بيروت -الزمان
صدر هذا الاسبوع في عمان وبيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب جديد للدبلوماسي العراقي السابق نواف شاذل طاقة تحت عنوان اليابانيون والعرب.. الإرادة المستقلة والمصالح المشتركة يستعرض الكتاب في مقدمته تاريخ اليابان منذ مطلع القرن السابع عشر عندما تسلمت زمام الحكم سلالة عرفت في التاريخ الياباني باسم توكوغاوا فدخلت في حروب دموية استغرقت زهاء ثلاثين عاماً تمكنت بعدها من توحيد البلاد عام 1630، لتنال مباركة الامبراطور فتحكم اليابان زهاء 250 عاماً. لعل أبرز ما ميّز هذه الفترة قرار اسرة توكوغاوا إغلاق اليابان وفرض عزلة على البلاد طيلة أكثر من قرنين سعت فيها اليابان إلى تجنب القوى الغربية التي كانت تمخر البحار بحثا عن المستعمرات. استمرت اليابان على هذا الحال حتى عام 1853 عندما كسرت سفن حربية أمريكية عزلتها، وفرضت عليها اتفاقيات اقتصادية مجحفة وامتيازات قضائية لرعايا دول غربية على أراضيها. يمضي الكاتب في استعراض تاريخ اليابان بعد الإهانة التي تعرضت لها على أيدي السفن الحربية الاجنبية لحين صعودها ثانية في القرن العشرين، لكنها سلكت نهجاً عسكرياً توسعيا أوصلها إلى نهاية مأساوية عام 1945 انتهت بتعرضها لهجوم بالقنابل الذرية تسبب باستسلامها للقوات الامريكية مرة أخرى.
سياسة اليابان الخارجية
أراد الكاتب لاستعراض تاريخ اليابان أن يكون مدخلاً لفهم اليابان وسياستها الخارجية بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن اعتبرها العديد من السياسيين والباحثين الغربيين واليابانيين، على حد سواء، أنها لم تمتلك سياسية خارجية حقيقية أو أنها اعتمدت في سياستها على الولايات المتحدة الأمريكية في كل شيء أو كما يصف مستشار الأمن القومي الامريكي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي تلك السياسة بقوله إن الولايات المتحدة كانت “السقف الذي يحمي اليابان من المطر ونافذتها نحو العالم”. يحاول الكاتب في فصول الكتاب الثلاثة أن يبرهن أن اليابان في الحقبة الممتدة بين الاعوام 1965-1980 لم تنظر إلى العالم من النافذة الأمريكية بل سعت، شأنها شأن أية دولة أخرى، إلى تحقيق مصالحها القومية. في هذا السياق، يستعرض الكاتب أحداثاً سياسية كبرى في تاريخ اليابان السياسي المعاصر عكست التناقضات الخفية بين طوكيو وواشنطن ومحاولة اليابان الدؤوبة للابتعاد عن الفلك الأمريكي.
العلاقة مع العرب
يكرس الكاتب فصلين من الكتاب يستعرض فيهما موقف اليابان من القضايا العربية المصيرية بدءاً من موقف اليابان من الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة والمسار الذي اختطته اليابان لدبلوماسيتها بعد عام 1965 من خلال نهجها التصويتي في محافل الأمم المتحدة الذي شهد تباينا واضحاً مع السياسة الخارجية الأمريكية. لقد وصل الغضب الاسرائيلي ذروته عندما اتهم المسؤولون الاسرائيليون أكثر من مرة اليابان بانحيازها لصالح القضية الفلسطينية، لا سيما بعد أن وافقت اليابان على فتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في طوكيو منتصف سبعينيات القرن الماضي.
الصدمة النفطية
يعرض الكاتب بعد ذلك بشكل مفصل موقف اليابان من أزمة النفط التي اندلعت في أعقاب حرب تشرين 1973 والتي تزامنت مع تهديد عربي لطوكيو بفرض عقوبات نفطية عليها ما لم تتخذ موقفا مؤيداً للعرب، وكيف استخدمت اليابان هذه الأزمة كذريعة للانفتاح على الأسواق العربية في المنطقة لا سيما في السعودية والعراق ومصر التي لم تكن بعد قد عرفت البضائع اليابانية، فكسبت ود الدول العربية الكبرى التي دفعت بدورها باتجاه اعتبار اليابان دولة صديقة للعرب وعدم شمولها بالمقاطعة النفطية.
يُذكر أن الكاتب كان قد عمل دبلوماسياً في سفارة العراق في طوكيو في ثمانينيات القرن الماضي، وأكمل دراسته العليا في إحدى جامعاتها.