بساط من الأزهار البريَّة على‮ ‬تلول الكريستال‮ ‬- نص شعري – غزاي‮ ‬درع الطائي

بساط من الأزهار البريَّة على  تلول الكريستال – نص شعري – غزاي درع الطائي

 ما عندي نَفْسٌ

نفسي اقتلعتْها ريحُ الأحزانْ

ويُحزنُني تسآلي :

هل أنا إنسانْ ؟!

أتألَّمُ

أتألَّمُ

أتثلَّمُ

لا أعرفُ مع مَنْ أتكلَّمُ

أأعلمُ أم أنا لا أعلمُ ؟

أأعرفُ أمْ أنا لا أعرفُ شيئاً ؟

أعرفُ أنَّ الحلوةُ

حتى لو خرجَتْ دونَ أساورَ ودونَ قلائدَ ودونَ أقراط

هي حلوة

أقولُ قولي وأرجو ممنْ يسمعُني

أنْ لا يذهبَ به الظَّنُّ إلى أنّني

أتحدَّثُ عن الحلواتِ والأساورِ والقلائدِ والأقراط

لا

أنا أتحدَّثُ عن ( سقراط )

( سقراطِ ) الذي لا يعرفُ سوى شيءٍ واحدٍ

هو أنَّهُ لا يعرفُ شيئاً

و( سقراطُ ) صديقي مذْ كنتُ صغيراً

أرعى الغنمَ على حافاتِ ( تلولِ الكريستالِ )

منتشياً بمرأى العشبِ المختلطِ بما لا يقلُّ

عن عشرةِ أنواعٍ من الزهورِ البرِّيَّةِ

حينها كان العشبُ فراشي

وديوانُ المتنبّي مِخَدَّتي

وكنتُ أستيقظُ على وشوشةِ الماءِ في نهرِ ( العكرِ )

وهو ينحدرُ نحو ( البهرزاويَّةِ )

فأنهضُ على عجلٍ

لأبحثَ عن غنمي التي تفرَّقَتْ يميناً ويساراً

وقريباً وبعيداً

و( سقراطُ ) معي ،

يتمدَّدُ الزمانُ و( سقراطُ ) معي

أجلسُ معهُ

وأسألُهُ عن أسعارِ النِّفطِ وأحوالِ الطَّقسِ

وأبوابِ الميزانيَّةِ

فيضحكُ

يضحكُ سقراطْ

وأنا غيظاً أشتاط ،

السِّرياليةُ هي الدَّولةُ

و( بيكاسو ) هو االسُّلطانْ

ومجنونٌ مَن يتحدَّثُ عن تعادُلِ كفَّتَي الميزانْ

يمرُّ الشُّهداءً

يمرُّ المغدورونَ

يمرُّ المنسحبونَ

يمرُّ المهزومونَ

ويقولُ النّاطقُ : إنَّ القادةَ معذورون

قلبي على الهواءِ

وأحلامي على الماءِ

لا شيء يحملُني على قولِ الشِّعرِ

سوى الحبِّ

أنا لولا الحبُّ ما قلتُ شعراً

وأنا أتمنى من الذين يقرأون أشعاري

أنْ تكونَ لهم شهيَّةٌ

كشهيَّةِ الصِّغارِ الذين يتسلَّقونَ أشجارَ التّوتِ

لأكلِ ثمارِها اللذيذةِ

نعم أنا أتحدَّثُ

ولكنْ لا أتحدَّثُ عن الأوزونِ

فذلك خرابٌ متكرِّرٌ

ولا أتحدَّثُ عن الأوزانِ

التي بيعتْ بسعرِ الدِّنانِ

ولا اتحدَّثُ عن الشِّعرِ الموزونِ

الذي ليس في أغلبِهِ سوى الوزنِ

على الرُّغمِ من أنَّ الزَّمنَ

زمنُ فقدانِ الوزنِ …

أتحدَّثُ عن أولئكَ الذين يجمعونَ أحلامَنا

ويُشعلونَ بها النِّيرانْ

ويتدفَّأون بسعيرِها

ويرسلون إلينا الدُّخانْ

أتحدَّثُ وأنظرُ حولي

وأرمي كلماتي على مسمعِ ( سقراطَ )

وهو يفترشُ بساطاً من الزهورِ البرِّيَّةِ

على تلٍّ من تلولِ ( الكريستال ) :

1 . الوطنُ زينةُ الحياةِ .

2 . الكرامةُ قبل الإسمِ .

3 . الذَّهبُ يلمعُ حتى لو كان تحت التُّرابِ .

4 . الجبلُ قبل أنْ يصبحَ جبلاً كان تراباً

ولمّا تراكمتْ همومُهُ وصعدَ بعضها على بعضٍ

أصبح جبلاً .

5 . الحرِّيَّةُ بحيرةُ دمٍ محاطةٌ ببستانِ شِعرٍ .

6 . شيئانِ لا يمكنُ أنْ يُكتما : الفقرُ والحبُّ .

7 . ثقبٌ صغيرٌ بإمكانِهِ إغراقُ سفينةٍ كبيرةٍ .

8 . الطُّرُقُ الجبليَّةُ تكثُرُ فيها المخاطرُ .

9 . لا حكمةَ بلا معرفةٍ .

10 . لا شيءَ أسوأ من الانقطاعِ عن الحبِّ ,

11 .العشبُ فراشُ المحبِّينَ

والنُّجومُ غطاءُ الحالمينَ

والوردُ رسائلُ غرامٍ كتبها عشّاقٌ مخلصون .

12 . مَنْ يريدُ أنْ يهدمَ حائطاً

عليه أنْ لا يضربَهُ برأسِهِ

فهل رأى أحدٌ رأساً هدمَ حائطاً ؟! .

13 . السلامُ بحاجةٍ إلى قوَّةٍ تحميه .

14 . لولا الرَّقبةُ ما ارتفعَ الرَّأسُ .

15 . الخُلُقُ الحميدُ شجرةٌ لا تسقطُ أوراقُها .

16 . من يُثبِّتُ قدمَهُ على الأرضِ

      لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يزحزحَهُ .

17 . ليلُ الظّالمِ طويلٌ

وربما اتَّخذَ في هزيعِهِ الأخيرِ

شكلَ مِقصلةٍ .

18 .شيئانِ لا يمكنُ أنْ يستغني عنهما أيُّ بيتٍ :

الملحُ والشَّرفُ .

19 .عندما تُلقى الفطيسةُ على قارعةِ الطَّريقِ

تتهالكُ عليها الغربانُ

20 . ليستْ كلُّ الأحلامِ متاحةٌ

أفتحلمُ حبّاتُ المطرِ

بالعودةِ الى غيمتِها ؟ .

21 . من المعيبِ أنْ يعثرَ المرءُ

بالحجرِ ذاتِهِ مرَّتينِ .

22 . لا يتكوَّنُ في الوطنِ

 إلا ما يكوِّنُهُ أبناؤهُ .

23 . البلادُ

كلُّ بلادٍ

بحاجةٍ الى مؤتَمَنٍ

يعرفُ الصِّدقَ والحقَّ والخيرِ .

24 . لا أحدَ يدافعُ عن المرءِ مثل يدِهِ .

ينظرُ ( سقراطُ ) نحوي

فأتوقَّفُ عن رمي كلماتيُ

ينظرُ ( سقراطُ ) إلى الشَّمسِ وهي تنحدرُ نحو المغيبِ

وينظرُ حولَهُ كمنْ يبحثُ عن شيءٍ ضائعٍ

ثم ينزلُ من على رأسِ التَّلِ

ويتَّجهُ إلى نهر ( العكر )

وهناك ينزعُ ثيابَهُ

ويقفزُ إلى النهرِ

منحدراً مع مياهِهِ إلى البعيدِ

البعيدِ

البعيدِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يقول سقراط : ( إنّي أعرفُ شيئاً واحداً هو أنّي لا أعرفُ شيئاً ) .

ـ ( العكر ) : هي قرية الشاعر ، التي يمكن الوصول اليها بعد اجتياز ( تلول الكريستال ) المطلَّةِ عليها ، وتقع على بعد عشرين كيلومترا عن بعقوبة ، و( البهرزاويَّة ) هي القرية المجاورة لقرية ( العكر ) .