امرأة كل العصور

امرأة كل العصور
الحب والحرب تحت الشمس
كرم الاعرجي
فيها من الوعي ما تدوّره رحى الحياة،لتفرز الصراعات بطاقاتها الفاعلة في الكشف، من اجل أن تخضل واحاتها بالسحر الجميل والأمل،وما هذه الشعرية الا صوت مميز بتراتيل هائمة، عاشقة، حالمة، مسكونة بحب الإنسان بمعناه الجمالي في الحياة، إنها ترمي خلف ظهرها كل مرايا الألم لتستبدلها،ولا تذرف دموعا عليها من خلال خيّلائها المحلّق في سماء هذا البعد الشعري الأنثوي المتفائل مع نرجسية الحس بفضاء الدهشة وحرارة الإيقاع الداخلي الموغل،حواء التي كتمت سرّ عبرتها جاءت بسبع سنابل شعرية تمثل المرأة من خلال سونيتات يعزفها الوقت في كلّ حبة من السنابل وحسب توقيتات الفهم لتفجير منصة الألم،إنها جرأة الأنثى في المجتمع العربي الذكوري، ومن خلال هذه المجموعة الشعرية البكر امرأة كل العصور للشاعرة سيليا حمادة يتجلى المنجز الإبداعي الأنثوي الذي تحلت به هذه الشاعرة المنقّبة بطين الجسد والخلق والجمال، من اجل كشف عورة كل مستور من الجمال في التعامل مع المرأة، جاءت محمولة على براق المحبة والسلام وفيض الأماني للإنسان، متسامية برقة الوجدان تصرّ حروفها بغشاء البحث الدائم عن الأبيض،في عالم يفيض مسوخا ودماء،لتهدي الجمال كصورة للمعنى بنسيج فني يؤسطر شاعريتها التي تتوسد فيه حيوية الكتابة المدركة للمحسوسات الجمالية بكل ما فيها من دلالات..ففي سنبلة امرأة كلّ العصور هي حوار الباطن المتخيّل بين سكون المرأة وخلودها في الحب..وتسلط الرجل الشرقي،مشيرة بأنه يمتلك القرار، إنها المرأة التي تحب آدم كثيرا ولا تهمل حبها له، إلا، أنها،تكره خيانته، محذّرة إياه بعدم استغلالها، وكما يقول ارنست همنغواي الحب مرض أخشى ما يخشاه المصاب به أن يشفى منه .
لا تتوهم انك تحيا
دون
دفء نجوم حبي
وإعصار ثوراتي
وجنوني…
وهكذا تستمر في حبات هذه السنبلة التي تختزل، حرائق الحب،قبلة القمر، واكتبني لؤلؤا،لتجعل من نفسها،
نقطة ضوء
ترسم حدود الأنوار
حتى قولها،
اكتبني أنت
أكتبك
أنت أنا
وجميل هذا التوحد في هذه الحبة المثمرة بالوصول المنسجم مع فورة الطاقة العاشقة لفضاء التبصير بهودج التوحّد..
أما قد تعشقك كل النساء هي بمثابة خطاب سري وروحي تتجاذبه دمعة الموت أمام أنوثتها، يا له من نبض منشغل بحريقها الذي يئن مع النبض، كل نساء الدنيا لاتفهم هذا العشق، لذا عليك يا آدم أن لا تنفي الاختيار ،
وتعلم
انك
بين ذراعيها
تموت..
نرجسية أنثى السنبلة التي أحبت شاعرتنا أن تجوب بحباتها وجع القصيدة وليل الشعراء في سونتة شغف وهي بمثابة رقصة سامبا طائرة على ضفاف البحر السري من نرجسيتها..
أؤرق ليل القصيدة
وتؤرق القصيدة
ليل الشعراء
إن أسلوبية النص في تنظيم المحاكات الداخلية وإطلاقها نحو العام،هو انزياح من اجل البحث المجلي لفضاء الصورة، انه شغل شاغل لنثر غرائز الاتصال مع الحول معطرة بنسائم المحبة الهادئة..
وحتى حبة لاتنتظر تشير نحو المدى الأعمق من مفردة الحب ولكأنّ هذه المخلوقة الأنثى هي من بثّت في قلب المعشوق الحب ونيرانه بالتراسل عبر النظرة خيالا، فكانت القبلات مهر بصمات الأنثى فآستوت على مساحته..إنها صريحة في فضح المستور، مخلصة وصادقة في تثوير الباطن، وهكذا تنتصر لروحها..،
عيناك لا تراني
هذا الإشعاع الفيضي المشاع في مخيلة الشاعرة جاء من خلال هذا الوصف الذي يغري المتخيّل بأن يتخيّل،
فلا تتأمل وجهي
ولا قوامي
ولا عينيّ وشعري
ولا تحلم
بطبع القبل
على وجنتي وثغري
حتى تركن للحظة خاملة في ترتيب سكونها عبر الخيال لتشير رغم استحضاره خيالا، انه لا يراها بعينيها وهي تراه،توجد نصوص يتصورها البعض بأنها تؤثر وتخدش الحياء ونحن نراها نصوصا مبطنة بالطهارة والنقاء…
وتستمر في مخاطبة الذات للذات والروح للروح بنداء منسوج من الوهم،ان محو المكتوب بطلب مرسل تستظل به الممحاة المهيأة أبدا لمحو الكتابة الخاصة بشرح أمانيها في جاذبية المعنى،
تكتبني
ثم تمحوني
المعنى الذي يشتعل مع الضمير تحت وطأة الانفصال، تقفز في سونيتة الوهم بأسئلة حائرة ومقصودة في التحرر، الأسر، السجن، السحر،
ويأسرك
سجين ابدي
في دهاليز سحري ؟
صورة حواء هذه يبقى مسكون بها ما يتناقض من الطبائع، الشر، الطيبة، وهذه سمات بشرية..
رسائل إلى آدم
سنبلة أنيقة في تشكيل المعنى بالمقلوب لصورة التخليق، انه خيال معترض على المألوف من التكوين، هذا الدخول لعتبة النص متحامل من اجل قلب المعادلة، وسارق لطاقة المخزون من أسرار آدم، لذا أحرقت كل الرسائل عندما تقول،
من رحم الحياة وجدت
وأنت مني
تتشكل
انه خرق جمالي لبنية الحياة، مهذب في تصوير سمات التشكيل رغم اعتراضي على قلب المضمون العام للوجود البشري..وبما إنها تريد من آدم أن يكون تابعا لها أو تجعله جزأ يوازيها في الحياة كمعركة للبقاء ..
كانت تفاحة واحدة
لا أكثر
وأنت
منذ ابد الدهر
تأكل كل يوم
تفاحة جديدة..
وما ثورة امرأة السنبلة الأخيرة من هذا الديوان إلا اختزال لموقف مضاد للرجل، والمقصود في ذلك سبيل للخروج من دوامة العطش السلطوي الذي يؤدي إلى تخريب كل شئ، التاريخ، الجغرافيا،بعبث غريزي لذات مسكونة بهاجس التدمير..
لذا بقيت المرأة تحارب من اجل قدوم فارسها الأبيض الذي يكحّل الأرض بالخضرة والنماء..
ونساء
لا زلن ينتظرن
فارسا منقذا
يأتي على حصان ابيض
يضع كنوز الأرض
تحت أسرتهن
المعنى الباطني ليس كرها بل حلما تشم من خلاله رائحة الفحولة وشمس التجديد في السلام،
إلا أنها في سي السيد تحدد اتهاماتها للرجل الشرقي،الذي تعتبره بقصدية بانه آفة تسلط عليها، لذا أقول للسيدة بأن هذا الجزء من النص مرتبط بالقيم وعليك ان تقولي، يفترض أن تكون الواجبات مشتركة،
طشت الماء جاهز
انقع قدميك
سأتي لتدليكهما بعد قليل
طبخت ما تحب من الطعام
الأولاد ناموا
لن يزعجك احد
لذا أحيلك إلى أحاديث مطروحة على رفوف المكتبات تجمع ولا تفرق..
موجة القدر حبة مراوحة،وانحسار بمفردة القدر الاجتماعي والسياسي باعتبارها موجة خيباتنا في الفشل، وحكمتنا بأحلام الصدف والذرائع التي تمليها علينا سياسات مبرمجة،وبأقلام موجهة..لذا قررت التمرد في قهوة مرة باحثة عن برجها الحر في متاه الإدمان،
قررت أن أتمرد قليلا واصفة ماهية ما تريد،
فأنا من برج
الحرية
زهرة غريبة
تضجّ
في ذهن اله…
وهكذا أصبح الفضاء الضوئي شامل ينسج الاختيار من الصدق لتشكيل الفن الجمالي للصور المخلصة للأدب الحقيقي، وما امرأة كل العصور إلا برعم ذوقي يتفتح، تتناثر حولها الفراشات لينمو من خلالها الشغل الباسل الذي تتنفس من خلاله طعم الحرية..وتبقى في حلق القلم غصة يرتبها القول بأنها خبأت مصوغاتها وزينتها تحت قنطرة الوهم في صراعها مع آدم بالاقتحام الخجول.
AZP09

مشاركة