المرأة بين الجنة والمجهول
لانها الفعل الذي نُنْشئه بعد تخطينا ومضات العمر الاولى ، فغريزة حب الذات تلقينا احيانا بين تراكيب الفاعل والمفعول ، ومابين الساكن والمسكون احيانا اخرى ، ولانه عالم الفقر وزمن الفاقة الذي ادبرت في محرابه النواميس وتكسرت عنده الاعراف الا مارحِمَ ربي ، عالم الحياء المدبر في زمن العهر السياسي ، عالم تجترنا الرذية فيه من كل حدب وصوب دون ان تستوقفها سجايانا المجتمعية وتحوم حولنا غربان الشر تفترس الموتى في صمّ مواجعهم وتنعق في اطلال الانقاض المتروكة ، العراق الذي كان بالامس القريب محرابا وسراطا للمنظومة الارضية ، فاصبحنا مجتمعا اغلبه يمضي بين مواقيت الفعل ورده فلا نستغرب من فعل او نتعجب من شيء لان اواصرنا الانسانية تحللت، فاستوطنت في اغوارنا الضغينة والبغضاء ، فحادثة انسانية قد تعطلت قربها افكاري وتعاظمت حيرتي مع اني ادرك انها ليست الجدلية الاولى ولن تكون الاخيرة في صراعاتنا الاسرية حادثة محطتها امرأة شاخت بها الاوجاع قبل تشيخها السنين ، بعد ان ترملت في في عقد صباها اما لولد وفتيات ثلاث ، شابة ركلت غرائزها للمجهول ، رغم فتائن حاجتها فاستكانت للقدر الذي كتب لها ان تحيا للابناء، لعلها تفلح بحسنى ربايتهم.
ومضى الدهر يجترها بين شراسة الحياة وضعفها المشحوذ بالصبر والتقوى ، حتى بلغ الابن اشده ، ليجد نفسه في عالم المراهقة والتصابي ، عالم العبث ، منسلخا من اكابير الادمية التي ترعرع عليها ليجد امّا بلغت من الكبر عتيا فريسة تقاسمها الضياع والفقر ، الام التي فنت عمرها في مداد الامل ، الام التي استعاضت بنشوة ابنائها باحلامها التائهة تلتفت ذات اليمين وذات الشمال فلم تجد الا صدى الذكريات فبناتها قد استوطنن في بيوتهن والابن عاق فما عسها ان تقول الا صرخت انسان تقطعت فيه السبل وتغالب الدهر امره ، اليوم اطلقها دعوة عصماء تطوف بين مسامع كل امرأة نكث الزمان معها العهد فترملت او تطلقت
وبعد ان ادركت معاناة هذه الشيخة ان لايقف بينهن وبين البنوة حائل النصيب فليدركن انه الزمان الذي لايؤتمن على الانفس والذات ،وان لايستعبن ماحلل الله في خلقه وان لايدعن العرف ياخذ منهن الحلّة والحرمة بتراكيب الجاهلية الاولى لان الذي احل النكاح وتمامه فاطر السماوات والارض والله من وراء القصد.
نادية عبيس الشيباني – بغداد