النرجسي والـبـسـطـال ـ نامق عبد ذيب

النرجسي والـبـسـطـال ـ نامق عبد ذيب
ماذا تعرفُ المدنُ الصحراوية ُ
عن الريح ِ
أيتها القصبـة…
ماذا نقولُ حين يسألـُنا الماءُ
عن الفرات…
خرجْنا من الأناشيد ِ بلا طائل ٍ
سوى ندم ٍ
وبعض ِكلمات ٍلم يفهمْها الرُّعاة
صدّقوا الغيومَ
حين سألوها عن العـُشب
ولكنهم حين استرقوا السمعَ
كانت الأرضُ
تـُنبتُ السـُّرفات ِالغريبة
والغيومُ تـُمطرُ أشباحاً
والسماءُ تتورط ُ بالأدعية
هكذا
ثمة َ أسئلة ٌ تشتعلُ في الجواب المـُر
ثمة أناشيدُ تـَنـْذرُ دمَها تـَقـْدِمة
لعصرٍ كاملٍ من التـُرّهات
تعرفُ القصبة ُعن الريح
ما لا تعرفـُهُ الريحُ عن الجهات
وهذه النار لا تعرفـُنا
نحن تـَقـْدِمة ُ تاريخـِنا الذي جرّهُ
النرجسُ
إلى النبع
فعاد لنا بكـُتبٍ محترقة
وسيوفٍ غير معروفة
ودماءٍ بسعر التراب
ونسي الماء ô
ولكننا حين واجهْنا الريحَ
صار الندمُ عاصفةً شرّدتـْنا
هكذا مرةً أخرى
حُمْراً كهنود ِأمريكا أيتها الصحراء
وحين سألـْنا الرماحَ العوالي
كان معالي النرجس ِ هناك
تحت بساطيل المارينز

يجلو المراياô
ô
وكان الدمُ يأخذنا إلى شفـَقٍ مـُريب
ô
بماذا تفطرون إذا حلَّ الصباح؟
بدمٍ مـُباح ô
بماذا تكتبون على الرياح؟
بدمٍ مـُباح
ô
ولكنَّ رجُلَ المارينز اقتحمَ
الكـُتـُبَ
طارداً الكلماتِ
التي سقطتْ من تاريخ الطبري خائفةً
تتبعُها السيوفُ والأيامُ والرماحُ
والأمراءُ
والجواري والأمصارُ والدياراتُ
والدواوينُ
والإماءُ والخلفاءُ والموالي والشهداء ô
وأنا أشهد بأننا خيـّبـْنا رَجا
البـِيـض ِ فينا
فهي معروضة ٌ للبيع في ساحة التحرير
جوارَ مروحةٍ عاطلة ٍ
سرقها جنديٌّ عاطلٌ عن الأمل
ومختنقٌ بالأناشيد ِ التي جعلتـْهُ
يكرّر وصايا النرجس

يا ولــَـــدْ ô يا نرجسي
هذا الشرابُ ô فاحْتــَس ِ
ô
كلما أرتجفُ
تتمايلُ القصبة ُ على الفرات
ولكنني في الأماني البعيدة ِ
أراقبُ الغيوم َ
علـّها تحملُ لي رسالةً
من مطر الأناشيد…
أيتها القصبة ُ
ما الذي لا تعرفينه ُ عن الريح
ما الذي تذكرينهُ عن النايات
حين كسرها المسدّسُ
تعبيراً عن تشاؤمِه ِ من الحنين…
أنا سألتُ الدمَ عن الجهات
وحين أجابني كنت أضيعُ
كرمالٍ في عاصفة
وحزيناً مثلَ قبر
وفارغاً
بلا كلماتٍ أقولـُها للجنرال
وهو يسألني عن القمر الذي يُذكـّرُهُ
بالـ بيتزا … هكذا
وكان الشعراءُ يحدّقون بي
مُعْـلنينَ براءتهم من قمرٍ
تكرّرَ في وجوه
حبيباتهم
منذ ذلك الذي ظهر
لأبي نؤاس في المأتم…
وحين دخلتُ إلى البيت
وجدتُ المتنبي يتقيّأ ُ
والسّيابَ يرتجف
وعلي الوردي يهذي عن المهزلة البشرية
كانت المكتبة ُ العربية ُ مسفوحةً هناك
تفوحُ
برائحةِ بساطيلـِهم
وكنتُ أرفرفُ
مثلَ شجرةٍ في الريح
أيها التاريخ… أين الصواريخ
أيتها السموات… أين الطائرات
أيتها المرابع… أين المدافع
….
ولكننا ذبَحَنا الخِرافَ فرحينَ
بالخـُرافة
خرجْنا نبحثُ عنـّا بين الجُثثِ الطائفية
ِ
في المدن الخائفة ِ من الأغاني
في المدن الجافلة ِ من ظلـّها
في المدن التي خرطتْ ثيابـَها الداخلية َ
عند أوّل ِ دَبـّابة ٍأوقفها المارينزُ
على جسر الجمهورية ….
ماذا نقولُ حين يسألـُنا الماءُ عن
الفرات
ماذا نقولُ حين يسألـُنا الفراتُ عن
النايات
ماذا نقولُ حين تسألـُنا الناياتُ عن
العـَتابات
ومن سنسألُ أيتها القـَصَبة
هل نسألُ النرجسيَّ…؟
ها هو يَخرجُ من ينابيع الصدأ
مُتعَدّداً وكثيراً ولا يرى أحداً
ها هو يكرّرُ صورتـَه ُ في الحماقات
ويكتبُ أناشيدَهُ للصدى
مُتسلـّقاً بسطالَ الجنرال
أيتها القصبة.
AZP09

مشاركة