الكيمياوي بين العراق وسوريا
فاتح عبدالسلام
لا يوجد بلد في العالم مثل العراق وسوريا في تفشي ظاهرة المنظمات السرية والعلنية المشتغلة بكل أنواع القتل والعنف والتدمير.
وتشهد بغداد والمدن الكبرى في العراق تفجيرات قاسية يخيل للمرء لو أنَّ منفذي الهجمات اليومية المتكررة كانوا قد حازوا على سلاح كيمياوي لما ترددوا لحظة في استخدامه. ولِمَ يتردّدون؟ وممّن يخشون؟ وما الجهة التي يمكن أن يحسب لها حساب في العراق؟ ثم ما الجهة الصريحة التي ترتكب الجرائم وتعترف أنها فعلت كذا وكذا باستثناء ما تعلنه القاعدة أحياناً؟ مَنْ يسلّم بأنَّ كل هجوم هو من صنع أيدي القاعدة يذهب الى أحد احتمالين حتماً، إمّا إن العراق كاملاً أصبح تحت سيطرة سرية للقاعدة من دون أن تقبل السلطات الاعتراف بذلك أو إنَّ الحرج السياسي والملفات السرية بين القوى الحاكمة والمتنفذة هو السبب المباشر في إيجاد شماعة القاعدة لتعليق هذا الوسخ المتفاقم عليها خوفاً من انكشاف الحقائق المفزعة أمام العراقيين.
الحدود بين سوريا والعراق كانت مخترقة دائماً باعتراف المسؤولين. وإنَّ إمكانية تهريب السلاح الكيمياوي من سوريا الى التنظيمات في العراق هو أمر سهل فيما لو كان فعلاً هناك سلاح كيمياوي بأيدي الجماعات والتنظيمات المسلحة المقاتلة في سوريا حسب ما يقوله مسؤولون سوريون ولكانت نتائج الكيمياوي ظهرت في تفجيرات العراق بسهولة متناهية. السلاح الكيمياوي ليس علباً مملوءة بسائل قاتل كما يتصور بعضهم، وإنما هو أجزاء متكاملة بين جوانب عدة منها أدوات الإطلاق التي هي صواريخ غالباً وأماكن التخزين المحكمة فضلاً عن صناعة الغاز القاتل نفسه الذي تصرف الدول ميزانيات بالمليارات لتصنيعه وتخزينه وإدامته كما حصل في العراق قبل الحرب وكما فعلت أنظمة أخرى في ليبيا أو سوريا. كذلك الحال في سوريا، فإنَّ المجموعات المسلحة لو كانت تمتلك الكيمياوي لما ترددت لحظة في تدمير مراكز قوة نظام بشار الأسد حيث المعركة بينهما ذهبت الى جميع النهايات الحتمية وليس هناك حدود لقتل أو سفك دماء أو وساخة أو سواها. ثمة عقول لابدّ من احترامها عندما يتحدث السياسيون. غير إن ذلك لا يحدث إلاّ نادراً في العراق أو سوريا.
FASL