الورقي‭ ‬والالكتروني

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬الصحافة‭ ‬صناعة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬هناك‭ ‬آليات‭ ‬إنتاجية‭ ‬وأماكن‭ ‬تسويق،‭ ‬وموازنات‭ ‬وخطط‭ ‬توظيف‭ ‬ونمو‭ ‬واندثار‭ ‬وأرباح‭ ‬وخسائر‭. ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ان‭ ‬يستوعب‭ ‬الطفرة‭ ‬النوعية‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬الالكترونية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬الصحيفة‭ ‬الورقية‭ ‬والصحيفة‭ ‬الالكترونية‭ ‬متقارباً،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإنتاج‭ ‬وانّما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المتلقين‭ ‬ايضاً‭.‬

من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يتقبل‭ ‬القارئ‭ ‬العربي‭ ‬فكرة‭ ‬شراء‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬موقع‭ ‬الصحيفة‭ ‬لمطالعة‭ ‬أخبارها‭ ‬ومقالاتها،‭  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اشتراك‭ ‬أو‭ ‬دخول‭ ‬مدفوع‭ ‬مسبقاً‭ ‬أو‭ ‬آنياً،‭ ‬كما‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬صحف‭ ‬عالمية‭ ‬كثيرة‭ ‬أدركت‭  ‬مبكراً‭ ‬انّ‭ ‬مبيعات‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬لا‭ ‬تسد‭ ‬أجور‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬كما‭ ‬انّ‭ ‬الإعلانات‭ ‬الورقية‭ ‬غير‭ ‬متسقة‭ ‬مع‭ ‬حاجات‭ ‬الاتصال‭ ‬الرقمي‭ ‬للناس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬المعلومة‭ ‬والخدمة‭ ‬مباشرة‭ ‬عبر‭ ‬الإعلان‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬صفحة‭ ‬ورقية‭ ‬الى‭ ‬لوح‭ ‬الكتروني،‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬قد‭ ‬تتم‭ ‬ببطء‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬ينشغل‭ ‬عنها‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬وتضيع‭ ‬فرصة‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬الإعلان‭. ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تتدفق‭ ‬إيرادات‭ ‬بالمليارات‭ ‬على‭ ‬الصحف‭ ‬الالكترونية‭ ‬بالعالم،‭ ‬وهي‭ ‬صحف‭ ‬ذات‭ ‬مؤسسات‭ ‬لها‭ ‬طبعات‭ ‬ورقية‭ ‬معروفة‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬معقولة‭ ‬لا‭ ‬تستنزف‭ ‬موازنتها‭ ‬ولا‭ ‬تكبلها‭ ‬بخسائر‭ ‬وأعباء‭ ‬مالية‭. ‬اذ‭ ‬بلغت‭ ‬إيرادات‭ ‬الصحف‭ ‬الالكترونية‭ ‬بطبعات‭ ‬مختلفة‭ ‬واحداً‭ ‬وأربعين‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬ومتجهة‭ ‬لكسر‭ ‬حاجز‭ ‬الخمسة‭ ‬والأربعين‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتتقدم‭ ‬صحيفة‭ ‬الديلي‭ ‬البريطانية‭ ‬المواقع‭ ‬العالمية‭ ‬وتأتي‭ ‬بعدها‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬الغارديان‭ ‬وجدول‭ ‬التقدم‭ ‬متغير‭ ‬سنويا‭.‬

الصحافة‭ ‬الالكترونية،‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬الذين‭ ‬يغتنون‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الجيل‭ ‬السابق،‭ ‬لكن‭ ‬المؤسسة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعول‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬الى‭ ‬الطفرة‭ ‬الواجبة‭.‬

‭ ‬القارئ‭ ‬الغربي‭ ‬يسلك‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬التقاليد‭ ‬التي‭ ‬يدعم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الصحيفة‭ ‬التي‭ ‬يحبّها‭ ‬واعتاد‭ ‬قراءتها‭ ‬سنوات،‭ ‬اذ‭ ‬ليس‭ ‬الاشتراك‭ ‬وحده‭ ‬أساس‭ ‬الدعم،‭ ‬وانما‭ ‬الإعلان‭ ‬فيها‭ ‬والقيام‭ ‬بالتبرع‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬الدفع‭ ‬الشهري‭. ‬هناك‭ ‬قراء‭ ‬أنقذوا‭ ‬صحفاً‭ ‬من‭ ‬الاندثار‭ ‬والتلاشي‭. ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عدد‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ولاية،‭ ‬وهي‭ ‬جميعا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬المؤسسات‭ ‬الكبيرة‭ ‬تحتوي‭ ‬الصغار‭ ‬وتأخذ‭ ‬بيدهم‭ ‬عبر‭ ‬الشراء،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إغلاق‭ ‬أو‭ ‬اندماج‭ ‬نحو‭ ‬2514‭ ‬صحيفة‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬2004‭ ‬إلى‭ ‬2022،‭ ‬وتشير‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬إغلاق‭ ‬الصحف‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صحيفتين‭ ‬أمريكيتين‭ ‬أسبوعيا‭. ‬وأبرز‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬تراجع‭ ‬صناعة‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬انخفاض‭ ‬التوظيف‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وانخفاض‭ ‬عدد‭ ‬المصورين‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المائة‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬مستمرة‭ ‬تضع‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأهداف‭ ‬مع‭ ‬الحاجات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬عن‭ ‬بيئات‭ ‬أوربية‭ ‬وامريكية‭.‬

fatihabdulsalam@hotmail.com

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية