الموت يغيّب مؤسس جماعة الرؤية الجديدة وتجمع البعد الواحد

تشكيليون: رحيل الرائد رافع الناصري في الغربة خسارة كبيرة للتشكيل العراقي

الموت يغيّب مؤسس جماعة الرؤية الجديدة وتجمع البعد الواحد

فائز جواد

بغداد

تلقت الاوساط الفنية والثقافية العراقية والعربية صباح السبت السابع من كانون اول الجاري نبأ وفاة  الفنان التشكيلي العراقي رافع الناصري، في العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز الـ73 عاما، وذلك بعد صراع مع مرض العضال.

وقال  التشكيلي فهمي القيسي في احاديث صحفية ان (الراحل الناصري كان يعاني من مرض العضال الذي الم به منذ مدة طويلة وبعدما اشتد عليه المرض ادخل احدى مستشفيات العاصمة الاردنية عمان قبل اكثر من شهر وكان يتلقى العلاج هناك وقبلها كان يتلقى العلاج في المستشفى وتم نقله في الايام الاخيرة الى منزله بعمان ليتلقى الرعاية والعلاج لغاية صباح السبت  حيث ودع الحياة وهو في الغربة الى مثواه الاخير) واضاف (وبرحيل زميلي وصديقي ورفيق دربي الطويل رافع الناصري نكون قد فقدنا واحدا من اهم الفنانين التشكيليين العراقيين الذين شكلوا حضورا طيبا وكبيرا على المستوى المحلي والعربي والعالمي وقدم للفن التشكيلي العراقي الكثير من القيم والأبداع الراقي وغادر إلى مثواه الأخير وهو في الغربة كما اسلفت ومن دون أن نلقي النظرة الأخيرة عليه)

وأضاف القيسي أن (الناصري شيع بعد صلاة الظهر من مسجد صلاح الدين بالدوار الرابع بعمان الى مثواه الاخير) وعزى القيسي جميع الفنانين العراقيين في الخارج والداخل بوفاة الناصري.

وقال رئيس جمعية التشكيليين العراقيين الفنان قاسم سبتي لـ(الزمان) امس ان (نجما من نجوم التشكيل العراقي هوىوتجربة الناصري لايمكن ابدا ان تعوض لانه كان رائدا في فن الكرافيك وهذا الفن من الفنون الصعبة وبعمله الدؤوب واخلاصه صنع اجيال مازالت حتى هذه اللحظة تشتغل على تلك القيم النبيلة والجميلة  وهو استاذ كبير وفنان دمث الخلق وحقيقه نحن في جمعية التشكيليين نعي تماما اهمية هذا الرائد الكبير  وبالتالي لايمكن تعويضه مهما قلنا ومهما تحدثنا) واضاف ان (الجمعية كانت قد اعدت حفلا استذكاريا كبيرا سنويا تستذكر فيه رموز الفن التشكيلي بمقر الجمعية ولكن لاختناق الجمعية باعمال ومعارض ارتاينا ان نقيم مثل هذا الاستذكار السنوي في صيف كل عام نستذكر فيه رواد الفن التشكيلي العراقي والذين رحلوا خلال العام وفاء من الجمعية والفنان التشكيلي العراقي لهؤلاء الرموز الكبار ولايسعنا الا ان نعزي الفنانين التشكيليين العراقيين والفنانين والمثقفين العراقيين في الداخل والخارج لرحيل رائد التشكيل رافع الناصري وانا لله وانا اليه راجعون).

الفنان المصمم المحترف وائل البدري قال ان (رحيل الفنان الكبير والاستاذ رافع الناصري خسارة لايمكن ان تعوض ومايضاعف حزننا اننا نتلقى نبا رحيله وهو في الغربة ليودع هناك ويوارى الثرى في عمان  ، لتفقد الاوساط التشكيلية العراقية واحدا من اهم رموز الفن التشكيلي العراقي وعرفناه استاذا كبيرا وطيبا وكريما ومبدعا ولايبخل بمعلومة لطلبته وكل من احبه وتثر بفنه الراقي ، ويقينا انها خسارة كبيرة ولكن هي ارادة الله ولايسعنا الا ان ندعو له ان يرحمه ويدخله فسيح جناته الواسعة وانا لله وانا اليه راجعون) الفنان التشكيلي رئيس ملتقى خريجي معهد الفنون الجميلة فاضل وتوت قال (باسم اعضاء الملتقى والفنانين التشكيليين نتقدم باحر التعازي الى ذوي الاستاذ الكبير رافع الناصري داعين ان يلهمهم الصبر والسلوان كذلك نعزي زملاء واصدقاء وطلبة الراحل الذي تلقينا وببالغ من الحزن والالم نبا وفاته بعد صراع مرير مع المرض لنخسر واحد من اهم رموز الفن التشكيلي في العراق انا لله وانا اليه راجعون).

الشاعرة والناقدة بشرى البستاني قالت في تصريح عن الناصري (رافع ولد فنانا بوعي إبداعي تؤازره مثابرة دؤوبة برصانة متأملة باحثة عما يحرك قواها الإبداعية بقوة، مثابرةٌ ظلت مخلصة للفن وقضاياه ؛ ولذلك كان من الصعب على هذه الأصالة المرتكزة على أدوات معرفية وخبرات إنسانية معمقة ان تعتمد قفزات سريعة كون القفزة العاجلة لا تستوعب ولا تأخذ مداها الزمني لتتمثل ما عاشت ورأت وقرأت. فضلا عن كونها تحتاج لقناعات حقيقية بما يسوغ لها تحولاتها الفنية، فالتحول لن يكون أصيلا إلا إذا كان صميميا بمعنى أنه ينبع من حاجة الفن نفسه حينما يرفض أن يكرر منجزه تكرارا لا وظيفيا، وكانت المناهج في زمن دراسته بلشبونة والنظريات النقدية والفنية والمذاهب الأدبية تتطور بسرعة لا معقولة، والحضارة وادواتها المعاصرة وتقنياتها الهائلة تتقدم بشكل مذهل، وصارت الدول بؤر الاهتمام الحقيقية، الدول وحدها في الحضارة المعاصرة منطقة تقف بين الدهشة والمعنى، والدال في لعبة التشكيلي رافع الناصري هي اللوحة، واللوحة مستقرة بخطوطها والوانها، بينما القراءة متحركة، النص مدونة مستقرة لكن نظريات القراءة له بالمرصاد، لا يمكن لقراءتين أن تتطابقا حتى لقارئ واحد للنص الواحد، واللوحة عالم متكامل، لكنه قابل للتفكيك والتحليل والتأويل، ولوحات رافع سواء بألوانها المشرقة أم خطوطها الداكنة طاقة فنية هائلة معبرة عن حياة متداخلة اختلط فيها الحابل بالنابل والأخضر باليابس وانفجرت إيقاعاتها بحكم زمنيتها المتشظية والهائلة السرعة في التطور الخارق، من هنا نجد لوحته تمنح جمالياتها للناظر، لكن لا تعطي مفاتيحها إلا بيد الفاتح الماهر، فإذا توفر لها الماهر ذو الأدوات المعرفية والخبرة الفنية والوعي بما وراء الخطوط والألوان انفتحت على القارئ دلالاتها، حتى لو كانت تلك الدلالات جمالية حسب، فالجمال قيمة تضمر في داخلها قيما كامنة.  رافع الناصري، المبدع المتأني الرصين، والشاعر الصامت الذي ظلت طاقاته الإبداعية تموج في الداخل لتشكل باللون والحفر والخط والكولاج اجوبة لاسئلته الوجودية دون ان يبعثر موج طاقاته الكامنة ولا يبدد توتره الابداعي بما يطفئ سعير اللحظة على موائد الجدل غير المنتج والمحكوم بالزوال سريعارافع الناصري، المبهر فنا، والمثير إبداعا، والرائع النبيل أخا وصديقا، المفتون بالجمال لجمال روحه.

السيرة الذاتية

ولد الفنان التشكيلي العراقي رافع الناصري ولد ببغداد في العام 1940، ودرس في معهد الفنون الجميلة في بغداد من عام 1956، وفي الأكاديمية المركزية في العاصمة الصينية بكين من عام 1959 حتى عام 1963، وتخصص في الغرافيك (الحفر على الخشب)، وفي عام 1963، أقام أول معرض لأعماله في هونغ كونغ، وبعد عودته إلى بغداد، درس في معهد الفنون الجميلية إذ كان فنه واقعيا تشخيصيا.

{ سافر الناصري إلى البرتغال في العام 1967، ودرس الحفر على النحاس في (غرافورا) لشبونة، في هذه الفترة اكتشف جماليات الحرف العربي وأدخلها في تكوينات تجريدية، كما أكتشف الاكرليك واستعمله بدلا بدلا عن الألوان الزيتية، و بعد عودته إلى بغداد في العام 1969، أسس جماعة (الرؤية الجديدة) مع عدد من الفنانين العراقيين، وشارك في تأسيس تجمّع (البعد الواحد) مع شاكر حسن آل سعيد.

{ ترك الناصري بغداد في عام 1991، ودرّس في جامعة إربد في الأردن وساهم في 1993 بتأسيس محترف الغرافيك في دارة الفنون في عمّان، وأشرف عليه لبضعة سنوات، وفي 1997 درّس في جامعة البحرين وأصبح مديرا لمركز البحرين للفنون الجميلة والتراث، وأقام في المنامة عام 1999 معرضه المهم (عشر سنوات… ثلاثة أمكنة)، ثم عاد وأقام في العاصمة الأردنية عمان مع زوجته الكاتبة والشاعرة والناقدة الفنية مي مظفر.

{ أقام الناصري عددا ً كبيراً من المعارض الشخصية. وشارك في معارض عربية مشتركة في بغداد وبيروت ودمشق و الدّار البيضاء والمنامة و عمّان كما شارك في كثير من المعارض العالمية في برلين ولشبونة و لندن و باريس ونيو دلهي و فردريك شتاد ووارشو وسيئول و ساو باولو وجنيف ونورث تكساس. شـارك في لجان تـحـكـيم عالمية وحصل على جوائز عالمية في سالزبورغ، النمسا، وفي كـانيه سور مير، فرنسا، وفي فردريك شتاد، النرويج، و في برلين، ألمانيا.

{ نشر رافع الناصري عددا ً من المحفظات الفنية (بورتفوليو): تحولات الأفق 1980، ما بعد الأفق 1982، الخماسية الشرقية 1989، تحية إلى بغداد 1989، الخماسية الشرقية 2 1994، تحية إلى المتنبّي 2006، من تلك الأرض النائية 2007، مكتبة أضرمت بها النار 2007.

{ أصدر مجموعة كتب منها : (فن الغرافيك المعاصر) المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1977، آفاق ومرايا ـ مقالات في الفن المعاصرالمؤسسة العربية للدراسات والنشر 2005. واحتلت أعماله الصدارة في كثير من المتاحف العربية والعالمية.