مكاتيب عراقية
علي السوداني
أيها الكويتيون اعقلوا واتعظوا واعلموا انَّ حدُّ العراق معكم هو ذلك الخط الرسمي الذي كان قائماً في الأول من آب من سنة الرمادة الحمقاء الجدباء الف وتسعمائة وتسعون .
الذين منحوكم اليوم خور عبد الله ومقترباته البصرية ، هم من الصنف الذي إنْ توسلته كي يستعمل وشالة ضميره ، لقالَ لك اذهب يا هذا وقاتل وحدك لأنَّ الضمير صار قصة قديمة ، وهؤلاء اقترب موعدهم مع يوم الكنسة الكبرى . إنْ فعلتم هذا نجوتم ، والعراقيون جاهزون لنسيان جلّ جرائمكم المخجلة ضد بلدنا العزيز ، حيث كنتم المدخل الأكبر الذي دخل منه الوحوش والحرامية والشواذ الأمريكان ومن والاهم من الذيول والمنغلة ، فحطموا وأفسدوا ونهبوا عراقنا ، أما اذا ركبتم الرأس الفارغة ، فسوف أُفتي غداً بتفعيل قولتنا المزلزلة بالحقّ وعنوانها الراسخ .
العنوان الرئيسي الآن هو خور عبد الله ، وهذا العنوان يجب أن لا يغطي على حقوق أخرى منها تأريخية ثابتة ومؤرشفة ومسجلة تعرفها الدولة العراقية التي قامت قبل مائة سنة ، وأيضاً يعرفها وربما يحتفظ بها في خزنته المغلقة الانكليز الذين هم سبب ثابت من أسباب أخطر مشاكل المنطقة العربية ، من زرع لملوم ولقطاء اسرائيل في أرض فلسطين العربية ، وقنابل موقوتة أخرى .
لا أحد من الحاكمين القائمين بمحمية بغداد العليلة حتى الآن ، بمقدوره التحدث عن الثلمات والتجاوزات الكويتية في المياه والنفط والرمل والعلامات الحدودية من جهات الفاو وأم قصر وصفوان . في باب التعويضات المريب ، أخذت الكويت كلّ ما خسرته بسبب واقعة الثاني من آب ، بل أضافت إليها خسائر مفبركة وكاذبة ومنفوخة ومبالغاً بها ، وحتى في سنوات الحصار الأمريكي المجرم على أهل العراق الجائعين اليائسين ، كانت مشيخة الكويت تستقطع حصة كبيرة من الأموال الشحيحة التي يحصل عليها العراق من برنامج « النفط مقابل الدواء والطعام « وبفعلتهم الشنيعة هذه ، كانوا كمن يسرق من المريض المحتضر آخر حبوب الشفاء أو تأجيل الموت ، ومن الجائع بعض قطعة من الرغيف الأسود ، وما تبقى من سواتر الكرامة المنهوشة .
في الحملة الوطنية الشعبية القوية هذه ، سأعرّج على جلّ أصدقائي وصديقاتي الأدباء والفنانين والكتاب ، الذين ما زالوا على سكتتهم المشينة نائمين ، وسأستعين بفكرة جميلة من صديقي عبد الرضا الحميد ، القاص الممتاز الذي أكلته الصحافة ويوميات الوطن المريض . قال رضا دام حرفه النقيّ ، إن الأدباء والكتاب قد قلبوا الدنيا عياطاً وبكاء ضد فرمان المنافقين بمنع تناول وتداول الخمور ، لكنهم في مسألة خور عبد الله قد سكتوا تماماً . نعم صديقي وهم سكتوا من قبل ومن بعد عن كل الجرائم والمخازي ، بسبب قوة الدينار الكويتي ومتبوعاته ، والدولار الأمريكاني ومتبوعاته ، وفضّلوا جعل بطونهم وكروشهم الثقيلة مدافن للطير والسمك والنوافق وما خلفته موائد الغزاة والخائنين والحرامية القائمين .
زبدة المكتوب هي أيها الكويتيون وأنتم منّا ونحن منكم ، إنْ عقلتم وحكمتم بالعقل وبالحكمة وبالدين وبالإنسانية ، فسوف تجدون عراقاً جاراً طيباً سنداً لكم وانتم ظهيره ، وإن لم ترعووا وتتوكلوا على الله في هذه وغيرها ، فسوف يكون نومكم قلقاً ومقطّعاً بالكوابيس والجياثيم .