المأزق التاريخي والثوابت الوطنية
فقدان مقومات العمل السياسي
ليس غريبا ان يمر العراق في عاصفة هذه الدوامة التي مضى عليها سنوات تسع عجاف ولكن الغرابة استمرار العصف الدامي الذي اصاب كبد البنيان المجتمعي دونما أفق منظور للخلاص او بوادر حكمة من عقلاء القوم لتخطي الحال المحال ، فالساسة لا يمتلكون الحد الادنى من مقومات العمل السياسي وليست لديهم رؤى موحدة من اجل العبور بل أنهم على درجة عالية من الحنكة في ادارة ابعاد المشروع الطائفي الذي كان سببا محوريا بما جرى ويجري من تدمير لأسباب المواطنة وقتلها كما اسهم أمراء العنف الطائفي قي قتل اكثر من مليوني مواطن دون تمييز للمكون او الطائفة او الدين وبلا عقاب او مساءلة وما زالت قائمة حتى الان وما جرى مؤخرا من سفك لدماء الابرياء خير الادلة وأكثرها اثباتا وقد تعمدت الاجهزة المعنية في المنظومة القضائية التعتيم على هذه الجرائم التي تعد من جرائم ضد الانسانية على وفق احكام النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، اذاً نحن امام مأزق تاريخي قاتم فأما الرجوع الى الثوابت الوطنية وتفعيل دور المواطنة كونها الاساس في اعادة اللحمة الوطنية ومغادرة المشروع الطائفي وما يسمى بالإسلام السياسي الذي اسهمت في انضاجه دوائر المخابرات الغربية لغرض افشاله كما حصل لطالبان افغانستان التي جاءت بها امريكا الى سدة الحكم ومن ثم اطاحت بحكمها بعد مسرحية اعتداءات الحادي عشر من ايلول عام 2001 وهكذا الدوالي مع باقي التيارات الاسلامية في الشرق الاوسط والوطن العربي أو ان نكون خارج حسابات التاريخ السياسي خلال فترة وجيزة لعل المتغيرات الحادثة للربيع العربي هي المؤشر الاكثر احتمالا للمقاربة وربما انهاء معاناة الشعب من مأزقه الاجرامي هذا الذي بات مرعبا لكل اطياف الاديان والمذاهب والمكونات بلا تمييز ، حديثي هذا لم يكن مصوبا لطائفة او مذهب او سياسي ، ان قراءة بسيطة لمعطيات المسيرة الانسانية سوف نجد المشاريع الطائفية والمذهبية غارقة بين ثنايا المجهولات التاريخية تغطيها اشلاء الافكار المتعصبة للقائمين عليها بلا حراك ربما نعثر في رمادها على لعنات الاجيال والتاريخ ، فالحكمة تقضي بأن يفهم الساسة طبيعة المرحلة وما تحمل غيومها من اثقال المآسي اللاحقات ، صحيح ان نظامنا السياسي صناعة غير عراقية جملة وتفصيلا وان اركانه وأعمدته اسسها الاحتلال الامريكي الذي تعمد بأن تكون هشة ومهزوزة تقف على رمال متحركة مقصودة التكوين ، ولكن شعبنا الاصيل يتملك رؤى ثاقبة بشأن حجم المؤامرة الامريكية ليست على العراق بل تفتيت العالم الاسلامي غايتها الكبرى ، فهل ساسة العراق تعلموا افانين السياسية ام ما زالوا بخوار مشروعهم قابعين ؟ ان عناصر الخلاص لا يمتلكها صناع القرار ولا مشاركيهم ومعارضيهم ممن على شاكلتهم بحكم العراق بل المالك الشرعي الوحيد هو الشعب العريق بكل تياراته الوطنية وعشائره صاحبة المآثر التي اذهلت باقي الامم في درئها للمظالم . صحيح ان الاحتلال الامريكي قد سحب قواته إلا انه ما زال يحتفظ بأجهزة مخابراتية تفوق عديد قطعاته العسكرية المسحوبة من حيث قوة تأثيرها على القرار الاستراتيجي للعراق ، وإلا كيف نفسر وقاحة التحذير الذي اطلقه وفد الكونكرس الامريكي للحكومة العراقية مؤخرا بغض النظر عن مضمونه ولكن دلالاته تشير الى الهيمنة والسيطرة والتحكم .
سفيان عباس – تكريت
/9/2012 Issue 4303 – Date 13 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4303 التاريخ 13»9»2012
AZPPPL