قصتان قصيرتان
الوصال- نصوص – منهل الهاشمي
يا الله !!!… أَيعقل هذا ؟!!… أَصحيح ما اراه ام إنها هلوسات رجل أذهبَ العشق والشوق وطول الانتظار بعقله ؟!!… أَبعدَ كل هذي السنين يسنح لي القدر أنْ اراكِ مرة اخرى.. بعد أنْ آيست تماماً ؟!!… لا.. لا والله.. لا اصدق ما ارى.. ليس بحقيقة هو بل حلم.. طيف ككل مرة !!.
هتفت بهذا وأنا للجنون اقرب مني للوعي.
قالت ضاحكة مستبشرة : لا ليس حلما بل هو واقع.
اجبتها بهوس وعقلي يتأرجح بين الشك واليقين : اخشى ما اخشاه أن يكون حلما هو الاخر كما في باقي الاحلام الالفية… كنت احلم بكِ كل يوم.. وساعة.. وليلة.. بألف حلم وحلم.. في صحوي ومنامي.. في خيالاتي وأوهامي.. بين اوراقي وأقلامي… لكني وإذ بي اصحو على سراب.
اجابت بتوكيد : لا.. لا.. إطمئن هذه المرة هي الحقيقة.. هو الواقع.
خاطبتها والقلب ينزُّ الماً ومرارة وشكوى : آه لو تعلمين كم من نار الشوق واللوعة والجوى كابدت سنين طوال حتى اراكِ ثانيةً… لمَ فعلتِ بي كل ما فعلتيه.. حرام عليكِ والله.. لِمَ كل هذا الجفاء والقطيعة.. انا ما استحق منكِ كل هذا العذاب والالم والقسوة.. لكن ماذا اقول.. واقول.. وحدهم المعذبون الملوّعون.. المكتوون بوجع الفراق.. يحسون ما احسّه.. ويدركون ما أعنيه.. سامحكِ الله…
اجابت بغنج لا يليق بسواها : لابد دون الشهد من إبر النحل !!
قلت بألم : لكني ما نلت من النحل سوى إِبرِها دون شهدها…
وأضفت معاتباً : آه لو تعلمين كم اكلت سنيين الانتظار واللوعة والسُهد والعذاب من جرف عمري… والعمر لو تدرين قصير…
ردت بأبتسامتها الساحرة الخلاّبة : إنتظرتني سنين طوال.. صحيح.. لكن العاقبة كانت خيراً… والعِبرة بالخواتيم…
واستطردت وهي تضحك غامزة وبلهجة موحية واضحة لا تخطئها العين : الشهد بإنتظارك !!!.
نظرت لها واجماً مذهولاً مشدوهاً وأنا التهمها بعينيَّ التهاماً… خانني التعبير.. أُسقط في يدي.. لم أَحِرْ جواباً.. فلم أَنبس ببنت شِفة.
لم ترحمني , أردفت بدلع يذيب الحجر الصوّان : الا استحق انا كل ذلك… إذا كانت النفوس كباراً… تَعِبَتْ في مُرادها الاجسامُ.
اجبتها من فوري : ما تَعِبَتْ الاجسام وحدها.. لا والله.. بل معها القلب والعقل والروح… اجل.. انتِ فعلاً تستحقين اكثر وأكثر.. تستحقين أنْ اسفح تحت قدميكِ كل سنيين عمري وجراحاتي وعذاباتي وجنوني في بحر عشقكِ وهيامكِ ووَلَهِكْ.
وأردفتُ متنهداً بألم ممّض يمزق الروح : يآآآآآآآآآآآه !!… كم انتِ صعبة المنال… كما الحلم !!.
اجابت ضاحكة : لكني واقع وما انا بحلم.
قلت هازّاً رأسي ملتاعاً وبتوكيد : أنتِ واقع.. لكنه اصعب منالاً من اي حلم !!.
قالت بدلال : لقد عاتبتْ.. وأطلتَ العتاب.. دعك مما مضى وانقضى.. عليك باليوم.. بهذي الساعة.. وهذي اللحظة..
قلت ولم يزل في القلب شك من صدق ما اراه : أبعدَ كل ما كان ؟!!
قالت بإصرار وبلا مبالاة : دعك مما كنا… وكان..
واستطردت بلهجة مغرقة بالإغراء والإيحاء : ها أنذي امامك.. بلحمي وشحمي.. هلمَّ إليَّ… هَيتَ لكْ… إفعل بي ما بدا لكْ !!!.
فجأة وعلى حين غرّة سَرَتْ في جسدي رعشة نار الشوق واللوعة واللهفة فصعقتني كتيار كهربائي. قلت لها مهووساً بلهفة جنونية : إليَّ… إقتربي كي أُقبّلِك.. لنعوّض عمّا فاتنا.. فنوصِلَ ما أنقطع.. ونَسعَد بالوِصال…
أَدنت وجهها مني.. اقتربت بوجهي انا الآخر.. ناوياً بوحشية جنونية إلتهام شفتيها , داميتا الحمرة.. لامعتيها كحبتي كرز , فتحتُ عينيَّ…. فلم أجد امامي سوى الفراغ !!!!.
















