المقاييس الخادعة

المقاييس الخادعة

كثيرة هي الافكار والمفاهيم الوهمية الراسخة في ثقافتنا وواقعنا التي تحتاج الى مراجعة وتصحيح .. إنها آفات أصابت حياتنا ووجودنا – وهذا يصدق على الثقافة البشرية كلها والواقع البشري بأسره إذ صار العالم قرية والإتصال صار أسهل شيء والقوة العالمية المتسلطة – أو القوى كما يشاع- تريد ان تبقى قريبة من أدواتها في كل مناطق العالم وتبقيهم تحت يدها وتصرفها وتعمل بأستمالة على إبقاء الارض كلها بما فيها ومن فيها ضيعة او حقلاً او مصنعاًاو شركة او مكتباً او مؤسسة تابعة لمجموعة من الامبرياليين الجشعين المتوحشين .. اقول : هذه المفاهيم هي سبب مهم من اسباب ما نحن فيه من اوضاع مزرية في كل مجالات الحياة مع حضور القناعة الراسخة لدي ولدى امثالي بأن السبب الاساس والوحيد لسيطرة الشر والاشرار على العالم هو ضياع الحق والحقيقة – فالحقيقة هي التي تحررنا كما قال النبي عيسى عليه السلام – ضياعها في كل التفاصيل والمظاهر الواقعية الحياتية الحقيقية الفاعلة ضياعاً معقداً متشابكاً تحتاج الى نفوس سامية وعقول كبيرة وجهود حثيثة للفهم ومحاولة الاصلاح .للفهم ومحاولة الاصلاح .

وهو أمر يبدو مستحيلاً طالما ظل الاخيار اقل شجاعة وذكاء من الاشرار ..

من هذه المفاهيم الوهمية او المخلوطة بالوهم والتي لا ادعي انها من المفاهيم الاساسية في تأثيراتها الواقعية .لكنها مع ذلك وكما هو واضح من المظاهر الواقعية التي نعيشها هو مفهوم (الحداثة والحديث). ما معنى الحديث وحقيقته اولاً؟

من اجل بيان حقيقة هذا المفهوم نحتاج الى تحليلها تحليلاً علمياً شاملاً. والتحليل الحقيقي اساس في التحقيق وبلوغ الحقيقة في كل الامور فالمعرفة واحدة رغم تعدد اشكالها والحقيقة واحدة رغم تعدد اشكالها كذلك .

الحديث وفق معنى من معانيها النسبية التي تناله إدراكاتنا هو ما مر على ظهوره او وجوده وقت قصير او غير طويل .

فالمسالة وفقاً للمفهوم الشائع المألوف للحديث هي مسالة وقت اولاً او بشكل اساس .. الحداثة او الجدة إذن مسألة نسبية وقتية . لأن كل ما هو (قديم) الآن كان ( حديثا) (في وقت سابق ) . وكل (حديث) سيصير قديماً (في وقت لاحق) وهكذا.

معنى آخر للجديد يتصل بالمعنى الاول هو انه الغريب غير المألوف . وهذه مسألة نسبية ايضاً. لأن ما هو غريب غير مألوف عند ناس قد يكون مألوفاً عادياً عند غيرهم . ثم ان ما هو غريب (لبعض الوق) يصير بعد ذلك (الوقت) مألوفاً عادياً (قديماً) غير حديث . فالمسألة كذلك مسالة وقت .

ونتساءل : ما فائدة الحديث (او الجديد) إذا لم يكن خيراً من سابقه وانفع واصوب بأن يُسهل المطلوب ويوفر التعب والجهد على الانسان او يفعل المطلوب أي يزيد من فعاليته ؟ فليس كل جديد إذن ابداعاً او بديعاً (مبتكراً).. واكثر من ذلك : ما الفائدة من الحديث إذا كان لايسهم في تحقيق حياة انسانية كريمة !..

واخيراً :

حقيقة قديمة افضل من وهم جديد

وحقيقة جديدة افضل من وهم قديم !..

جميل شيخو

مشاركة