انتصرتْ الثورة على المرأة
فليحة حسن
المتابع لإنجازات الثورات التي قامت في الوطن العربي والتي سميت من باب التفاؤل بـ الربيع يرى إن تلك الثورات بالرغم من إنها كانت تهدف الى التخلص من الظلم والاضطهاد والتهميش والاستلاب بقضائها على الدكتاتور الحاكم المستبد والعمل على إيجاد حاكم عادل بطريقة الاختيار والانتخاب.
يرى إن هذه الثورات بقياداتها المنتخبة الجديدة تركت كل الإصلاحات المطلوبة منها اقتصادياً ودستورياً واجتماعياً وسياسياً وكلّ الأحلام التي حلّقتْ في رؤوس المخططين لها والقائمين بها خلف ظهرها واتجهتْ الى شيء واحد لا غير هو المرأة ، وكأن المرأة هي المعطل لنهوض الأمة العربية والحائل المعيق دون وصول هذه الأمة العريقة الى ضفاف التطور
فشرع كلّ مَنْ وصل حديثاً الى سدة الحكم تحت مسميات تيار محافظ وآخر إسلامي وثالث متشدد ووو الى أخره الى صب جام غضبه على المرأة التي صار يراها عورة لابد من سترها أو وأدها، فصرنا نرى الطالبات وتحت تأثير السلفية في الجامعات التونسية تجلس على المقاعد الدراسة الجامعية وهي منقبة،وأخذ هذا الحاكم الجديد يتمادى بوضع متاريس وحجب حول عالم المرأة، ولم يتوقف عند المطالبة بإخفاء وجهها فقط، بل نراه يدعو ويسعى بكل ما أعطاه كرسي الحكم من قوة الى حجب وتعطيل وإلغاء عقلها أيضاً،
فنادى بحجاب الصغيرات لأن غالبية ذكورنا وكما يبدو مصابون بـ البيدوفيليا
ودعا للتصويت على قانون تزويج الصغيرات والزواج السياحي، والانكى من ذلك انه اشترى بعض النماذج التي تحسب على جنس المرأة جزافاً بفُتاة الموائد السياسية المسماة تحبيباً كراسي انتخابية تحت يافطة الجندر، لتنعق تلك الأصوات المشتراة والتي سمحتْ لنفسها أن تعلق صور أزواجها في الحملات الانتخابية المحسومة النتائج سلفاً بدلاً عن صورها كي لا يرى الناخب وجهها لأن هذا الأمر يوقعْ في باب المحظور، وتتعالى مطالبة بالعودة الى الشريعة الإسلامية وكأننا وطوال تلك المدة من الزمن لم نكن قبل اليوم مسلمين
فسمعنا من أولئك النائبات مَنْ تطالب بتزويج الصغيرات حتى قبل أن يبلغنّ العاشرة من العمر أسوة بنبينا الكريم حين تزوج عائشة أم المؤمنين وهي بنت التاسعة وربما اقل كي نظمن عدم تفتح أذهان أولئك الصغيرات على غير طاعة أزواجهنّ
وفي إحدى جلسات مؤتمر حقوق المرأة في مصر والدول العربية الذي انهي إعماله بالإسكندرية مؤخراً دافعتْ المستشارة نجوى الصادق نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والخبيرة بالمجلس القومي للمرأة بشدة عن قانون تعدد الزوجات وحجتها في ذلك إن التعدد جاء لمصلحة المرأة
وصرحتْ عزة الجرف بعد فوزها نائبة عن حزب الحرية والعدالة في مصر إن حقوق المرأة ستظل أكثر احتراماً في ظل حكم الحرية والعدالة، وانه لا صحة مطلقا عن إن فكر الإخوان يقف ضدها، لان الإسلام كان أكثر عطاء وتكريما للمرأة من أي قانون
وتتوالى تصريحات النائبات لتلتقي بغيرها من اللواتي ينادي بالسير وفق النهج الإسلامي القويم فتدعو النائبة الكويتية سلوى المطيري الى سن قانون الجواري وتطالب من الحكومة الكويتية شراؤهن من الشيشان لأنهنّ كما تبرر النائبة سبايا حروب، وذلك للحد من ظاهرة الزنا التي باتت تستشري في الكويت
والتصريحات هذه يمكن أن تقابل بأسئلة من مثل
مَنْ ترضى من النائبات بتزويج إبنتها قبل أن تبلغ سن الرشد؟
وكيف تضمن لهذه الصغيرة التي لما تزل تتلمظ بحليب طفولتها بعد أن تعيش حياة تتطلب منها بناء أسرة حقيقية متماسكة تشكل نواة صالحة لقيام مجتمع صحي من جميع جوانبه وأولها الجانب الأخلاقي؟
ومَنْ يضمن إن التشدد والقسوة لا ينتج إلا اعوجاجاً؟
ومن يقول أن إشراك المرأة في إدارة المجتمع ينتج عنه خللاً في ذلك المجتمع ونحن نسمع ونرى مجتمعات غربية كبرى وكبيرة تدير أهم مراكز القرار فيها نساء؟ ،
بل إن هناك مجتمعات ألغتْ المرأة فيها دور الرجل تماماً وصار الرجل فيها مجرد زائر ليلي مثال ذلك قرية موسو الصينية وان لم أورد هذا المثال كي يُحتذى به كوني المؤمنة بوجوب التكامل بين المرأة والرجل في مجتمع واحد وليس تسلط احدهما على الآخر
ومَنْ ترضى من النساء المصرحات من أن تشاركها امرأة أخرى أو أكثر في زوج اختارته كي تعيش معه كل شيء؟
بل مَنْ هي التي توافق على أن يكون لزوجها جواري يختار منها ما يشاء وساعة يشاء وتقف هي حيال هذا الأمر راضية مبتسمة ؟
أقول ربما هناك مَنْ يؤمن بأن الأنظمة الجديدة قد ينتج عنها أخطاء جديدة ولكن ليس خطأ جسيماً كالتعامل مع المرأة وكأنها عدو لابد من دحره لان الرجل ببساطة ليس سوى صناعة مجتمع يؤمن بتقاليد واهية، والذكوري مفهوم لا يظهر للعيان بغياب نقيضه الأنثوي،
وليس بغريب أبداً أن تقود النساء ثورتها لتجتاح كل أصقاع العالم العربي والإسلامي إذا لم تحصل على حقوقها المنصوص عليها في اتفاقية سيداو الموضوعة في ديسمبر 1979 وإذا لم ترفع تلك الاتفاقية عن وجوه الورق لتطبق على ارض الواقع الفعلي .
/7/2012 Issue 4243 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4243 التاريخ 5»7»2012
AZP09