المتبرع للقراءة والتميز – نصوص – رزاق إبراهيم حسن

تلك الكتب

المتبرع للقراءة والتميز – نصوص – رزاق إبراهيم حسن

من القصاصات الورقية التي وقعت في يدي وانا اسير في شارع المتنبي ورقة تدعو الى التبرع بالكتب والمطبوعات داعية المتبرعين الى الاتصال على رقم موبايل تسليم الكتب التي يراد التبرع بها، وسوف يقوم الاشخاص الذين يتم الاتصال بهم على الرقم الهاتفي بتسليم كتب المتبرع بها الى من يستحقونها من الاشخاص وذلك بهدف اشاعة حب القراءة، وتوعية الشباب باهميتها وازالة غشاوة الظلام عن عيونهم، وجعلهم يرون الحقيقة كما هي بعيدة عن الزيف والضبابية، وعن الاوهام والاكاذيب.

وحملت الورقة اهدافا اخرى، اشعر انها كبيرة وليس من الممكن تحقيقها من خلال الكتب المتبرع بها، وهي كتب يحتمل ان تكون ذات عناوين متفرقة، وليس من الممكن وضعها في عنوان واحد يجعلها خاضعة لخطة تثقيفية معينة، ثم ان المتبرعين ليسوا من نمط ثقافي موحد او معين لكي يمكن ان تكون كتبهم ذات خطاب محدد بتوجهات معينة، كما انهم غير ملزمين بهذه التوجهات، لانهم يتبرعون بما يريدون التبرع به او بما يفيض عن احتياجاتهم من الكتب والمطبوعات. ثم ان المتبرع لا يكون من نمط المتبرع له في اغلب الاحيان، كما ان المتبرع يجود بما يختار ويرغب وبما يفيض عن احتياجاته، وبما يقدر على شرائه ولا يكون بالضرورة متفقا مع رغبات واحتياجات المتبرع له، والذي نَهِبُ له الكتب والمطبوعات التي يتم التبرع بها وقد يكون المتبرعون من مستويات ثقافية متباينة، ومن اماكن متباعدة بحيث يكون تأثيرهم في الذين يتم التبرع لهم تأثيرا فرديا، او مؤقتا او في حدود التسلية او يكون هذا التأثير فاعلا عندما يوضع الكتاب المتبرع به الى جانب كتب اخرى، يتم الافادة منها في برنامج ثقافي، وخطة ثقافية معينة. ولكي يكون التبرع بالكتب والمطبوعات اكثر فائدة واقوى تأثيرا فأن من الضروري ان يوجه للمدارس من الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة، لانها تتيح للمدرسين والاساتذة التعرف على توجهات ومستويات الطلاب والتلاميذ، واستحقاقهم من الكتب والمطبوعات، والكتب والمطبوعات التي يرغبون فيها، ويحتاجونها في تطوير مؤهلاتهم الدراسية والثقافية، والكتب والمطبوعات التي تحفزهم على ذلك، ثم ان التبرعات للمدارس يمكن ان تعزز من المكتبات المدرسية، وتجعل الكتب المتبرع بها في متناول اكبر عدد من التلاميذ والطلاب.

ويحصل ان تضم بعض المدارس طلابا وتلاميذ من الفقراء الذين يرغبون في القراءة ولا يملكون القدرة على شراء ما يرغبون فيه من الكتب والمطبوعات، حيث يمكن سد احتياجاتهم من التبرعات، كما يحصل ان يكون الطلاب والتلاميذ الفقراء من الذين يعانون النقص في المطبوعات الدراسية حيث يحصلون على احتياجاتهم من هذه التبرعات.

ان التبرعات من الكتب والمطبوعات واهداءها للطلبة والتلاميذ المتميزين والذين يتفوقون في قراءة الكتب والمطبوعات غير المدرسية كانت في بعض الاحيان تقتصر على تبرعات الاساتذة والمدرسين والمعلمين وهي تبرعات مدروسة وذات فائدة كبيرة، اذ يكون المتبرع على علاقة يومية وثقافية مع المتبرع له، ويكون موجها له في القراءة والافادة منها، ويمكن تحقيق ذلك مع الكتب والمطبوعات المتبرع بها من خارج المدرسة اذا تمت باشراف وتوجيه الاساتذة والمدرسين والمعلمين الذين قطعوا اشواطا في توجيه الطلاب والتلاميذ الى القراءة وكيفية التعلم من الكتاب والافادة منه في كتابة المقالات والبحوث والدراسات ويحتفظ الكثير من الطلاب والتلاميذ بذكريات ممتعة عن علاقات ثقافية محورها الكتب والخواطر والمقالات مع بعض الاساتذة والمدرسين والمعلمين، ومحورها اصدار بعض المجلات والنشرات الجدارية وهي كانت البدايات الاولى للتدرب والتمرين، وتميز بعض الطلاب والتلاميذ في كتابة الشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد الادبي وكتابة البحوث والدراسات العلمية ولعل هناك من يحتفظ بالكتب والمطبوعات المتبرع بها لمسيرته الثقافية، ولمن يأتي بعده من الاولاد والاحفاد المتأثرين به في القراءة والكتابة. وهذا ما يخص التبرعات الفردية وللتبرعات من المكتبات حديث آخر.