النوروز
ان الاعياد الدينية والشعبية تشيع الفرح والسرور وتبهج القلوب وتدفن الاحقاد وتحيي المحبة في افئدة الناس وتزيل الخصومة بالتسامح وهي من جانب اخر وسيلة من وسائل الترفيه التي اعتادت عليها الشعوب قاطبة وبها تنسى احزانها والنيروز هو تعريب نوروز ويقال ان اول من اتخذه (جم شاد) احد ملوك الطبقة الثانية من الفرس وان سبب اتخاذهم لهذا اليوم عيدا ان الدين كان قد فسر قبله، فلما ملك جدده واظهره فسمي اليوم الذي ملك فيه نوروز اي اليوم الجديد، ومن الفرس من يزعم انه اليوم الذي خلق الله النور، وانه كان معظما من قبل جم شاد وبعضهم يزعم انه اول الزمان الذي ابتدأ الفلك فيه بالدوران، ومدته عندهم ستة ايام اولها اليوم الاول من شهر (افرودين ماه) الذي هو اول شهور سنتهم، عوام الفرس كانت عادتهم فيه رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته، ويزعمون ان ايقاد النار فيه لتحليل العفونات التي ابقاها الشتاء في الهواء، وقالوا في رش الماء انما هو بمنزلة الشهرة لتطهير الابدان مما انضاف اليها من دخان النار الموقدة في ليلته، فقد علق اخرون ان سبب رش الماء ان فيروزين يزدجر لما استتم سور (جي) وهي اصبهان القديمة لم تمطر سبع سنين في ملكه ثم قطرت في هذا اليوم ففزع الناس بالمطر وصبوا في مائه على ابدانهم من شدة فرحهم به فصار ذلك سنة عندهم في ذلك اليوم من كل عام، وقال القلقتندي ان النوروز صار من اعياد المصريين المشهورة وهو اول يوم من سنتهم، وان لفظة النيروز فارسية معربة وكان الاقباط اتخذوا ذلك على طريقة الفرس واستعاروا اسمه منهم فسموا اليوم الاول من سنتهم نيروز وجعلوه عيدا وهم يظهرون فيه من الفزع والسرور وايقاد النار وصب المار اضعاف ما يفعله الفرس ويشاركم فيه عوام المسلمين، ويقول المسعودي ان اهل الشام يعملون مثل ذلك في اول سنتهم وهو اول يوم من شهور الروم ويوافقه كانون الثاني وهو الشهر الرابع من شهور السريان، وذلك في السادس من طوبة من شهور القبط ويسمونه (القلندس) كان النيروز عيد ابتداء رأس السنة الشمسية وموعده الحادي والعشرين من اذار من كل عام ، وعن عادة رش الماء قال السدي انه اليوم الذي اغتسل فيه النبي ايوب (ع) وشفى كان يوم النوروز فلذلك تجد الاقباط تترأش بالماء. وقال الشاعر هذه الابيات في يوم نوروز:
كيف ابتهاجك بالنيروز يا سكني
وكل ما فيه يحكيني واحكيه
فتارة كلهيب النار في كبدي
وتارة كتوالي عبرتي فيه
اسلمتني فيه يا سؤلي الى وحب
فكيف تهدي الى من اتت تهديه
عامر سلمان- بغداد