المجلس البلدي أم المختار؟

المجلس البلدي أم المختار؟
قبل اكثر من عشر سنين كان للمختار اثر سيء في حياة الناس ووجه قبيح يمثل احد ادوات القمع للنظام المقبور وكانت له هيبة مفتعلة من نوع خاص بحكم المؤسسة التابع لها وقذارة المهمة الامنية الموكلة اليه فمن اين جاء المختار ومن اين جيء به سؤالي قد يؤدي بصاحبه الى التهلكة واليوم وبعد ان اصبح الجميع في متناول وسائل الاعلام وليس القانون لم يعد يخفى على احد الجواب عن اي تساؤل كان.
واقول هذا ليس لغرض الطعن والتجريح برجال الدولة قدر ما هو اجراء اعلامي فقط لكشف بعض الانشطة في السلب والايجاب، فقد كان في الماضي القريب للمختار سطوة كبيرة على ابناء الشعب وله قوة السلطة الظالمة وجبروتها وباستطاعته ان يعبث بمقدورات اي اسرة متى ما اراد ذلك بدافع شخص او مصلحة معينة تتقاطع مع مصلحته الخاصة وسبق ان لعب المختار هذا الدور المشين بامتياز كانت نتيجته ان هجرت بعض الاسر وظلمت اسر اخرى وصدرت كثير من الاموال رغبة منه بالاستحواذ على عقار معين او محل تجاري او لغرض تعدد الزوجات الشرعي وغير الشرعي وكثيرة هي الحجج التي زج على اثرها خيرة الشباب في السجون والمعتقلات بتهم جاهزة لدى المختار كأن يكون التخلف عن الخدمة الالزامية او الهروب من الجيش والجيش الشعبي وجيش القدس وما اكثر الجيوش حين تعدها واكثر التهم الجاهزة واكثرها ظلماً وقهراً هي شتم القيادة السياسية وعلى رأسها القائد الضرورة ابو المكارم الذي تكرم بالعراق الى قوات الاحتلال برعونة المراهق وجرى ما جرى بسببه وهذه التهمة مصيرها التهلكة لا محال، اما اذا حصل ان رضى المختار عن شخص ما فسوف يكون هذا الشخص بمأمن لا تطاله يد السلطة وان كان من اعتى المجرمين واكثرهم كرهاً وعدوانية لسلطة القانون.
هذا هو الوجه القبيح لمهنة المختار الملوث بفعل فاعل.
اما حقيقة هذه المهنة فهي كباقي المهن فيها خدمة كبيرة للناس يقوم من خلالها المختار بجرد كامل لسكان منطقة مسؤوليته وله مقر ثابت يسهل الوصول اليه بدون روتين وفساد اداري لان الجميع معروفين من قبله وفي الوقت نفسه يكون المختار دليلاً لعنوان سكان المنطقة لتسهيل امر القادم اليها ايضاً يكون المختار ضمن اي قوة تدخل الى المنطقة لتنفيذ واجب امني حتى لا يكون هناك خطأ في تنفيذ الواجب بحكم معرفته بأهل المنطقة وسكنهم.
واليوم وبعد ان ذهب المختار بكل ما ذكرنا سلفاً استبشرنا خيراً بقدوم ممثلي الشعب في المجالس البلدية الذين تم اختيارهم بطريقة او باخرى واعطيت لهم صلاحية ادارة الملفات الخدمية ومتابعة عمل امانة العاصمة ودوائر البلدية في المحافظات ولكن وللاسف الشديد لم يكن معظم هؤلاء بمستوى المسؤولية المناطة بهم وعملوا كما عمل البريطانيون من قبلهم على تحقيق منافع وامتيازات شخصية على حساب هموم الناس ومشاكلهم وبمجرد ان تراجع احد دوائر المجلس البلدي سوف تصطدم بروتين اداري ممل تندم على استبدال المختار بهم اما اذا كلف احدهم بمتابعة امر خدمي ما تراه يندب حظه العاثر ويدعي بان ليس لديه صلاحية التاثير بهذا الاتجاه او ذاك، اضف الى ذلك ان بعضاً من اليات امانة بغداد تعمل لحساب اشخاص اثناء وبعد الدوام الرسمي وفي ايام العطل الرسمية ولا احد في الجانب الرقابي يستطيع ان يخبر الجهات المسؤولة عن ذلك خوفاً من ان يتسرب اسمه ويوضع في قائمة الاعداء من الخيرين والشرفاء الذين يقفون حجر عثرة امام جشع ذوي الانياب المفترسة ليتم تصفيته ان استفحل امره ليضطر بالنتيجة الى ان يغير المنكر بقلبه وذلك اضعف الايمان.
اما من لم يكتف براتب المجلس البلدي المجزي فما عليه الا ان يشير بطرف اصبعه الى جهة ما لتأتيه المقاولة من حيث لا يدري كأن تكون مقاولة تنظيف الشوارع الفاسدة التي تكلف ميزانية الدولة والامانة ملايين الدولارات ويمكن الاستعانة عنها كما معمول به في كل دول العالم باستخدام اليات مصممة لهذا الغرض تعمل ليلاً دون ان تعرقل حركة السير وتقوم بهذا العمل بكفاءة متناهية.
ويكمن لهذه الاعداد الكبيرة من البطالة المقنعة ان تذهب بها لتنفيذ مشاريع يحتاجها البلد فعلاً للبناء والاعمار وليس للهدر والفساد والتساؤل هنا متى يستطيع الانسان العراقي ان يتحمل مسؤوليته بشرف امام هذا الكم الهائل من المال السائب غير المسؤول ومن هذا المسؤول الذي يستطيع ان ينجوا بنفسه وباسرته في حالة منعه او كشفه لحالات الفساد في دائرته وحدث ان تمت تصفية الكثير منهم للسبب اعلاه وعليه ولغرض الحفاظ على المصلحة العامة فأننا نحتاج الى المخبر السري النزيه ومن اين ستأتي به فمعظمهم تكون شكواهم كيدية يذهب ضحيتها الابرياء وينجوا منها الفاسدون ولندع ما تقدم قليلاً لنجد ان هناك بعض النشاطات الخيرة والمباركة برغم قلتها الا انها تحسب لصالح اعضاء المجلس البلدي الخيرين رغم ان قسماً منهم جيّر هذا النشاط لحسابه الخاص بتحويل جهة النشاط الى منطقة سكناه على حساب مناطق اخرى محتاجة الى مثل هذا العمل كون اعضاء مجلس هذه المناطق اما ان يكونوا خجولين او متخمين لا تمنحهم كروشهم حرية الحركة ولا يكلفوا انفسهم حتى بابداء رأي في هذا المجال.
وكمحصلة اخيرة لما تقدم لو اردنا ان نحسب الجدوى الاقتصادية والعملية لكل من المجلس البلدي والمختار لوجدنا ان المختار اصلح كونه لا يحتاج الى صرف الملايين من الدولارات هباءً كرواتب ومقررات وتقاعد ورشاوى ويمكن الاستعانة بالمجالس البلدية باستحداث دائرة استشارية في مقر الامانة تقوم بدراسة الواقع على الارض واعطاء توصية الى دائرة المشاريع في امانة بغداد او وحدات البلدية في المحافظات لاجراء اللازم بدلاً من ممثلي الشعب الذين لا يمثلون سوى انفسهم وذويهم، فواقع المجلس البلدي الحالي هو صورة مصغرة للبرلمان والحوكمات المتعاقبة التي سرقت وافسدت فرصة العراقيين بالخلاص والجلاء.
كريم الرماحي – بغداد
بغداد

AZPPPL

مشاركة