و المحاور الاخرى ، كون العلاقة قائمة على اساس الصراع و ليس التنافس .

مما سبق يتضح ان علاقات العراق الخارجية الاقليمية و الدولية مقيدة بعدد من القيود التي لا تسمح للعراق ان يبني علاقات استناداً الى المصلحة بل العلاقات سوف تبنى على اساس العاطفة و سياسة الارضاءات الاقليمية و الدولية  و التوازن بين رغباتها  ، مما يعني ان العراق سوف لن يستفاد من سياسة المحاور ( كونه خارجها )  و لن يستفاد من سياسية الحياد ( كونه جزء من الازمة ) ، و سوف يبقى يتبع سياسة توخي الحذر في التعامل مع اي محور اقليمي او دولي خاصة وان صانع القرار الرسمي في العراق مقيد بالموقف الشعبي الذي يتبنى موقف شعبوي في تحديد السياسة الخارجية ، خلاف الموقف النخبوي الغائب او المغيب .

مشاركة