المبادئ والمقومات بين الدولة الدينية والمدنية – رزاق ابراهيم حسن
مع ان عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري يخصص معظم صفحات كتابه (الدولة الدينية والدولة المدنية المبادئ والمقومات – الجزء الاول) لدراسة الدولة المدنية، الا انه يكرس الصفحات الاولى والصفحات الاخيرة للدولة الدينية ايضا، اذ يرى في مستهل الكتاب (ان الربط الجدلي بين السياسة ودين الدولة يؤدي الى الايمان بان الانسان حر في حياته وهو الذي يقرر وجوده ومكانه لان الله تعالى منحه الحرية كأنهم بذرة في ماهية الانسانية) ويرى المؤلف ايضا بعدم اهمية الفصل والجمع بين الدين والسياسة وانما المهم هو الطريق الذي يؤدي الى انسانية اكثر وعدلا ومساواة وحرية لان العقل بلا انسانية كفر، والجمع بلا حرية كفر وعبودية وتوحيد الروح البشرية مهما اختلفت الاديان والسياسات والديانات والدول والالوان والدماء دعوة اممية الى الانسانية الواحدة، لان الناس كافة من اب واحد من يريد ان يعرف كيف يحيا جيدا عليه ان يعرف كيف يموت جيدا). وبعد ان يقدم العديد من الدراسات عن المدينة الدينية والمدينة المدنية بقول في اواخر صفحات الكتاب (مما يتبين من خلال العرض السابق ان دولة المدينة المنورة تمثل نموذجا ديمقراطيا مستقرا واقتصاديا معتمدا على ذاته وحياة ثقافية نابضة بالحوار والعقيدة والمفاهيم والقوانين التي جاء بها الرسول (ص) بعيدا عن اهواء الحكام لانها قامت على التكامل في العقيدة والنبوة والرسالة في وجود الانسان والكون والنظام الاجتماعي الشامل لاوجه الحياة وبتلازم هذه الاركان وجدت المدينة في النظرية الاسلامية لتعبر عن اشتراك كافة الوان المجتمع كأمة واحدة وفكر واحد، وتوجهات فكرية واحدة، لانها تعبر عن الموقف السياسي والنظرة الشاملة للحكم والحياة والنظام السياسي). وقد يتصور بعض القراء ان الكتاب يركز على المبادئ والقيم التي تقوم عليها دولة الدين او الدولة المدنية، ولكن ذلك تصور لا يقدم الصورة الشاملة للكتاب اذ ينقسم الى فصلين بعد المقدمة والمدخل والاستهلال، وجاء الفصل الاول: الدولة المدنية ويتناول هذا الفصل منطلقات الدولة المدنية قواعدها حقوق الانسان فيها، الايديولوجية المدنية، نظرية الحق المدني، الحرية في المجتمع المدني، قواعد المجتمع المدني وحقوق الانسان في المجتمع المدني، وجاء الفصل الثاني المكرس للدولة الدينية بعدد قليل من المباحث وهي: مفاهيم في الدولة الدينية، ماهية الدولة الدينية، منطلقات الدولة الدينية. ولا يمكن عرض الكتاب لسعته وكثر صفحاته ولانه يوجز العديد من الفصول والمباحث بيد انه من الكتب المهمة للاسباب التالية:
1- انه من اوسع الكتب اهتماما بحثا في الدولة من الناحية الفكرية والسياسية.
2- انه يقدم مسحا لمجمل المصادر المتعلقة بالموضوع وذات الصلة به، اذ يذكر المؤلف عشرات المصادر في خاتمة كل فصل وهو يذكر عناوين المصادر الثانوية، فيما يذكر المصادر الاساسية في السياق.
3- ان المؤلف عرف بمؤلفاته القانونية والتاريخية ويتوج هذه التوجهات بكتابه عن الدولة الدينية والدولة المدنية) اذ يأتي الكتاب معززا بما هو قانوني وتاريخي.
4- ان الكتاب لم يؤلف للتنظير وانما لكي يكون اسهاما عمليا في النقاش الراهن من الدولة وماهيتها ومنطلقاتها والتطبيق العراقي لها، وما ينبغي ان يكون عليه من ظروف وخصائص وتطورات.
5- ان هذا الكتاب يقوم على منهجية علمية بعيدة عن الانحياز لاية جهة سياسية او ايديولوجية، ذلك ان مؤلفه يتسم بالاستقلالية والعلمية.
ومما يجدر ذكره ان الكتاب من اصدارات دار ضفاف للطباعة والنشر عام 2018.