اللعب بورقة أوجلان


اللعب بورقة أوجلان
فاتح عبدالسلام
الحكومة المركزية في بغداد التي أثارت عدداً من ملفات الخلاف السياسي والاقتصادي والعسكري مع إقليم كردستان في طوال السنوات الاخيرة ظهرت على نحو غير مكترث تماماً إزاء دخول جيش كامل هو قوات حزب العمال الكردستاني بتعداد يزيد على ثمانين ألف مقاتل من تركيا إلى جبال في إقليم كردستان العراق، عبر اتفاق تاريخي بين الحزب وأنقرة على تحقيق هذا الانسحاب المسلح من داخل الأراضي التركية باتجاه الإقليم في العراق.
أيّ مراقب يرجح احتمال التنسيق المسبق بين بغداد وأربيل على استقبال هذا العدد الهائل من المسلحين الأجانب ومنحهم مواقع ومعسكرات في جبل قنديل المعروف باحتضانه لهم بأعداد قليلة منذ سنوات. لكن أيّ تصريح لم يظهر من مسؤول عسكري أو سياسي أو أمني في بغداد وكأنَّ الأمر هو شأن ثنائي بين الحكومة التركية وسلطة الإقليم الكردي. وإذا كان الأمر كذلك فإنَّ الحكومة المركزية تقر بالسلطات والصلاحيات التي يتمتع بها إقليم كردستان وإن إثارتها للضجة الاعتراضية بين حين وآخر حول ذلك إنّما هو تصعيد سياسي وربّما شخصي أو خارجي لأغراض لا علاقة لها بموضوع صلاحيات جزء فيدرالي من العراق.
من الجانب الآخر، تسعى الحكومة المركزية بتأثير إيراني علني ورسمي لترحيل ما يقرب من ثلاثة آلاف إيراني معارض يقطنون في معسكر معزول منذ أيام النظام السابق كونهم يؤثرون على الأمن القومي العراقي. لكن لا يزال التفسير الحكومي في قبول الصفقة التركية الكردية غامضاً. فلا أحد يعرف مدى حصة حكومة بغداد في العملية كلها، وهل ترسم الحكومة المركزية على الحصول على ورقة مسلّحة تستخدمها للتلويح والضغط لاحقاً على تركيا؟
لا توجد معلومات عن الخطوة التالية المتمثلة بالسؤال كيف ستكون طبيعة حياة آلاف المسلحين لحزب العمال بعد إتمام هذا الانسحاب وبعد سنة أو سنتين؟ أيعمرون الجبل الذي لجأوا إليه أم يحولونه إلى معسكر نوعي للتدريب؟ هل يعودون لقتال الدولة التركية عبر الأراضي العراقية مستقبلاً إذا تطورت أمور سياسية وعسكرية داخل مناطقهم في تركيا وإذا ما تسلموا إشارة غاضبة من زعيمهم التاريخي المعتقل عبداللّه أوجلان؟ هل توجد ضمانات بتنظيم الخطوة اللاحقة وعدم تحولها إلى سبب في إظهار العراق كله وليس الإقليم فقط بأنّه موطن جماعة مسلحة معارضة لتركيا وتعاود نشاطها العسكري رداً على تلك التطورات فيما لو حدثت؟
الأمر ليس بالبساطة كما يمر في الأخبار، فتركيا خاضت حرباً منذ ثلاثين سنة ضد مقاتلي حزب العمال وخسرت الآلاف من جنودها وموظفيها وما يزيد على أربعمائة مليار دولار وهي المستفيد الأول من هذه الخطوة بانسحاب معارضين مسلحين من داخل أراضيها، لكن ما هو الضرر الذي يمكن أن يقع على العراق والإقليم مستقبلاً؟ ولا أقول، ما الفائدة التي يمكن أنْ تجنى من هذه الصفقة التي لم تظهر أطراف دولية وإقليمية على خطها حتى اللحظة؟
FASL

مشاركة