الرباط – عبدالحق بن رحمون
قرابة ثلاثة أشهر والحكومة المغربية في تفاوض مستمر مع المضربين في قطاع التعليم، وإقناعهم بالرجوع إلى الفصول الدراسية، وبذلك تكون قد فشلت في تحقيق هذا الهدف، وهاهي الآن تسابق الوقت لتوفير المبلغ الإضافي لصرف الدفعة الأولى 750 درهما التي سيحتسب أثرها المالي بداية من سنة 2024 بعد أن وعدت رجال ونساء التعليم بزيادة تقدر بـ 1500 ، على ضوء الاتفاق الذي التزمت به في حوارها مع المركزيات النقابية، ويشار أن قانون المالية برسم 2024، منح حوالي 76.5 مليار درهم لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
وأوضحت مصادر نقابية لـ (الزمان) الدولية أن الاحتجاجات والاضرابات لرجال ونساء التعليم مرشحة لتستمر في التصعيد ونهج مختلف الأشكال الاحتجاجية إلى غاية إسقاط النظام الأساسي الجديد.
على صعيد آخر، أصبح اقتناع مشترك بين الحكومة والنقابات والتنسيقيات أن قطاع التعليم وصل إلى النفق المسدود، وفي ظل هذه الأزمة ارتبكت الحسابات حيث أن ضمن قانون المالية 2024 المصادق عليه مؤخرا، وجدت الحكومة نفسها أمام عبء مالي إضافي مترتب عن زيادة 1500 درهم التي وعدت بها .
وأكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الحكومة منفتحة على الحوار الإيجابي مع جميع المحاورين المؤسساتيين من أجل التوصل قريبا إلى اتفاق نهائي يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الإشكاليات المطروحة المتعلقة بالنظام الأساسي الخاص بموظفي التعليم.
وفي رده على مداخلات المستشارين البرلمانيين في إطار جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع “برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية”، دعا رئيس الحكومة جميع الأطراف المؤسساتية إلى الانضمام لهذا الحوار المفتوح “من أجل التوصل إلى حل وسط موضوعي يأخذ بعين الاعتبار مطالب النقابات ولا يكلف الدولة أكثر من طاقتها”.
وأوضح أخنوش أن الزيادة التي أقرتها الحكومة في أجور الأساتذة تعد استثنائية والأكبر على الإطلاق، وذلك رغم الإمكانيات المالية المحدودة للدولة، مؤكدا أن الحكومة بلغت، من خلال هذه الزيادة التي ستكلف خزينة الدولة 10 ملايير درهم، سقفا عاليا وأقصى ما يمكنها تقديمه.
ويتوقع أن تتجاوز الكلفة لهذه الزيادة في أجور رجال ونساء التعليم 10 ملايير درهم، مقسمة على شطرين: 5 ملايير درهم برسم 2024 ومثلها برسم السنة المالية 2025. ويسود في هذا الاطار غموض من طرف الحكومة حول مصدر نبع الميزانية التي ستغطي بها الحكومة لتصفية وعودها التي تعهدت بها أمام رجال ونساء التعليم . وكشف مصادر لـ (الزمان) الدولية أن من الناحية القانونية، يتوفر فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ضمن القانون التنظيمي للمالية، على هامش واسع للتصرف في مثل هذه الحالات الطارئة، خصوصا بموجب المادة 60 من هذا القانون والتي تخول له “في حالة ضرورة ملحة وغير متوقعة ذات مصلحة وطنية، أن تفتح اعتمادات إضافية بمرسوم أثناء السنة شريطة إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا. وقد سبق للحكومة في حالات كثيرة فيما مضى، اللجوء إلى فتح اعتمادات طارئة عند الاقتضاء، كما وقع خلال العام الماضي حين تجاوزت تكلفة مقاصة المواد المدعمة إلى متم سنة 2022 الاعتمادات المفتوحة برسم قانون المالية بما يناهز 16 مليار درهم.
ولتوسيع هامش التصرف، قامت الحكومة برسم قانون المالية لسنة 2024 بالرفع من مبلغ «التكاليف المشتركة» الموضوع رهن إشارة وزارة الاقتصاد والمالية، حيث يصل مجموعه إلى 71.2 مليار درهم، ضمنها 34.8 مليار درهم في خانة ميزانية التسيير (أجور ومعدات) و 36.4 مليار درهم في خانة ميزانية الاستثمار، وهو ما يجعل تدبر مبلغ الـ 5 ملايير درهم التي يحتاجها صرف الدفعة الأولى من الزيادة في رواتب رجال ونساء التعليم أمرا محاسباتيا صرفا، لن يكون له وقع كبير على التوازنات الكبرى للمالية العمومية.
ويذكر أن الحكومة تعهدت في قرارها الموقع مع النقابات الأربع الأكثر تمثيلية على الرفع من مبالغ التعويضات الخاصة بالدرجة الممتازة (خارج السلم) لكافة الموظفين المرتبين في هذه الدرجة ابتداء من الرتبة 5 بمبلغ شهري يساوي 1.000 درهم، ومنح تعويض تكميلي بمبلغ شهري يساوي 500 درهم لفائدة أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، وإحداث تعويض تكميلي، بمبلغ شهري يساوي 500 درهم لفائدة المتصرفين التربويين. كما قررت قررت الحكومة تخويل المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين المدمجين في إطار المساعدين التربويين تعويضا خاصا يساوي مبلغه الشهري 500 درهم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل هذه الالتزامات الجديدة، لم يتم احتسابها عند توزيع تكاليف الميزانيات القطاعية على الوزارات، حيث منح قانون المالية برسم 2024، حوالي 76.5 مليار درهم لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، منها 41.8 مليار درهم سيتم إنفاقها ضمن كتلة أجور الموظفين والأعوان و24.8 مليار درهم ضمن تكاليف معدات ونفقات الإدارة (أي 66.6 مليار درهم كميزانية تسيير) بالإضافة إلى 9.7 مليار درهم برسم اعتمادات الأداء وحوالي 5 ملايير درهم ضمن اعتمادات الالتزام المتبقية من 2023.