انقلاب الكتب
عوّاد ناصر
معرض للكتاب المصري هو الأول بعد ثورة الربيع المصري، ومثلما توقع كثير من محبي الكتب والمهتمين بشؤونها، قراءة وكتابة، زادت كمية الكتب الدينية والتراثية ومفسرة الإحلام والتي تعلم السحر وكتب الأطفال وانحسرت الكتب الإبداعية والتنويرية والفكرية التي تثير الجدل وحلت محلها تلك التي تثير الدجل في المجتمع المصري.
أقيم المعرض في منطقة شعبية تسمى فيصل جنوب غربي القاهرة وهو بديل لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي ألغي بسبب أحداث الثورة.
يسجل للمعرض والقائمين عليه أنه أقيم في منطقة شعبية لم تعتد هذا النوع من الأسواق و التسوق حيث الناس البسطاء الذين رأوا فيه حدثاً ثقافياً جديداً، رغم محدوديته وقلة عدد الدور المشاركة في المعرض وضعف الخيارات أمام الباحثين عن الكتب الأخرى .
أما بشأن المستوى الفكري» التثقيفي للكتاب فيبدو أن صورة السياسة هي التي تغطي على صورة الثقافة، وكما تعلمنا من التاريخ العربي المعاصر، فإن الانقلابات السياسية والعسكرية تجد صداها فوراً لتحدث الانقلاب الثقافي، فما أن تأتي حكومة جديدة بدل الحكومة السابقة حتى تسارع لترويج كتب تعتقدها مناسبة أو لا تحمل مضامين مخالفة أو مختلفة مع نهجها السياسي، وهذا يحدث حتى لو كانت الحكومة الجديدة منتخبة وكثير من شهود العيان عبروا عن انقلاب الكتب وأشاروا إلى أن الكثير من الكتب القديمة التي كانت تعرض في زمن حسني مبارك قد اختفى من الأسواق وحلت محلها كتب أخرى ومن بينها كتب الأخوان المسلمون .
من ناحيته يؤكد أشرف إمام مسؤول النشر بدار الأردن للكتب أن الدار الأردنية الأصل قررت المشاركة في المعرض مثل بعض دور النشر العربية الصغيرة رغبة منها في
يقول رفعت سعيد، حسب تقرير نيللي عزت القاهرة لحساب دويتشه فيله وهو من دار نشر الصميمي السعودية، يقول إن المعرض لم يحقق المرجو منه لغياب الناشرين الكبار ومعظم الجمهور المصري الذي يرى صعوبة الذهاب إلى منطقة فيصل المزدحمة وهو يعلم أنه لن يجد معظم الكتب التي يبحث عنها غالباً لصغر حجم المعرض. ويؤكد سعيد أن القارئ الجاد المثقف غاب عن هذا المعرض، وحل محله القارئ الذي وصفه بـ الشعبي ، بدليل كثرة مبيعات كتب التفاسير والطبخ ولعب الأطفال.
لكن لأحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب رأي آخر دافع فيه المعرض وعده ناجحاً حيث أن الإحصائيات حول الأيام الأولى لزوار المعرض تصل إلى 9 آلاف زائر ووصلت مبيعات هيئة الكتاب إلى أكثر من 25 ألف جنيه في الأسبوع الأول فقط. ويرى أن إقامة معرض للكتاب في منطقة فيصل يصب في مصلحة حركة النشر وتغيير العادات والابتكار بعد الثورة، مؤكداً أنه لم يضع أي شروط رقابية على الكتب لأن سقف الحريات الآن اتسع، وأن المعرض جزء من فكر وزارة الثقافة بعد الثورة بتوصيل الكتاب للقارئ في كل مكان. ويؤكد أن هناك عدداً من الإصدارات حول الثورة، لكن الوقت كان قصيراً لإصدار أعمال كثيرة، مشيراً إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب سيقام في موعده كانون الثاني يناير المقبل وسيشهد عدداً كبيراً من الكتب عن الثورة المصرية التي تكتب وتطبع حالياً.
الكتب، مثل البشر قد تتعرض للسجن والتغييب والتهميش وحتى القتل، لكن تاريخ القراءة زاخر بالكتب الظافرة التي استجابت لحركة الحياة وتقدمها، والتي راكمت معارف البشرية ووضعتها على طريق التطور العلمي والأدبي والفني، وثمة كتب خائنة، ومزورة، لم تصمد طويلاً في كفاح الإبداع، وهذه هي أحوال التفكير والتكفير، وذلك هو انقلاب الكتب .
/9/2012 Issue 4301 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4301 التاريخ 11»9»2012
AZP09