المخرج قاسم البياتلي يستعيد مع الزمان تجربته مع غروتوفسكي ويوجينو باربا

المخرج قاسم البياتلي يستعيد مع الزمان تجربته مع غروتوفسكي ويوجينو باربا
تحريت التقنيات الداخلية والخارجية للممثل
حاوره مروان ياسين الدليمي
يشكل البحث في التمارين التي تهيىء الممثل جسديا وبدنيا للدخول في تجربة الاداء المسرحي البناء الذي ينشده المخرج المسرحي د.قاسم البياتلي.. من هنا كانت رحلته الى ايطاليا في مطلع العقد السابع من القرن العشرين مغامرة وبحثا عن التجارب والاسماء التي سبقته في هذا المضمار لكي يلتقي بها وجها لوجه، وليجد نفسه بعد رحلة طويلة بين مسارح وتجارب مختلفة في المدن الاوربية يقف الى جانب أهم ّ مفكري وفلاسفة المسرح في القرن العشرين وليستكمل بُجهدهِ وبحوثهِ النظرية والعملية ماكان قد بدأهُ غروتوفسكي، وبيتر بروك، واوجينو باربا هذه الاسماء الكبيرة في عالم المسرح،عَرفها عن قرب، بعد أن رافقها وعايش تجاربها. وفي مساره هذا يسجل نقطة تَميّز عن بقية المخرجين العرب،اضافة الى إختلافه الواضح مع معظم التجارب المسرحية التي حاولت عبر مسارها البحثي والتجريبي الوصول الى تحقيق الهوية لكنها اهملت التمارين التي ينبغي ان يعمل عليها الممثل بعيدا عن العرض المسرحي . فالهدف الذي ينشده البياتلي في مختبره ليس تقديم العروض المسرحية بل البحث في اشكاليات تخص المسرح بشكل عام او فن الممثل لغرض الكشف عن معطيات جديدة أو البحث في معطيات قديمة للكشف عن امكانيات جديدة في التوظيف . فانطلق بحثه في مجال بداغوجية الممثل من تجارب وبحوث من سبقوه من معلمين في القرن العشرين،ومن تحرياته هو في بداغوجية الطرق الصوفية،ليس من حيث الرؤية الروحانية، بل من حيث الاجراءات والتطبيقات العملية وكيفية توظيف طاقات الكائن الانسان الداخلية والخارجية للقيام بالطقوس المفتوحة نحو الاخرين
نحو الجماعة . . الزمان التقت به وحاورته حول تجربته.
أولا في بداية هذا الحوار لابد لنا ان نتعرف على العناصر الاساسية التي اخذت حضورها الواضح والمؤثر في اعداد وتكوين المخرج والباحث والانسان قاسم البياتلي؟
بعد تخرجي من معهد الفنون الجميلة قسم المسرح والسينما في بغداد عام 1976 سافرت الى ايطاليا ودرست هناك في قسم الفنون والموسيقى والعروض في كلية الاداب جامعة بولونيا، وقد تعرفت هناك عن قرب على طريقتين من التفكير وممارسة المسرح، طريقة المخرج الاستاذ لويجي سكورسينا الذي يعد من الجيل الاول من المخرجين في ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية ودرست معه مبادىء الاخراج لسنتين متتاليتين، وطريقة الدراما تورج،كذلك الشاعر جوليانا سكايبا الذي درست معه اصول الدراما تورجيا. تميزت الطريقة الاولى بالنمط التقليدي للمخرج في المسرح المؤسساتي في اوربا أي طريقة اخراج النصوص الدرامية من خلال رؤية اخراجية نقدية، ولكن من خلال تطبيق كل السياقات المعمول بها في ذلك المسرح ابتدأ من طريقة اختيار النص وتوزيع الادوار والقراءة الاولى للطاولة وتفسير أبعاد النص والشخصيات والبروفات من اجل تجسيد رؤية المؤلف او المخرج. أما الطريقة الثانية فكانت تتميز بأخذ نص درامي كلاسيكي ودراسة عالم المؤلف باشراف الاستاذ ـ المخرج مع الممثلين الطلبة من أجل تأليف نص دراماتورجي ينطلق من مقترحات وعمل المساهمين في البروفات لخلق عرض مرئي مسموع يتزاوج مع نص المؤلف وقد وجدت هذه الطريقة الثانية هي الاقرب من نفسي وميولي المسرحية وتعلمت منها كيفية اخذ المحفزات والمقترحات العملية من المساهمين، والتعامل من خلال ذلك مع مفردات المسرح لغرض كتابة النص العرضي على الخشبة.
في اطار بحثك عن بداغوجية الممثل، اشرت في مخطوطة كتابك الموسوم فن الحركة ولغة الجسد التعبيرية الى ثلاث مدارات للطاقة الكامنة الكائن » الانسان » الممثل.. حدثنا بشيء من التفصيل عن هذا الموضوع؟
انطلق بحثي في مجال بداغوجية الممثل من تجارب وبحوث من سبقني من معلمين في القرن العشرين ومن تحرياتي في بداغوجية الطرق الصوفية ليس من حيث الرؤية الروحانية فقط بل من حيث الاجراءات والتطبيقات العملية وكيفية توظيف طاقات الكائن الانسان الداخلية والخارجية للقيام بالطقوس المفتوحة نحو الاخرين نحو الجماعة . ومن هنا كان تركيزي على التربية البداغوجية للممثل وكيفية تفعيل طاقاته الكامنة فيه على اعتباره كائن حي وانسان مفكر اجتماعي و فنان ممثل يمارس حرفة صنعة لها ابعادها وخصوصيتها وظهرت امامي عمليا ضرورة البحث في ثلاثة مراكز للطاقة الجسمانية والجسدانية والبدنية. وقد توصلت الى وضع تمارين عملية لتفعيل الطاقة الجسدانية اي كيفية تمفصل وتجسيد الافكار من خلال الحركة والفعل، ومن ثم كيفية تطبيق ذلك من خلال معايير اللغة الفنية التعبيرية الخاصة بالممثل لاظهار الصورة الفنية التي تنطبع في النفس البدن من خلال الافعال البدنية التي عمل بموجبها غروتوفسكي والهدف من ذلك هو ان يستطيع الممثل ان يظهر طاقاته الكامنة فيه ولايتظاهر في افعاله التي يقوم بأنجازها بشكل ملموس مرئي ومسموع .
من خلال ماتوصلت اليه من بحوث في تجاربك المختبرية حول لغة الجسد ولغة الحركة،هل من فروقات واضحة مابين الراقص والممثل؟ ثم ماهو الفرق في الحركة لدى الاثنين ؟
للجسد لغته الخاصة سواء في حالة حركته الموضعية او لاحركته او في حركته الانتقالية في الفضاء المحيط به، ويستند ذلك على نبضات واندفاعات وحيوية تجري تحت الجلد بين الدم واللحم ويظهر ذلك في عملية التوتر الانشداد والاسترخاء العضلي وفي عملية البحث المستمرة عن التوازن المستقر، ولهذا نجد الانسان حتى في حالة جلوسه او وقوفه منتصبا في مكانه يبحث عن وضعية او يتحول من وضعية الى اخرى من اجل العثور على راحته وفي هذه الحالة تحدث عملية التوتر والاسترخاء العضلي في مختلف اعضاء الجسم وتحويل ثقل الجسم من نقطة ارتكاز الى اخرى وكل وضعية يأخذها الجسم تعبر عن حالة نفسية او فكرية تجري في الداخل وتظهر في صورة الانسان. ومن هنا فأن لغة الجسد تستند بالدرجة الاولى على الاندفاع من الداخل نحو الخارج وفي عملية الانبساط والانقباض أي انغلاق وانفتاح الجسد في وضعياته المتنوعة وفي عملية بحثه المستمر عن استقرار التوازن وبقاءه حيويا. أما لغة الحركة تستند على خلق العلاقات بين المبادىء التي تتحكم بالحركة أي مبدأ الانشداد والقوة في الحركة ومبدأ الزمن بمختلف سرعاته ومبدأ الفضاء بكل ابعاده الافقية ومستوياته العمودية في الحركة المنجزة. وبناء على ذلك يتم ربط الحركات وتمفصلها على شكل لغة تعبيرية، ومن الواضح ان لغة التعبير في عمل الممثل او الراقص تتم من خلال تضافر لغة الجسد ولغةالحركة.
انت اطلقت تسمية المسرح الوسيط بعد سلسلة من التجارب كذلك تسمية مسرح الاركان الذي اسسته في ايطاليا من اين جاءت هذه التسميات ومادلالاتها؟
الاركان في لغتنا العربية تعني الاعمدة التي تستند عليها طريقة ما. اي الاصول التي تستند عليها، وهي جمع لمفردة ركن. وعندما اسست فرقتي كنت اعمل في ركن صغير في زاوية بعيدا عن الانظار،في صالة صغيرة وكان هدفي أن أضع أركانا لطريقة عملي. اذن، إن تسمية فرقة ألاركان قد جاءت من واقع حقيقي ملموس وهدف محدد قمت بانجازه من خلال اخراج العروض منذ سنة 1984 ومن خلال تنظيم الدورات التدريبية في اعداد الممثل والراقص منذ سنة 1990 وقد انعكست ابعاد هذا العمل المتواصل في كتبي التي قمت بتأليفها باللغة الايطالية واللغة العربية منذ 1995.
ماتقوم به في المسرح الخاص بك من تمارين هل يوضع في اطار التجريب أم انك تسعى لهدف آخر؟
إن التمارين ضرورة من ضرورات عمل الممثل منذ ان وضع ستانسلافسكي التمارين الاولى في منهجه لغرض اعداد الممثل وكان هدف ذلك هو ان يخرج الممثل من طور الهاوي الى طور الفنان المحترف وقد قمت انا كذلك مثل المعلمين الذين سبقوني بالبحث عن التمارين الخاصة والملائمة لهدفي في تربية نفسي فنيا، ومن ثم لغرض الاستفادة منها في داخل فرقتنا. وبعد ذلك اصبحت هذه التمارين مفيدة ايضا للعمل عليها في الدورات التدريبية البداغوجية للممثلين الذين كانوا يرغبون الاقتراب من طريقة عملنا والتعرف عليها عن قرب. والتمارين توضع لغرض إعداد ارضية لفن الممثل وليس من اجل اخراج عرض مسرحي. واعتقد ان المسرح التجريبي الذي ظهر في ستينيات القرن الماضي، لم يهتم ولم يؤمن بشيء اسمه التمارين للمثل. وتجربتي المسرحية لاعلاقة لها بالمسرح التجريبي، بل استندت على البحث والتحري في التقنيات الداخلية والخارجية للممثل. أما في عملية الاخراج ففي كل عرض مسرحي جديد هناك محاولة القيام بالتجريب للكشف عن امكانيات جديدة في التعامل مع مفردات العرض المسرحي، ولكن لايتم في ذلك تجاهل المعايير والمقاييس الفنية التي يستند عليها تماسك ومصداقية العمل الفني.

خطأ التركيز على الرأس وترك الجسد
في موضوعة فن الممثل ماهي اشكالية استلهام التراث من منظور البحث على الهوية؟ ثم اين تجد الخلل في كل ماطرحته التجارب السابقة في المنطقة العربية؟
ان البحوث والتجارب التي اهتمت بالتراث العربي والاسلامي منذ منتصف الخمسينات للقرن الماضي ركزت بالدرجة الاولى على اشكالية البحث عن الهوية الثقافية والفكرية وانعكاساتها في المسرح وبالتالي تم استدعاء التراث من حيث البعد الفكري والادبي من خلال قراءة جديدة لكتب التراث، وقد اعطى ذلك مردودا جيدا في كيفية كتابة النص الادبي المسرحي او القيام بتمسرح بعض الظواهر للعروض التراثية خصوصا الحكواتي والسامر وعلاقتها بالجمهور وفي كلتا الحالتين في حالة النص والعرض لم يتم الاهتمام بل تم تجاهل فن الممثل واقتصر الامر على الاشارة الى عملية الارتجال الذي تم ربطه جزافا بالتلقائية والانسيابية والعفوية وزج ذلك عنوة واجحافا بارتجالات كوميديا ديللارته لدى الممثل المحترف ، وكأن الارتجال هو الخروج عن النص أو عدم وجود نص أو التهريج مع الجمهور. ان البحث في التراث عن الافكار والنصوص يعني التركيز على الرأس وترك الجسدالعضوي الملموس للممثل المسرحي
في الظل. وفعلا لم نجد بحوثا ميدانية في ثنايا التراث عن اصول فن الحركة أو تقنيات جسدية أو صوتية أو ذهنية مسرحية تخص الممثل. وبالتالي بالرغم من مرور الزمن لم تتمخض لدينا اصول بداغوجية للممثل تستقي مفرداتها وبعض اجراءاتها من ينابيع التراث المتعددة. وبقينا في حدود الاعتماد الكلي على بحوث ستانسلافسكي في اعداد الممثل وعلى بحوث مايرهولد وغروتوفسكي على قدر الاجتهاد في ذلك . ولكن ماذا اقول في هذا المضمار انطلاقا من تراثي عندما اجلس مع باربا أو بروك أو عندما اعمل مع ممثلين في اوربا؟ سؤال طرحته على نفسي قبل ثلاثين عاما ولازلت ابحث عن اجابة عملية مفيدة لي وللاخرين. إذن، هناك هوية ثقافية فكرية يتقاسمها الافراد الذين ينتمون لتراث معين، وهناك هوية فنية حرفية يتميز بها كل فنان حسب اختصاصه اي هناك تراث فني ينتمي إليه كفنان يتفاعل مع تراثه الفردي الجماعي الذي ينتمي إليه كأنسان. ومن الضروري في رأينا، الاهتمام بكلتا الهويتين وليس بأحدهما على حساب الاخرى.
الهوية ليست قضية أصالة وتأصيل.
هل يكفي استلهام حكاية من التراث أو التاريخ العربي لتأصيل هوية المسرح العربي؟ وفي اي اتجاه ينبغي الذهاب إليه لتحقيق هذا الهدف؟
يتكون المسرح من سلسلة من الحلقات أو الاقطاب المتنوعة ويشكل النص الدرامي احدى هذه الاقطاب. ولكن لايمكن تشخيص هوية المسرح بالنص حصريا. وعندما نريد ان نرسم خريطة لواقع حركة عضوية للمسرح في مجتمع او ثقافة ما سنذهب للنظر في تلك الحلقات المتنوعة او الفضاءات المتعددة النظر في اشكاليات فن الممثل، والفضاء المعماري المسرحي، واشكاليات تأليف النص الدرامي، وفضاء العرض والتطبيقات العملية اللازمة لتحقيق ذلك من تقنيات وحرفيين مختصين في الاضاءة والسينوغرافيا والازياء . وكذلك معالم توبولو جية طبيعة المتفرج، واساليب النقد الدرامي، ونظريات الدراما وكتابة تاريخ المسرح،والبحوث التنظيرية الميدانية… الخ. اذن من اجل تأصيل الهوية الفنية للمسرح يتطلب عمل جماعي في كل هذه الفضاءات التي ذكرناها وذلك يحتاج الى تراكم معرفي وعملي والى مؤسسات تنظيمية وفرق مسرحية نشطة ومراكز ومختبرات مسرحية ومعاهد واكاديميات للتأهيل الاساسي، وبحوث نظرية وكتب ومجلات متخصصة، ودعم مالي، والتفاعل الثقافي بين الثقافات المختلفة من الشرق والغرب والتفاعل بين التراث من حيث الثقافة والفكر وتفعيل مفردات واجراءات عملية المتواجدة في مختلف القنوات الفنية والطقوسية ومسيرة فن المسرح والثقافة المعاصرة. ومشكلة الهوية في نظري هي ليست قضية اصالة وتأصيل بل هي عملية طرح مبادرات فردية وجماعية عملية لغرض التأسيس لارضية مسرحية في مختلف الاقطاب من دون تجاهل التراث ولاتجاهل من سبقنا في مبادراته وتجاربه المسرحية التأسيسية. وهناك اختلاف بين أن اقوم بإخراج عروض مسرحية أو أمثل في عروض مسرحية وأنجز تاريخ وسجل للابداعتي الشخصية وأن اقوم بالبحث العملي النظري من اجل حرث أرضية المسرح ونثر الذور فيها وسقيها ومراعاتها لكي نجني ثمارها المفيدة لنا وللآخر. والفن هو أخذ وعطاء، وقد أخذنا منذ أكثر من قرن من المسرح الاوربي في مجال طرق التمثيل ، مثلا، فماذا اعطينا نحن؟ ماذا يمكن ان نطرح من مبادرات في هذا المجال من اجل المساهمة وليس التأصيل في حركة المسرح المعاصر؟ سؤال كررته على نفسي منذ اكثر من حوالي ثلاثة عقود في غربتي الغربية في ايطاليا، وحاولت أن اطرح اجاباتي نقطة في جريان نهر في مسيرة عملي وتفكيري في فن المسرح
هل تجد أن الارباك والتخبط وعدم وضوح المسار في البحث عن هوية للمسرح العربي قد اضاع هوية الممثل العربي؟
لقد سألت في احدى المرات احد الاساتذة في العراق وهو ممثل محترف مرموق أكن له احتراما كبيرا سألته مالفرق بين الممثل العراقي والانكليزي، مالذي يتميز به الممثل العراقي،؟ فأجابني الاحساس العميق . فقلت له هل يمكن ان ادرس الاحساس في الاكاديمية العراقية؟ قال لا بالطبع . ولو اردت أن اذهب الى كامبرج كما فعلت انت أو الى روما أو البرازيل ماذا أطرح لمريدين المسرح في مجال اعداد الممثل مالذي نتميز به نحن في العراق؟ سؤال ينبغي البحث عن إجابة له ويشكل عملي، ماهو الحوار الحضاري الذي يمكن أن افتحه مع مسارح الثقافات الاخرى الاوربية والصينية واليابانية في هذا المجال بالتحديد؟ في مجال فن الممثل الذي يشكل قطبا اساسيا مع المتفرج في المسرح؟
بعد أربعة عقود من العمل في اوربا كيف تنظر الى ماضيك؟ والى ماذا توصلت من قناعات وأفكار؟
فعلي المسرحي ماهو الاّ امتداد لذاكرتي لتراثي وتجربتي الشخصية وذلك هو حضور ممتد يختلف عن الذكريات والمذكرات المسجلة لاربعة عقود . عزمت في مسيرتي المسرحية على ان أمسك القوس في يدي اليسرى وأسحب الوتر باليمنى وكلما سحبت الوتر نحو الوراء بعزم ذهبت نحو الجذور العضوية لذاكرتي لينطلق السهم نحو المرمى الذي انظر اليه بشغف في خضم معمعة الحياة المعاصرة. وكل عرض مسرحي اخرجته وكل دورة تدريبية أو مختبر مسرحي نظمته وكل كتاب قمت بتأليفه أ و ترجمته كان موقعا انطلق منه سهمي و مساهمتي في الدرب الطويل لتجربتي المسرحية.
انت عشت تجربة حياتية غنية وشاقة وممتعة رأيت فيها الكثير من البشر والكثير من الامكنة وتعاملت مع فلاسفة وفنانين إضافة الى بسطاء الناس، مالذي يجعلك تشعر بالسعادة والاستمرار بهذا الاندفاع تجاه الحياة؟
عندما تعرفت عن قرب على تجربة غروتوفسكي وعلى تجربة مسرح الاودن ومؤسسها المخرج الصديق ايوجينو باربا ، شعرت أن لي اصدقاء ورفاق درب سبقوني في معاناتهم وهمهم، وعلى حد قول الاتراك وجدت فيهم أرخاداش اي بمعنى صخرة ظهري سندي الذي أتكىءُ عليه في لحظات التعب أو مواجهة الصعاب،ولي رفاق درب في العراق وفي ايطاليا اعضاء فرقتي واعضاء فرق المسرح الثالث في اوربا وأمريكا اللاتينية وأشاطر كل هولاء الهم والعزيمة في طريق الابداع المسرحي وقد قيل لي إن كنت تعبر الصحراء وتفكر بنفسك فقط ستهلك، ولكن لو كنت تفكر برفيق درب أو حبيب لك ستنجو والاندفاع في الحياة وفي المسرح يتحقق بوجود الشريك الاخر في القرب أو البعُد. وذلك هو مايجعل حبل المودة ينشدُّ بين الحشى والقلب وان يستمر الاندفاع نحو الحياة.
الى ماذا تسعى وتخطط للايام أوالاعوام القادمة؟
أعمل حاليا مدرسا لمادة التمثيل في قسم المسرح في كلية الاداب في جامعة دهوك. وفي هذا القسم الذي تأسس قبل اربعة اعوام بعزيمة المبدع الدكتورابرهيم احمد سمور ورئيس الجامعة، بدأت المساهمة مع هيئة اعضاء التدريس في اعداد مجموعة من الطلبة اكاديميا وفي نية القسم ان يقوم بتوكيل بعض اعضاء هيئة التدريس بأخراج عروض مسرحية مع طلبة المراحل الاربعة، وفي هذا المجال افكر بالعمل بمشروع عرض مسرحي يستند على نص الشاعر الروسي بوشكين، ومن جانب آخر بدأت بنشر 15 مصطلح ومفهوم مسرحي من سلسلة 50 مصطلح باللغة الكردية في جريدة ئفرو في دهوك،وسيكون ذلك مشروع كتاب باللغة الكردية والعربية.وفي نفس الوقت أقوم بالتنسيق مع فرقة شور شفان المسرحية ودائرة المسرح في دهوك من اجل استضافة فرقتي المسرحية مسرح الاركان من ايطاليا في شهر اكتوبر عام 2012 لتقديم عرض مسرحي من اخراجي بعنوان شهرزاد واقوم كذلك بمشروع اعداد كتاب جديد حول فن الاخراج المسرحي . وقد صدر حاليا في هذا الشهر في القاهرة كتاب العضوية والطقوسية في مسرح غروتوفسكي من اصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012
/6/2012 Issue 4237 – Date 28 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4237 التاريخ 28»6»2012
AZP09