ايها الولد الرسالة الثالثة والثلاثون – مقالات – ناجي التكريتي
ربما القي تحت انظارك كلمات، تنثر افكاراً معينة قد اوردتها من قبل، من غير ان أولي ذلك اهتماماً او تحقظاً.مهما يكن من شيء، فان التذكير بوجوب السير في دروب الخير فضيلة، وان التكرار لا يضير بقدر ما يعود بالنفع، ولا سيما اذا قيل باسلوب جديد، قد يكون اكثر نصاعة وبياناً.ايها الولد– انت تسعى دائماً لان تحيا حياة سعيدة، يكللها الأمن والرضا عن النفس، وتشملها البهجة والسرور.اعتقد انني لا آتي بجديد، اذا ما أعلمتك انك انسان، وهذا يعني ان حياتك كنها موقوفة على المدركات الحسبة والمعارف العقلية.ايها الولد– كن معتدلاً موضوعياً في نظرتك للاشياء، فلا تتطرف مع مثل افلاطون ولا ان تتواضع وفق واقعية ارسطو.تذكر دائماً انك انسان لك حس وعقل، وبقدر ما يميل الحس الى وقائع الاشياء المادية، يحاول العقل ان يرتفع بك الى الحقائق العقلية وهكذا كتب عليك ان تجيد فن الإعتدال في التوازن بين مطالب الحس وارشادات العقل، لتحيا حياة سوية، لا افراط فيها ولا تفريط.ايها الولد– حاول جهد امكانك التوفيق بين رغباتك الجسديه ونوازعك العقلية لتعيش عيشة راضية، من دون إنحياز او تطرف الى قوة معينة من القوتين الجارتين، فتحيا حياة لا راحة فيها ولا استقرار.ايها الولد– لا يذهب بك الظن، انني اوصيك بالتساوي بين قوة الحس وقوة العقل، ولذا لابد ان اضع امام انظارك ان قوة الحس مادية جسدية، قد تتغير وتتبدل، أو تنقاد الى مهاوي الانزلاق في درب المشرور.العقل وحده الذي هو قائد فصل في الاحكام وانك اذا سرت وفق ما يشير اليك به العقل لن تندم ما حييث.ان العقل مصدر كل خير، اذا ما زودتة بالحكمة منذ نعومة أظفارك، واجدت استعمالها باستقراء الجزئيات، واستنباط الاحكام.قد يصيبك شر، فتتهم الحظ او القدر، من غير ان تدرك الاسباب والمسببات.اعلم- ايها الولد- ان كل شيء يسير وفق مقاييس مظقية، لا خلل فيها ولا ظلم ولا اجحاف.الانسان هو الذي يظلم نفسه، حين لا يلتزم بقوانين العقل، ولا يسير وفق حسن التدبير.اعلم ان سوء الحظ يقبل على من يسيئون استعمال القوانين المنطقية التي يقررها العقل، وان ما نطلق عليه مصطح المصادفة، فهي نتيجة تتابع جزيئات متلاحقة، تأتي تباعاً وتصطدم بجزيئات اخرى، وفق قانون غير مرئي عند قوم يدركون.
