عفراء العاني: الفنان يجد الأشكال التي تصنعها يديه أثمن من تجارة متداولة
المهجر ينعش التصاميم ذات الطابع القديم بلمسة عصرية – فنون – داليـا أحمد
مصممة أزياء تمتاز بخفة الدم والبسمة التي توحي بحب الحياة، طرزت أناملها بذوق رفيع آيات قرآنية وكلمات للشاعر الكبير نزار قباني، إمتازت تصاميمها بالرموز التراثية للزمن الجميل بلمسة من وحي خيال، مبدعة في وطن الحروب والنزاعات.
تدخل بنظرتها للأشياء بحيرات الذكريات لتحبب بها الجيل الحالي والمقبل على ما كان يرتدى في زمن ما، بل رفعت باناملها غبار السنوات وبصمت مكانه (كان هنا أجدادنا)، بعد ان عطرت عباءة عراقية برائحة بغداد وزفتها لبلاد المهجر.
كانت ومازالت سيدة الذوق الرفيع عفراء العاني رمزا للعقول الراقية كما وصفها المقبلون على معرضها الذي ضيفته قاعة نادي العلوية الاجتماعي ببغداد، شاكرين إصرارها على البقاء في البلاد لتنير أناملها سواد الرداء. التقت (الزمان) بالمصممة العاني وكان معها الحوار الاتي:
{ حدثينا قليلا عن المصممة عفراء العاني وعن إختصاصها الدراسي؟
ــ بدأت بفكرة التصمصم منذ أواسط تسعينات القرن المنصرم حيث كان الإقبال في تلك الفترة كبيراً جدا ومن نساء المجتمع وسيداته حيث يقبلن على كل التصاميم ويحببن اية فكرة تصنعها اناملي ، والتصميم هو موهبة نظرا لان كل انسان له موهبة خاصة به وتميزه على غيره فصقلت موهبتي في دراسة التصميم في كلية الفنون الجميلة وكان للأهل الدور الكبير في تنمية تلك الموهبة حتى تمكنت من الوصول الى مرحلة كنت اتشوق لها حيث زارني الكثير من الشخصيات وهم يؤكدون لي إنتظارهم للمصممة عفراء حيث زاروها في معارض التسعينات الماضية وهذا ما شجعني كثيرا ونما بداخلي حب الفن من جديد وزاد من عزيمتي للتواصل في المعارض وكلي فخر بكل كلمة لفظوها وكل حرف خطته اناملهم في أوراقي خلال زيارتهم لمعرضي الأخير.
{ كيف بدأت الفكرة بتجهيز أول معرض للأزياء التي صممتيها ومن اين جاءت افكار التصميم؟
ــ كان لطريقة الالوان وتناسقها مع بعضها ودراستي للفنون دور في فكرة التصاميم فالخيال وحده قد يكون كافياً لترتيب الكلمات والاحرف في العباءة الشرقية فاليوم اعتمدت على استخدام عباءة الرأس للمراة العراقية وتطريز الايات القرأنية على اطرافها بالخيط الذهبي لتكون قريبة لزي الرجل في الجنوب والغرب لكنها بطابع إنثوي يضفي عليها جمالا خلابا فضلا عن الزي الهاشمي لنساء الجنوب وغير ذلك من الازياء التي تتصف بها كل قبيلة وليس كما هو متعارف عليه لكل من جنوب وشرق وشمال وغرب زي محدد لا بل العكس من ذلك لكل إنتماء معين زي خاص به ويمكن للمصمم توظيف تلك الازياء بتصاميم ولمسات عصرية من اجل الإقبال عليها ومن ثم موهبة توعية الاجيال الى ما كان يرتديه القدماء فهي حضارة لا يمكن نسيانها فضلا عن السعي لإيقاظها بشكل مستمر فقد إستخدمت في الكثير من تصاميمي حلقة الاذن الكبيرة التي كانت تتزين بها المراة العراقية في السابق ووظفتها في بعض العباءات من إجل الدمج بين زمنين يوحي بجمالية خلابة ذات ذوق رفيع فضلا عن فكرة تحويل شالات الرأس و(الفوطة) التي يستخدمنها النساء الكبيرات في السن الى (تيشيرتات) للفتيات اللواتي وجدن بها ذوق غريب وجميل برغم إنها تتحدد بحكم صناعتها بلونين الأسود والأبيض لكن رغم ذلك أصبحت تصاميم جميلة للغاية بحسب رأي المقبلين عليها.
{ كيف تقارنين الازياء العالمية والعروض في العراق؟
ــ الأزياء العالمية ولاسيما الغربية لا يمكن ان ترتديها المرأة الشرقية بسهولة فأغلبها تصمم للإستعراضات أو يمكن ان يرتدوها بحسب طبيعة مجتمعاتهم لكن العروض المحلية تراعي العادات والتقاليد فهي تصمم لكل الاجيال ولمختلف شرائح المجتمع فالمراة تميل لزي العباءة وغير ذلك مما يضفي لها طابع الحشمة ولاسيما انهن يرغبن بها في الجلسات التي تتطلب تلك الازياء فضلا عن انني لم انس الشابات وقدمت لهن أعمالا كثيرة امتازت بالبساطة والرقي فضلا عن المحجبات فقد خصصت لهن اعمالا ذات دقة عالية للموسم الجديد فالازياء المحلية أكثر إقبالا من الغربية بحكم العادات.
{ هل تعتقدين ان النساء مازلن يتمتعن بثقافة الازياء؟
ــ المرأة العراقية برغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها الا انها مازالت تتمتع بثقافة عالية في التمييز بين ما هو جميل وما هو اجمل فضلا عن الرغبة الشديدة في إقتناء الازياء ذات الطابع القديم والبغدادي بلمسة عصرية وذلك لانهن أكثر الراغبات والمحببات لعروض الازياء فالتسعينات من القرن الماضي شهدت ثقافة عالية جدا وبرغم كل الصعوبات في الوقت الحالي من ظروف امنية واقتصادية صعبة إلا ان رغبتهن مازالت موجودة، والمصمم يراعي الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد فلذلك يعتمد على ان تكون اسعار القطع التي صممها مناسبة للحالة الاقتصادية برغم الجهد الكبير الذي تتطلبه تلك التصاميم.
{ هل هناك إقبال عالمي على تصاميم العاني؟
ــ نعم هناك إقبال قد يفوق المحلي والطلب مستمر على تصاميمي إذ حظيت العباءة البيضاء باقبال كبير جدا ولاسيما لدى بلاد المهجر إذ كانت اول الطلبات عليها إمراة عراقية رغبت بان ترتدي إبنتها الزي العراقي القديم والرموز التراثية الشعبية والحضارية في حفل خطوبتها فقد وجدت الحنين الى البلاد والرغبة بان تكون رغم كل البعد بين أحضان العراق وأهله بحسب تعليقها على التصميم في (فيسبوك) وبعد ذلك اعادت الطلب لتزويدها بقطع اخرى لنساء اخريات يرافقنها في المهجر، فبالتاكيد الظروف التي يمر بها البلاد قد أثرت لكن بشكل قليل جدا على الإقتناء من تلك التصاميم ، فالنساء يرغبن بكل ما هو جديد وغريب ولاسيما ان العراقية تمتاز بان تكون منفردة بما ترتدية للتميز، ويبقى للمهجر دور في إنعاش التصاميم ذات الطابع القديم بلمسة عصرية فريدة.
{ لماذا لا تتعاقدين مع تجار وأصحاب محال لتزوديهم بتصاميم محلية ولاسيما إنها ذات لمسة اجمل من البضائع المستوردة التي إجتاحت الأسواق في الاونة الاخيرة؟
ــ ان اي فنان يجد التصاميم التي صنعتها انامله أثمن من ان تكون تجارة يتنافس عليها في الاسواق، فلذلك أرغب بان تكون تصاميمي بلمسة يدي ولا ارغب بان تكون تجارة سواء كانت رابحة ام لا ، فارغب بان تقتني النساء من المعارض ودور الازياء التي أقيمها مع كلمة تقديرية تكون داعما اساسيا لنجاحي في المعارض المقبلة ولاسيما وانني افكر الاف المرات بالكلمات الجميلة التي سأحصدها من الزوار للمعرض فهي أجمل ثمن أقتنيه في إقامه المعارض.
{ كيف تجدين الرجال في فنون النساء؟
ــ من اكثر الشخصيات التي زارت معرضي واطربتني كلماتها هم من عنصر الرجال فهم داعمون مساندون للمرأة مهما كانت موهبتها.
{ بماذا تنصحين النساء؟
ــ كل إنسان وليست المرأة فحسب يتمتع بموهبة تكمن داخله، فعلى المرأة ان تنظر لنفسها لتجدها ذات موهبة خاصة بها ولا تقتصر حياتها بالمنزل والأطفال فقط بل يجب ان تخصص وقتا لمزاولة موهبتها ولا تعتقد بان الرجل سيحارب تلك الموهبة بل ستجده اول المساندين لها ولاسيما بعد ان اثبتت نجاحها في المنزل، ولا تتخوف من خطوتها الاولى حتى ان تكللت بالفشل فهو بداية النجاح ولكل عمل رهبة وصعوبات و يتطلب جهود قيمة للوصول الى النجاح فضلا عن ان من يرغب بالنجاح عليه ان يمر بصعوبات وعواقب وعليه ان يكون اقوى منها ليثبت جدارته.


















