الهندسة الروسية

الهندسة الروسية
فاتح عبدالسلام
لم يكن السلاح الكيمياوي على صلة بالأزمة السورية التي اندلعت قبل سنتين ونصف السنة ثم ما لبث أن جعله الرئيس أوباما خطاً أحمر وأعطى الخطوط الأخرى كلها ألواناً وردية ورمادية وبيضاء. ثم جرى استخدام السلاح الكيمياوي وأصبح هو القضية السورية برمتها من منظار العالم. في حين إنه لم يكن جزءاً من حل سياسي ينتظره الشعب السوري للخلاص من هذه الحرب التي لا تبدو أن فيها نهاية معلومة.
لذلك فإن الداخل السوري سيظل ملفاً داخلياً بمعنى الكلمة برغم التدخلات الخارجية، وان بإمكان النظام السوري وضمن الرقعة الخانقة المتبقية من الأمل أن يتولى مبادرة سياسية حقيقية وأن يعي أن سوريا لم تعد سوريا حافظ الأسد ولم تعد سوريا ما قبل الفضائيات ولم تعد سوريا في أيام الحرب الأهلية اللبنانية أو خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية.
صحيح إن سوريا اليوم مقترنة بدور آخر على مسار إيران وحزب الله إلا أن المتغيرات الدولية والإقليمية قد تجعل هذا الدور هامشياً أيضاً.
سيطرة اليد الدولية على السلاح الكيمياوي في سوريا ليس خبراً ساراً لجميع السوريين، أو إنه ليس ساراً إلى الأبد وبعضهم يرى أنه خبر سار الآن لكنه قد يكون محزناً غداً. إذ ليس جميع الناس قادرين على فهم مخاطر السلاح وأهمية تدميره، لأنه إلى حد هذه الساعة يوجد أناس يعملون على تصنيعه في سوريا وحريصون على إدامته وتخزينه واستخدامه أيضاً.
إن إتلاف الكيمياوي السوري هو خبر إسرائيلي سار أو خبر أمريكي دولي سار، إذ إن السوريين ينتظرون بشارة التسوية السياسية التي تنهي العنف والدماء، بعد أن تدخلت إيران وحزب الله ومليشيات العراق ووفدت كتائب المسلحين من أنحاء مختلفة من العالم، ولا يزال الباب مفتوحاً على المزيد من القتل إذا لم تظهر المعجزة.. أو المبادرة السياسية للتسوية، كما ظهرت في موسكو المفاجأة المدوية في قبول الحكومة السورية تدمير مخزونها الكيمياوي بيدها.
إذا انتهت صفقة السلاح الكيمياوي وضجته، سيزداد العنف والدمار في سوريا، ما لم تولد تلك المبادرة السياسية التي يستطيع الروس أن يهندسوها ويطلبوا الدعم الإيراني لها، ربما يستطيعون أن يفعلوا ذلك مع قرار إطلاقهم سراح صفقة صواريخ اس إلى القوات الإيرانية.
هل تطبخ روسيا مبادرة أخرى؟
AZP20