انشقاق الأسد

انشقاق الأسد
فاتح عبدالسلام
حين وصل الرئيس بشار الأسد عام 2000 إلى سدة الحكم في سوريا بعد رحيل أبيه بساعات، كان مصطلح الانشقاق هو أكثر المصطلحات المتداولة التي اعطت الشرعية المطلوبة في ساعتها لرئيس شاب بلا خبرة ولا تاريخ سياسي سوى إنّه ابن رئيس راحل.
وكان المتفائلون بحقبة جديدة في تاريخ سوريا يأملون أن يبدأ بشار الأسد عهده بالانشقاق عن نظام لم يحقق لهم شعاراً واحداً رفعه، وكانوا يمنّون أنفسهم بأنَّ الرئيس الجديد يعني عهداً جديداً وسيرة سياسية جديدة تحتاجها سوريا التي أثقلتها هموم وانزلاقات محلية واقليمية كبيرة. وكان لدى كثير من السوريين مخاوف مؤكدة من قوة سيطرة الحرس القديم على مقاليد الدولة واصرارهم على استمرار وجودهم ضدّ أيّ مسعى للاصلاح، بيد انَّ السوريين كانوا أيضاً مليئين بثقة مصدرها قد يكون تعلقهم بالقشة في إنَّ عهد جديداً قد بدأ، وإنَّ الحرس القديم سيخسر نفوذه بعد سنة أو سنتين.
النقطة المستعصية انَّ السوريين واجهوا ترويجاً كبيراً لمفردة الاصلاح مع مجيء الرئيس الشاب لكنّهم لم يروا من الاصلاح شيئاً على الأرض . بل إنّهم شهدوا محاولات الرئيس قضم المساحة الافتراضية للاصلاح لصالح الحرس القديم وكانت البداية مع جماعة ربيع دمشق .
وكان ملف لبنان الذي أوغل فيه الأسد الأب مفتوحاً على مصائد عديدة ليقع فيها الأسد الإبن في اطار سياسية واحدة لم تتغير، وكان لبنان الباب الأول الذي فتح نيران الجحيم على سوريا، عبر مزيد من التخبط في معالجة الملف اللبناني بوصفه لدى النظام ملفاً داخلياً حصرياً، حتى صدر القرار الدولي الملزم بانسحاب الجيش السوري من لبنان عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
ولم ينتهز الأسد النكوص في لبنان للالتفات إلى الداخل السوري وتحقيق انفراجة سياسية فيه قد تقيه من الآتي الأصعب.
ثم جاءت حادثة درعا ليفشل الأسد في أوّل اختبار حقيقي كان بإمكانه لو نجح فيه أنْ يوقف نزيف الدماء مبكراً ويطوق جانباً من أزمة كبيرة لاسيما اذا عززّها بانفتاح سياسي، كان سيجمع رصيداً له في مشروع الخلاص من سطوة الحرس القديم والشروع بصفته رئيساً منشقاً عن مرحلة سيئة ليقود السوريين ومعظمهم من الشباب إلى مرحلة مختلفة في تاريخهم، قد تكون متعثرة لكنّها مرحلة جديدة تمنح السوريين ثقة بأنهم يبنون بلدهم عبر تبادل السلطة سلمياً بعيداً عن التهميش والطائفية والديكتاتورية.
لكن الوضع تدهور إلى أسوأ حال وصلت اليه بلد في الشرق الأوسط مرّت فيها الحروب الداخلية أو الخارجية، والسبب ان الرئيس الشاب لم ينشق
AZP20

مشاركة