انتقال العذراء إلى السماء

انتقال العذراء إلى السماء
فادي نظير
تحتفل الكنيسة بعدة أعياد خاصة بمريم العذراء ومنها عيد ولادتها وعيد حافظة الزروع وغيرها، ولكن عيد انتقالها إلى السموات يعد من أقدم وأروع الأعياد المريمية. وتحتفل به الكنيسة مع مؤمنيها في الخامس عشر من شهر آب من كل سنة، حيث يقوم المؤمنون بالذهاب إلى الكنائس لأحياء القداديس والمشاركة بالصلاة لله والشكر والتسبيح للعذراء. ويجري في هذا العيد تقليد قديم يقوم على تقديم الأطعمة والمعجنات من قبل المؤمنين في نهاية القداس، ومنهم من يذهب سيراً على الأقدام إلى احدى الكنائس التي تحمل أسم أمنا مريم العذراء. ومن أشهر هذه الكنائس، كنيسة مسكنته الواقعة في منطقة الميدان ببغداد، والتي تحتوي على قلادة وصورة العذراء العجائبية، وجرت العادة أن يبيت المؤمنون ليلة عيدها في هذه الكنيسة.
انتقال مريم العذراء، أي رفع الله لها بالنفس والجسد إلى السموات، هي عقيدة ثبتتها الكنيسة عبر تاريخها، ونعني هنا بالعقيدة تلك الصيغ التي توضح وتشرح مبادئ الإيمان المسيحي. فنحن لا نجد شيئا عن هذا الانتقال العجيب في الانجيل المقدس، غير بعض التقاليد القديمة والقصص والروايات الشعبية المحفوظة منذ القرن الرابع.
ارتبط هذا العيد في القرن الرابع والخامس بتذكار راحة أو رقاد مريم المصادف يوم 15 آب، وكان الاحتفال به يجري في قرية صغيرة تقع بين أورشليم وبيت لحم، حيث يعتقد أن مريم استراحت فيها قبل أن تضع وليدها يسوع أو عندما هربت به إلى مصر خوفا من ملاحقة الملك هيرودس انذاك. وبعد اكتشاف قبر مريم في أورشليم قبل سنة 431م، ارتبط هذا العيد باسم الكنيسة التي بُنيت فوقه، وهي كنيسة قبر مريم العذراء في وادي جتسيماني بستان الزيتون في اورشليم ، فارتبطت فكرة راحة وفاة مريم بفكرة انتقال مريم .
يروي لنا احد تقاليد الكنيسة المقدسة حدث الانتقال فعندما كانت مريم تصلي عند قبر المسيح ابنها في أورشليم، ظهر لها المسيح أو الملاك جبرائيل بحسب تقليد أخر ليخبرها بموتها القريب. فذهبت إلى بيت لحم لتصلي من أجل مجيء الرسل عندها لتراهم وتشجعهم قبل رقادها، فتحقق مجيئهم بطريقة عجيبة، واتوا من كل أطراف الأرض راكبين على سحابة كأنها مركبة للنقل. ولما جاءوا احاطوا بفراش مريم وحضر المسيح مع الملائكة واخذ نفس مريم معه وسط نور عجيب ورائحة طيبة. وعندما دُفنت مريم، حاول أحد اليهود واسمه يافونياس سرقة جثمانها، لكن يداه التصقتا بالنعش إلى أن جاء الرسول بطرس، احد رسل المسيح، وشفاه. وبعد مدة قصيرة اتى المسيح مع الملائكة ليحمل جسد أمه مريم إلى الفردوس. وهناك تقليد من القرن التاسع يضيف خبر وصول الرسول توما متأخرا إلى مكان الدفن طالباً أن يُفتح له قبر مريم ليلقي عليه أخر نظرة، وعندما فتحوا له القبر لم يروا فيه إلا ثياب الدفن تنبعث منها رائحة زكية طيبة. وهناك تقليد من القرن الثالث عشر يروي ان العذراء تركت للرسول توما، المتاخر في وصوله، حزامها ليكون برهانا على حقيقة انتقالها.
/9/2012 Issue 4294 – Date 3 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4294 التاريخ 3»9»2012
AZP07

مشاركة