المطبخ‭ ‬العراقي‭ ‬غائب‭ ‬والقهوة‭ ‬والكشري يلتحقان‭ ‬بالقائمة‭ ‬الثقافية‭ ‬العالمية‭ ‬

رموز‭ ‬عربية‭ ‬إلى‭ ‬تراث‭ ‬اليونسكو‭:‬انتصار‭ ‬جديد‭ ‬للهوية‭ ‬المشتركة

بغداد‭ -‬عدنان‭ ‬أبوزيد

تبنت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬بينها‭ ‬العراق،‭ ‬ادراج‭ ‬ملف‭ ‬الكحل‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬لليونسكو،‭ ‬باعتباره‭ ‬توثيقًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لجماليات‭ ‬التراث،‭ ‬حيث‭ ‬يُعد‭ ‬الكحل‭ ‬العربي‭ ‬حرفة‭ ‬وممارسة‭ ‬اجتماعية‭ ‬متجذرة‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬حياة‭ ‬البدو‭ ‬والمجتمعات‭ ‬الريفية‭ ‬والصيادين،‭ ‬ويُستخدم‭ ‬كمسحوق‭ ‬أسود‭ ‬للعيون‭ ‬لأغراض‭ ‬تجميلية‭ ‬وحماية‭ ‬من‭ ‬الرمال‭ ‬والشمس‭.‬

وجاء‭ ‬إدراج‭ ‬الملف‭ ‬ضمن‭ ‬جهود‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة‭ ‬لصون‭ ‬الموروث‭ ‬الجمالي‭ ‬العريق،‭ ‬حيث‭ ‬قادت‭ ‬سوريا‭ ‬تسجيل‭ ‬ملف‭ ‬الكحل‭ ‬العربي‭ ‬بمشاركة‭ ‬العراق‭ ‬وعُمان‭ ‬وفلسطين‭ ‬وليبيا‭ ‬والأردن‭ ‬والسعودية‭ ‬وتونس‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعات‭ ‬الدورة‭ ‬العشرين‭ ‬للجنة‭ ‬الحكومية‭ ‬الدولية‭ ‬لصون‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬نيودلهي‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬ديسمبر‭ ‬2025‭.‬

وفي‭ ‬الدورة‭ ‬نفسها،‭ ‬أدرجت‭ ‬اليونسكو‭ ‬عدة‭ ‬رموز‭ ‬ثقافية‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية،‭ ‬حيث‭ ‬انضم‭ ‬البشت‭ ‬العربي‭ ‬كعباءة‭ ‬رجالية‭ ‬فاخرة‭ ‬مطرزة‭ ‬ترمز‭ ‬للكرم‭ ‬والوقار‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الرسمية‭ ‬عبر‭ ‬الخليج‭ ‬والشام،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أُدرج‭ ‬الكشري‭ ‬المصري‭ ‬وهو‭ ‬طبق‭ ‬يومي‭ ‬شعبي‭ ‬يجمع‭ ‬الأرز‭ ‬والمعكرونة‭ ‬والعدس‭ ‬مع‭ ‬صلصة‭ ‬حارة‭ ‬توحّد‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كعنصر‭ ‬مصري‭ ‬خالص،‭ ‬و‭ ‬يُعد‭ ‬أول‭ ‬طبق‭ ‬غذائي‭ ‬مصري‭ ‬ينال‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭.‬

ويُعد‭ ‬المطبخ‭ ‬العراقي،‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬مطابخ‭ ‬العالم،‭ ‬إذ‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬حضارات‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬السومرية‭ ‬والبابلية‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬عام،‭ ‬مع‭ ‬ألواح‭ ‬طينية‭ ‬تحمل‭ ‬أول‭ ‬وصفات‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬

ورغم‭ ‬عراقته‭ ‬وتنوعه‭ ‬الغني‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬تأثيرات‭ ‬حضارية‭ ‬عميقة،‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬المطبخ‭ ‬أقل‭ ‬شهرة‭ ‬عالمياً‭ ‬مقارنة‭ ‬بمطابخ‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬المتابعة،‭ ‬وقلة‭ ‬الاهتمام‭ ‬وسوء‭ ‬إدارة‭ ‬الملفات،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬العراقية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬العراق،‭ ‬مما‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬انتشاره‭ ‬السياحي‭ ‬والإعلامي‭.‬

كما‭ ‬انضمت‭ ‬الزفة،‭ ‬وهي‭ ‬موكب‭ ‬عرسي‭ ‬عربي‭ ‬مشترك‭ ‬يمزج‭ ‬الموسيقى‭ ‬والرقص‭ ‬والأغاني‭ ‬الشعبية‭ ‬ضمن‭ ‬ملف‭ ‬مشترك‭ ‬شمل‭ ‬دولاً‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬والإمارات‭ ‬والأردن‭ ‬وموريتانيا‭ ‬وجيبوتي‭ ‬وجزر‭ ‬القمر‭ ‬والصومال‭.‬

وتضم‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية‭ ‬لليونسكو‭ ‬من‭ ‬إدراجات‭ ‬سابقة‭ ‬رموزاً‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬بارزة‭ ‬تعكس‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬المشترك،‭ ‬مثل‭ ‬القهوة‭ ‬العربية‭ ‬رمز‭ ‬كرم‭ ‬الضيافة،‭ ‬ويُقدّم‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬مع‭ ‬طقوس‭ ‬تحضير‭ ‬تقليدية‭ ‬والمدرجة‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬وعُمان‭ ‬وقطر،‭ ‬والصقارة‭ ‬وهي‭ ‬فن‭ ‬تربية‭ ‬وتدريب‭ ‬الصقور‭ ‬للصيد‭ ‬يعكس‭ ‬علاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬بالطبيعة‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬البدوي‭ ‬المدرجة‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬مع‭ ‬توسعات‭ ‬لاحقة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬والخط‭ ‬العربي‭ ‬كفن‭ ‬كتابة‭ ‬إبداعي‭ ‬يزين‭ ‬المخطوطات‭ ‬والمساجد‭ ‬بأساليب‭ ‬متنوعة‭ ‬كالنسخ‭ ‬والثلث‭ ‬المدرج‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬كتراث‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬16‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭.‬

وكان‭ ‬المجلس‭ ‬وهو‭ ‬فضاء‭ ‬اجتماعي‭ ‬تقليدي‭ ‬يجمع‭ ‬الناس‭ ‬للحديث‭ ‬والضيافة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قد‭ ‬ادرج‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬بجهد‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬وعُمان‭ ‬وقطر‭.‬

‭ ‬والعرضة‭ ‬النجدية‭ ‬رقصة‭ ‬شعبية‭ ‬سعودية‭ ‬بالسيوف‭ ‬والطبول‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الشجاعة‭ ‬والوحدة‭ ‬المدرجة‭ ‬عام‭ ‬2015‭.  ‬والسدو‭ ‬كنسيج‭ ‬تقليدي‭ ‬بدوي‭ ‬يصنع‭ ‬من‭ ‬صوف‭ ‬الإبل‭ ‬بأنماط‭ ‬هندسية‭ ‬ملونة‭ ‬المدرج‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬كتراث‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬والكويت‭.‬

‭ ‬والحناء‭ ‬وهي‭ ‬رسوم‭ ‬مؤقتة‭ ‬على‭ ‬الجلد‭ ‬في‭ ‬الاحتفالات‭ ‬والأعراس‭ ‬ترمز‭ ‬للفرح‭ ‬والحماية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بممارسات‭ ‬مشتركة،‭ ‬والنخلة‭ ‬رمز‭ ‬حياة‭ ‬في‭ ‬الواحات‭ ‬توفر‭ ‬التمر‭ ‬والحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬عبر‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المدرجة‭ ‬عام‭ ‬2019‭ . ‬والتغرودة‭ ‬شعر‭ ‬بدوي‭ ‬مرتجل‭ ‬يُردد‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الإماراتية‭ ‬والعمانية‭ ‬المدرجة‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬والعيالة‭ ‬رقصة‭ ‬جماعية‭ ‬عمانية‭ ‬بالطبول‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الترابط‭ ‬القبلي‭ ‬المدرجة‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬بملف‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬عُمان‭ ‬والإمارات،‭ ‬والقط‭ ‬العسيري‭ ‬زخارف‭ ‬جدارية‭ ‬نسائية‭ ‬سعودية‭ ‬ملونة‭ ‬تزين‭ ‬المنازل‭ ‬التقليدية‭ ‬المدرج‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬

ويهدف‭ ‬إدراج‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬العالمي‭ ‬بأهميتها‭ ‬وتشجيع‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬ونقلها‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬الفخر‭ ‬الوطني‭ ‬والسياحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬إذ‭ ‬يُعتبر‭ ‬الاعتراف‭ ‬من‭ ‬اليونسكو‭ ‬شهادة‭ ‬دولية‭ ‬مرموقة‭ ‬دون‭ ‬جوائز‭ ‬مالية‭ ‬مباشرة‭ ‬لكنه‭ ‬يتيح‭ ‬دعماً‭ ‬محتملاً‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬التراث‭ ‬غير‭ ‬المادي‭.‬

ويُعد‭ ‬الحدث،‭ ‬وفق‭ ‬تحليلات،‭ ‬انتصاراً‭ ‬للهوية‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتعزيرا‭ ‬للسياحة‭ ‬الثقافية‭ ‬وتشجع‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تقاليد‭ ‬الأجداد‭ ‬مما‭ ‬يبني‭ ‬جسوراً‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والمستقبل‭.‬

وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الإدراجات‭ ‬الجديدة‭ ‬والسابقة‭ ‬جهوداً‭ ‬عالمية‭ ‬أوسع،‭ ‬حيث‭ ‬أدرجت‭ ‬اليونسكو‭ ‬نحو‭ ‬67‭ ‬عنصراً‭ ‬ثقافياً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مختلفة‭ ‬خلال‭ ‬الدورة،‭ ‬مما‭ ‬يبرز‭ ‬أهمية‭ ‬صون‭ ‬التراث‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التغيرات‭ ‬السريعة‭.‬

‭ ‬

‭ ‬