الناتو ورغبة التوسع – جاسم مراد
ثمة تساؤلات مشروعة في الوسط العراقي، عن أسباب التراجعات في التركيبة العراقية، فالعراق هو البلد الأول الذي انشأ المؤسسات والاكاديميات العسكرية في الشرق الأوسط، وهو البلد الأول الذي خرج العديد من القادة العسكريين العرب واصبحوا فيما بعد قادة لبلدانهم مثل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك والرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح وغيرهم من قادة الجيوش العربية والإسلامية، وله ايضاً قادة بسلاء ومدربين اكفاء، اصبح الان مركز استقطاب لكثير من جيوش العالم بحجة التدريب.
هذا الأمر ليست فيه منقصة إذا كان الأمر حقاً يتعلق بالتدريب دون سواه من الأهداف، ولكن السؤال المطروح، إذا كان الامر يتعلق بالتدريب، فلماذا لم يتم استدعاء العراقيين من القادة والمدربين المتميزين، والقبول بغيرهم من جيوش وتكتلات العالم العسكرية؟ فإذا كان الامر يتعلق بالخشية منهم كونهم كانوا في الجيش العراقي السابق الذي تم تفكيكة بفرمان أمريكي، فهذه الخشية ليس بمحلها الان بعدما مضى 17 عاما وتم تشكيل هيكلية برلمانية وسياسية له، وله من الاتباع من المسلحين لاتسقط من رؤوسهم حبة القمح، أم إن في الأمر دواعي وفرضيات أخرى يريدها هو كنظام ومفروض عليه دوليا، أو على الأقل بعض الدول.
الناتو يعلن بأنه قادم للعراق بـ 4000 عسكري، وهو المعروف عنه كتكتل عسكري استعماري انشيء وبني في مواجهة تكتل الاتحاد السوفيتي السابق، وهو كان الأول في الاغارة والهجوم على ليبيا وتدميرها وعلى أفغانستان وتهشيمها، فلا يملك الاستقلالية وإنما له أهدافا سياسية وعسكرية، ومايثير في النفوس لغطاً هو إن السلطة في العراق لم تجب على ماطرحه رئيس الناتو بدفع أربعة الاف عسكري الى العراق بكامل عدتهم العسكرية بحجة التدريب ومحاربة داعش، لاأحد ينكر ضرورة التعاون والتضامن الدولي في مواجهة الإرهاب ودحره، ولكن هذا الإرهاب الملعون له من يناور به بين العراق وسوريا، ومقاتلته ميدانيا كان بفعل الجيش العراقي بكافة صنوفه والحشد الشعبي والعشائري وأبناء المناطق المنكوبة به.
ليس مقبولا البتة أن يبقى العراق مسرحا للجيوش الأجنبية والتدخلات الإقليمية بحجج مواجهة الإرهاب، العراق يقبل الدعم والمساعدات على وفق حاجته العسكرية التكنلوجية والجوية التي تحددها المصلحة الوطنية، ولكن ليس مقبولا أن تعلن الاحلاف العسكرية الدولية إنها قادمة للعراق غصباً على شعبه ودولته.
ليس من المستساغ أن يبقى التدريب الى مالا نهاية، والعراق يمتلك من الخبرات قل نظيرها في المنطقة إلا مافقده من وحدة القرار السياسي والجهد الموحد في بناء الدولة ومؤسساتها.
وجود الناتو في العراق بهذه الكثافة العسكرية، يخرج عن اطاره التدريبي، ويدخل في سياقات الاحتلال بحجج مختلفة أو بالأحرى استبدال احتلال باحتلال اخر، وهذا الامر مرفوض شعبيا ووطنيا.
إن الدول المتقدمة التي تريد للعراق الحماية ومواجهة الإرهاب عليها أن تنقل السلاح المتطور ووسائل التكنلوجيا الحديثة للجيش العراقي، وهذا الأمر لايحتاج لعديد قوات الناتو من الجنود والأسلحة وإنما الى خبراء محدودي العدد والعدة، والعالم يعرف كله إن عملية القضاء على داعش وحماية دول العالم من خطره كان بفعل الاف الشهداء العراقيين الذين استبسلوا في الدفاع عن وطنهم واستجابوا برغبة طوعية لامثيل لها لنداء المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف..
هلسنكي