بادتبيرا مدينة نزلت إليها الملكية قبل الطوفان

بادتبيرا مدينة نزلت إليها الملكية قبل الطوفان
فؤاد يوسف قزانجي
باد تبيرا مدينة في بلاد الرافدين، وتعد من اقدم المدن في العالم، انشأها السومريون في الالف الرابع قبل الميلاد،وتقع بين مدينتي اوروك و لكش في جنوب العراق اليوم. وبحسب قائمة الملوك السومريين، فان بادتبيرا تعني ذات الاسوار النحاسية. كانت ثاني مدينة من بين خمسة مدن، اعطت لهم الالهة، الملوكية قبل الطوفان. وقد وردت نشأتها في رقيمين، احدهما يذكرها مع قصة الطوفان، على النحو التالي بعد ان كانت الالهة انو وانليل وننخرساك، قد خلقوا ذوي الرؤوس السوداء السومريون واسسوا المدن واعطوا لها اسماؤها الاولى، تلك هي اريدو التي تعود الى القائد نوديمود واعطوا الثانية وهي بادتبيرا الى نوكك، واعطوا الثالثة وهي لاراك الى بابلساك ، واعطوا الرابعة سيبار الى اوتو ، واعطوا الخامسة شروباك الى سود . ثم بنوا المعابد بالمعاول والمساحي، وبنوا ضفاف النهر الكبيرة. وفي نص سومري آخر عن مدينة باد تبيرا يشير الى ان في بادتبيرا حكم اينمثلونا، وحكم بعده اينمنكالانا،ثم حكم دوموزي الراعي وبعده حكم ثلاثة ملوك، وبعد ذلك هجرت بادتبيرا ونقلت ملوكيتها الى لاراك. وهكذا ايضا بالنسبة الى المدن الاربعة الاخرى. ولم يمض الف ومائتي سنة حتى توسعت البلاد، واصبحت تخور كالثور بالبشر، فانزعج من ضجيجهم الاله انليل، وقال لقد اصبح للبشر صخب علي،، ولذلك قرر انليل ان يحل بالارض الطوفان.
تقع مدينة بادتبيرا في تل المداين بين بلدة الشطرة وموقع تل سنكرة لمدينة لارسا العتيقة في جنوب العراق. سماها الاكديون بعد ذلك دور كوكوري ،وسماها الاغريق بانتي ببلوس وقد تسمى ايضا باتيرا ، وخاصة عند كتاب امثال ابيلاينوس وابولودورس الاثيني وكذلك بيروسس الارامي البابلي الذي كان اسمه برعوشا،والذي عاش في العصر السلوقي. ويذكر عن المدينة نص قديم آخر يعود الى ملحمة نزول الالهة انانا الى العالم السفلي ان معبد بادتبيرا المسمى اي مشكلاما ، كانت تسكن فيه راعية الاله لولا . 1
وتذكر قائمة الملوك السومرية ان دموزي كان ملكا على الدويلة المدينة باد تبيرا، وقد خلفه الملك اينمن لوانا. ونعرف من رقيم آخر ان دموزي بعد موته عاد الها للمدينة يمثل الخصب وعودة الحياة للزرع ،وكان يموت في كل صيف ويعود في الربيع اي في شهر نيسان . واصبح الاله دموزي من اشهر الالهة في العراق القديم والشعوب السامية.
ان هذه المدن الاولى الخمسة مذكورة في العهد القديم، التي يؤشر الباحث جون فان ستيريس Van Seters بان التاريخ اليهوي في التوراة قد وظف جزءا من النصوص السومرية عن الطوفان توظيفا دينيا مقدسا.
كان الملك في ذلك العصر يسمى ابوكالو اي الكاهن الملك او الحكيم العظيم الذي كان واجبه ايصال رسالة الالهة الى الناس، اي اشبه بحكم اوليكاركي ديني .
ان نص الاخوة المسماري يشير الى ان انتمينا ملك لكش قد قام ببناء معبدا للاله دموزي واينانا في بادتبيرا باسم لوكال اي موش. وقد استولت على هذه الدولة المدينة بعد فترة، مملكة لارسا في عهد ملكها سين ادينام الذي ادعى انه بنى لها سورا. ثم احتلتها مملكة ايسن في عهد ملكها الشهير لبت عشتار الذي عرف بقوانينه الاولى والذي يذكر انه بنى في بادتبيرا معبدا دعاه بيت الصلاح . 2
كانت الهة الدويلة المدينة بادتبيرا هم دموزي ونانار وسين ونوكيك وربما ايضا انزو. ويذكر ان زيوسودرا الرجل الحكيم كانت قد طلبت منه الالهة ان ينقذ الانسان والحيوان من الطوفان بعد ان يصنع فلكا لذلك. ويعرف زيو سودرا في النص البابلي بانه اوتانبشتم كما جاء في ملحمة كلكامش. واسمه في العهد القديم نوح وانتقلت رواية نوح فيما بعد الى التراثين المسيحي والاسلامي كذلك،والى معظم حضارات العالم القديم، وهكذا فان المعرفة الانسانية هي معرفة تنتقل من جيل الى جيل،ومن شعب الى شعب. ويخلص المؤرخ الفذ صامويل كريمر في نهاية تعليقه حول انتقال المعرفة الرافدينية الى العبرانيين قائلا ومع ذلك فان هذه القصص المتماثلة مع الميثولوجيا الرافدينية،توفر عددا من المعاني المتطابقة مع موضوعات العهد القديم مثل قصة الجنة، وشجرة المعرفة، والطوفان وغير ذلك.
وفي نص آخر عن بداية الحضارة في بلاد الرافدين قبل الطوفان وعلى لسان زيوسيدرا نوح السومري
بحسب امنياتهم، الالهة
فان عرش الملوكية، نزل من السماء،
ومعه الشرائع كاملة،حيث الطقوس الالهية التي تمنح النشوة الروحية،
في الاماكن النقية، وجدت خمسة مدن الاولى اريدو والثانية بادتبيرا والثالثة. . .
تلك كانت مراكز للعبادة،
هذه المدن الخمسة تضيئ من داخل مواطن العبادة التي تضمها،
بسناء ازعج الالهة
وعند الطوفان،فقد جرت المياه لتغطي كل البلاد… 3 .
وبعد الطوفان لم تظهر مدينة بادتبيرا بل ظهرت خمس مدن اخرى في سومر كيش و اي انا اوروك و اور و ماري واكشاك، و يعني بناء مدينة ماري، ان السومريين قد وصلوا الى شمال سوريا، وفي وقت مبكر.
/5/2012 Issue 4201 – Date 16 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4201 التاريخ 16»5»2012
AZP09

مشاركة