
فاتح عبد السلام
الخدمة العسكرية وخدمة الاحتياط، في مقدمة اهتمامات الدول الأكثر استشعارا بالحروب الدائرة حولها. هناك دولة عربية في الأقل اعادت العمل بقانون الخدمة العسكرية هي الأردن، وسوريا والعراق بلدان كانت عناوينهما عسكرية وحربية بشتى التوصيفات طوال عقود.
غير ان الأولوية اليوم هي الدول الغربية التي باتت تمارس ممارسات لم تعهدها من قبل منها توزيع كراسات الحرب وتعليماتها في حال وقوعها، وهذه الهواجس فجّرتها حرب روسيا وأوكرانيا، فكيف سيكون الحال لو ان الحرب اندلعت بين دولتين نوويتين بحجم الكوريتين مثلاً.
فنلندا التي طول حدودها يقارب جدا طول حدود العراق وإيران، أي في حدود 1340 كيلومتراً، أعلنت أنها سترفع اعتبارا من العام 2026 السنّ القصوى لعناصر الاحتياط في جيشها من 60 إلى 65 عاما، لتعزيز للجهوزية العسكرية في مواجهة التهديد الذي تمثّله روسيا المجاورة.
عتبة الستين بحد ذاتها في الجيش تعني هناك حاجة قصوى للجهد العسكري فكيف بعتبة الخامسة والستين.
وزير دفاعهم يقول انه العتبة الجديدة ستوفر 125 ألف مجنّد إضافي خلال خمس سنوات.
وتضمّ وحدات الاحتياط الفنلندية في هذا البلد الصغير في الوقت الحالي نحو 900 ألف مواطن.
اذكر ان الحرب العراقية الإيرانية التي اكلت الأخضر واليابس واستمرت ثماني سنوات، دفعت الجيش العراقي الى تجنيد مواليد 1946، كإجراء استثنائي لافت للنظر، ووضعهم في مواقع مساعدة للجبهات وبعضهم حرقته الحرب فعلا قتلاً وأسراً، وكانت الاعمار في حدود الأربعين عاماً. وكان يتم النظر الى أولئك المجندين على انهم عجائز الجيش.
مستوى الحياة الراقي في دول غربية لاسيما في العناية بكبار السن يجعل الاصحاء في سن الستين القاعدة وليس الاستثناء. والاجراء الفنلندي قد ينسحب على دول اسكندنافية أو أوربية في أي وقت.
في أوقات الحروب، تكسر معظم القواعد والثوابت والقوانين، فالحرب هي هدم قبل ان تتحول الى بناء بعد وقت طويل، وقد تكون هدماً مطلقاً إذا تورط فيها الكبار بالأصالة أو الوكالة.
احتياطات توقع نشوب حروب لا تكون من خلال تهيئة قوات من المنجدين الجدد، وانما هناك سلاسل من الفعاليات التي تضع مصالح البلاد العليا في تجنيبها الحرب أولاً وقبل كل شيء، ومن ثم الاستعداد لدرء نيرانها إذا جرى فرضُها.
لا نتكلم هنا عن عالم افتراضي، هناك فعلاً تلويح قوي بنشوب جولة حرب أخرى بين إسرائيل وإيران، وكما تعلمون العراق واقع في الوسط، وأكبر همومه اليوم كيفية تقسيم المناصب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية

















