اليمن.. مـاذا؟ ولمـاذا؟ – غسان عزام الدليمي
ما يجري في اليمن الان لا يسر الا اعداء الامة العربية وفي مقدمتهم القابعون في تل ابيب وبعض الدول الاقليمية، لان تحّول الخلاف الى حرب أهلية، وبدون ادنى شك تنفيذ للمخطط الصهيوني باشعال الحروب الاهلية، أنظمة وحكومات أو جماهير.
من هنا يتساءل أي عربي، ماذا يحصل في اليمن؟ ولماذا تطور الى مستوى الحرب الشاملة؟ ان الذي يحصل في اليمن الان هو قتال شامل يضرب منجل الموت فيه الجميع، ويخرب الكثير مما اخرج اليمن من عصور الظلام، ويُحرم شعب اليمن من ثروات وامكانات كان ينبغي ان تستخدم لتوفير المزيد من الخدمات والمواد الاساسيه.
ولكن: لماذا يحصل كل ذلك؟ ان الخلاف بين الطرفين المتقاتلين حول شكل الحكم وهياكل الوحدة اليمنية الطائفية، ومهما كان عميقاً، لا يسوغ ابداً اشتعال الحرب بين الطرفين، لأن أي اجتهاد أو اختلاف حول الصيغ والاشكال المعتمدة في التطبيق، هو أمر طبيعي، وهو ما أدركته القوى التي أقامت الوحدة جيداً وتحدثت عنه مراراً.
لهذا من حقنا، كمواطنين عرب أن نتساءل وبالحاح حول اسباب تحول الخلاف والأختلاف الى صراع مسلح سقط فيه الالآف من القتلى والجرحى وخربت ودمرت العديد من الثروات والمنشآت والأجهزة..الخ
ان ما يجري سببه الدور الخارجي والتدخل في تحويل الخلاف الى حرب أهلية طاحنة، وفي مقدمة تلك الاسباب والحقائق إن وحدة اليمن قد جاءت في اطار بداية نهوض قومي عربي جديد، كما كان للموقع الستراتيجي للوطن العربي وثرواته تستغل لخدمة مصالح الغرب ولضمان تفوقه، وللسيطرة على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر اضافة الى تجديد قبضتها وتحكمها بدول الخليج العربي.
كما نشأت في اليمن ولأول مرة تجربة ديمقراطية شعبية جمعت بين مختلف القوى والايدلوجيات في نظام سياسي واحد، شجع على بروزه عدم وجود قوه سياسية مركزية قامت بالدور الأساسي والحاسم في احداث التغيرات وحصول الانجازات الكبرى، ولكن حصل شيء أدى الى خلخلة كل هذا التوازن الداخلي في اليمن، إذ أُكتشف النفط في جنوب اليمن بعد ان كان مقتصراً على الشمال.
لذا وضع اعداء اليمن من العرب وبعض القوى الاقليمية بتفجير حرب أهلية يمنية طائفية مدمرة تحرق الأخضر واليابس وتولد أحقاداً وثغرات مستديمه تغذي صراعات تستمر لعدة عقود من الزمن.
ان القتال الطائفي والمذهبي والعشائري الراهن وخطة تطويره وتوسيعه وتجديده عمل تخريبي عدائي وتفجير الازمات لغرض استنزاف ثرواته عبر القتال وتراجع الدور السياسي لليمن وتحويلها الى تابع لبعض القوى الاقليمية، ولا يمكن النظر اليها احداثاً داخلية أو صراع محلي وان ما يجري في اليمن الان من احداث مؤسفة والتي مر عليها ما يقارب العامين ماهو الا تنفيذ للخطه الصهيونية واستكمال لمقوماتها الاساسيه، فلم يعد يكفي زرع الحقد والثارات والدفع الى محرقة الحقد والثارات الداخلية والعودة للتحصن بالعصبيه القبلية كبديل عن الرابطتين الوطنية والقومية .
والقتال دائر الان بين القوى الحكوميه والحوثيين في اليمن لن يكون فيه قطعاً أي غالب أو مغلوب.. وبالنتيجة فأن الخسارة ستطال الجميع، ويخرج اليمن من محنته هذه مثقلاً بالآلآم والمصاعب.. لكنه بالتأكيد سيخرج موحداً وسيعود الاستقرار ويخيب كل الآمال الشريرة وايجاد حل سلمي وحواري للأزمة وهذا مرهون بشعبه ووحدة كلمته والابتعاد عن الطائفية المدمرة.