الناسور السياسي بين الكتل

الناسور السياسي بين الكتل
عذراً ايها القارئ الكريم عن كلمة (الناسور) المصطلح الطبي الذي يعني الرفض بين نسيجين في اي مكان من الجسم فقد يكون في اليد او الرقبة…الخ.
ما حفزني لاستعمال هذا المصطلح هو ما يحصل من رفض بين الكتل السياسية والذي ينسحب سلباً على مكونات مجتمعنا العراقي الرائعة محاولاً سبر اغوار هذا التمزق وكيفية الخلاص منه والرجوع بالمجتمع الى وحدته كالجسد الواحد السالم صحياً.
بدأت علامات هذا المرض السياسي منذ اختيار مجلس الحكم من المستعمر والمبني على اسس طائفية وعنصرية ومذهبية لم نكن نعرفها سابقاً كانت البذرة الاولى في زرع الفتنة والتفرقة والتفتت.
فقد اعتمدت في الاساس على دعاة الدين وليس (رجال الدين الافاضل) واولئك هم اعداء التعايش السلمي مع الاخر وهم اعداء الفكر المتنور بل هم اعداء الحرية والديمقراطية واعداء الدين نفسه الذي يدعون به ولا يتشبثون سوى بالقشور وبكل ما هو خرافي متخلف راجعين بتفكرهم الى العصور الحجرية.
ان الاعصار الهمجي القاتل من قاطعي الرؤوس والتمثيل بالجثث اعصار التخلف والتعصب الاعمى المسمى (الربيع العربي) هو نفس الاعصار الذي تعرضنا له في 8 شباط 1963 وهو نفس الاعصار البعثي التكفيري الذي نتعرض له الان !! فما هو الفرق بين قطع الرؤوس واحتقار النساء؟ وما هو الفرق بين قتل الحريات الشخصية واغلاق النوادي؟ وما هو الفرق بين تفجير مشعل الحرية وتمثال الفدائيين في الشطرة وما بين تفجير شارع الكتب في المتنبي وتفجير مدرستين ابتدائيتين في الرمادي؟ وما هو الفرق بين الهجوم على مدارس الموسيقى والباليه ومدارس الادب والفن وتكفير الاخرين وما هو الفرق بين نبذ الطوائف،الديانات،المذاهب، القوميات، وبين المفخخات والكواتم؟
الجواب هو ان هؤلاء هم اعداء الفكر المستقل الحر، هم اعداء الحرية والانسانية بكل ما تعني الكلمات.وبعد هذا الاستعراض لابسط ما تعرض له بلدنا على تلك الايادي القذرة نود ان ننبه السياسيين العقلاء بالجلوس على طاولة الحوار من اجل حل الخلافات وعدم التصعيد بالمواقف والتصريحات التي تؤدي الى تأزم الوضع، وعدم الاستخفاف بالارواح واسترخاص دماء الابرياء والى عدم التفريط بالمنجزات التي تحققت والى عدم الرجوع الى المربع الاول.
ان السياسيين الذين يهمهم العراق هم المواطنون الذين يباركون كل مشروع يخدم الشعب وهم الذين يحافظون على النسيج الاجتماعي من التمزق وهم الذين يؤدون الدور الحقيقي الملموس في عملية النهوض والبناء بما ينسجم مع الحالة الجديدة التي يعيشها العراق بما لا يخالف الدستور،ان توافر الارادة الجادة لحل الخلافات بعيداً عن التعنت والعنصرية والطائفية والفئوية والمذهبية والكتلية هي الطريق الاسلم لابعاد الحرب الطائفية التي تؤدي الى التفتت والتشرذم وتقسيم البلد، اما ما توضح للعيان الان ان بعض من دخلوا في العملية السياسية هو من اجل تخريبها محاولين الرجوع بالعملية الى الوراء وان لا يكون هناك نجاح للعملية التشريعية والتنفيذية حتى القضائية، والاعلامية بل لا يمتلكون الارادة الجدية لحل الازمات وانما يزيدون من تازمها لانهم مدفوعون باياد خارجية خبيثة ..ولهم مطامع وطلبات غير دستورية تعرقل موضوع اقرار الموازنة مثلاً او اي مشروع يخدم الشعب، اضافة الى اكذوبة التوافقات السياسية التي اوجدوها بمساعدة المستعمر في الحقيقة هي (اللا توافق) لان هذه الاكذوبة حالت دون تشريع اي قانون خدمي مهم وهي السمة الغالبة والعنوان الابرز في الانتكاسات المتكررة الذي كان المواطن ومازال يدفع ثمنها. ان خطورة الاصرار على تاخير اقرار الموازنة سيجعلنا نفقد النتائج الايجابية المرجوة من اقرارها في وقت مبكر سواء في المجالات الاقتصادية ام الاستثمارية اضافة الى الخسائر اليومية الناتجة عن تاخرها والتي تقدر بنحو (27) مليون دولار يومياً. واخيراً اخاطب من هم في قيادة السلطة باتقاء الله في ارواح واموال الناس والاسراع في علاج الناسور الذي بدأ يشق طريقه بسهولة ويتلف النسيج العراقي الاصيل.
عارف السيد – بغداد
AZPPPL

مشاركة