فاتح عبد السلام
هل تعني العقوبات الامريكية الصادرة ضد السياسيين في العراق شيئاً كبيراً وخطيراً، له أهمية ملموسة؟
هذا السؤال يفرض نفسه في كل مرة، تقوم بها واشنطن بمعاقبة افراد او جهات في المشهد السياسي العراقي، ذلك انّ اغلبية المعاقبين، وربما جميعهم لا يزالون ينالون أعلى المناصب ويسهمون بقوة في تشكيل الخارطة الانتخابية والسياسية فضلا عن الوزارية ولهم نفوذ مسلح في الواقع لم ينقص منه مثقال ذرة من خردل، وبات شائعا بين أوساط عراقية عدة ،انّ العقوبات الامريكية هي تزكية لـ»نوع» من «الوطنية» المطلوب وجوده في هوية أي سياسي له فرصة في العملية السياسية التي كانت الإدارة الامريكية اول مَن صمّمها وأطلقها قبل ان تخرج عن السكة المرسومة.
العقوبات التي تنال من الجوانب المالية للمعاقبين، تبدو ذات مواصفات أوربية أو أمريكية حصراً، ولا تنطبق على حالات كثيرة، ذلك انّ السياسيين في العراق يتعاملون مع بنوك محلية ومكاتب صيرفة وبنوك في دول الجوار، فضلا عن ثقافة وضع الأموال في البيوت والخزانات الشخصية نقداً كما وردت إليهم نقداً او استهلاكها في أموال غير منقولة بالداخل. وهؤلاء جميعا لا يتعاملون مع جهات مالية تخضع للقوانين أو الرقابة الامريكية. وهناك حالات لا توجد فيها أسماء حقيقية، فالمعاقب له اسم غير حركي يتعامل به في الخارج عند الاضطرار.
بعبارة أخرى، العقوبات الامريكية هي مضيعة للوقت والجهد وضربة لا تخيف أي مستهدف بها في العراق، والدليل ما كان من عقوبات سابقة على اشخاص لا يزالون في أوج صورتهم ونفوذهم وأموالهم.
هل تستطيع العقوبات الامريكية أن تمنع السياسي المعاقب من الترشيح للانتخابات أو مزاولة العمل السياسي بوصفه» فاسداً أو ارهابياً» في التصنيف الأمريكي مثلا؟ الجواب واضح، وهو انّ الأعراف أو القوانين العراقية لا تسري عليها قوانين دولة أخرى، هذا هو المتعامل به في مجال المُعاقبين أمريكياً والذين هم مكرمون محلياً.
كان يرد دائماً في تبرير صدور العقوبات عن الخزانة الامريكية في السابق والوقت الحالي، وجود الفساد وتهديد المصالح الامريكية بتأثير من نفوذ إيراني، وهذان سببان لا يعير لهما المشهد السياسي المحلي الأهمية الكبيرة، لكنهما عاملان لا يمكن تجاوزهما في إحراج اية حكومة تتصدر الواجهة الرسمية. و المعاقبون يتحدثون يرددون في مجالسهم الخاصة « بالريش».
رئيس التحرير-الطبعة الدولية