الكرد سبقناهم دولةً وسبقونا ديمقراطية ـ مثنى الطبقجلي
في غياب رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني، وفي محنته التي يصارع فيها الموت، انطلقت الانتخابات المحلية البرلمانية في كردستان العراق وسط اجواء ديمقراطية، يامل فيها السيد مسعود البارزاني زعيم الحزب ورئيس الاقليم، ان يتصدر واجهة الانتخابات بفوز كبير يعيده ثانية على هرم المسؤولية في برلمان الاقليم الذي تتنازع على الفوز برئاسته ثلاثة احزاب كردية كبيرة. بينها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحركة التغيير.
ورغم التضارب في حجم المقاعد التي حصل عليها كل طرف. ألا ان ما تسرب حتى الان، يتطابق مع النتائج الصادرة عن التغيير و الاتحاد الوطني ، والتي أوضحت حصول الديموقراطي على 35 مقعداً، و التغيير على 29 مقعداً، و الاتحاد الوطني 18 مقعداً. وجاء الاتحاد الاسلامي ، المعارض في المرتبة الرابعة بحصوله على 12 مقعداً، أي بزيادة أربعة مقاعد عن الدورة السابقة. رغم ان حزب السيد مسعود يقول انه حصل على اربعين مقعدا.
المراقبون للانتخابات والمنصفون يقولون انها جرت في اجواء هادئة، انخفضت فيها نسب الخروقات ووصفوا نتائجها الاولية، بانها تشكل قفزة للقوى المعارضة الكردية، خصوصاً حركة التغيير بقيادة انو شيروان مصطفى، التي أكدت أنها حصلت على زيادة بنحو 100 ألف صوت بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، وجاءت في المرتبة الأولى بمحافظة السليمانية، تلاها الاتحاد الوطني . كما حصلت على المرتبة الثانية بعد الديمقراطي في أربيل.
شبكة شمس.. لمراقبة الانتخابات وفي تقرير لها قالت ان أبرز الجوانب الايجابية في العملية كان افتتاح مراكز الاقتراع في مواعيدها المحددة، وتوفير المواد الأساسية والمستلزمات، فضلاً عن توفير أجهزة الختم الالكتروني، مع أجهزة احتياطية بكامل عدد موظفي المفوضية، ووجود وكلاء الكيانات والسماح لهم لأول مرة بالجلوس قرب مسؤول التعريف في المحطة والاطلاع على عملية التأكد من الأسماء وتوقيع أسماء المصوتين للحد من التزوير، وحضور المراقبين المحليين والدوليين، مع توفر وضع أمني مستقر.
رئيس اقليم كردستان الواثق من النصر في هذه الانتخابات، وقبيل اعلان المفوضية المستقلة للانتخابات فوزه فيها،حث جميع المشاركين فيها على احترام نتائج الانتخابات، التي شكك فيها حزب الرئيس جلال واعرب عن قلقه من نتائجها على سمعة وتاريخ الحزب والتي يتوقع ان تعلن نتائجها رسميا نهاية الاسبوع الحالي.
لكن السيد مسعود البارزاني استبق النتائج النهائية وهنأ جماهير كردستان بمناسبة الانتهاء بنجاح من عملية التصويت لبرلمان الاقليم. على حد تعبيره مؤكدا بحسب بيان لرئاسة الاقليم اليوم ان نجاح هذه العملية هو انتصار لاقليم كردستان ومكسب عظيم للشعب الكردي،
ولانه واثق من النصر، دعا مسعود البارزاني جميع القوى والأطراف السياسية والمواطنين الى الحفاظ على الهدوء والتعايش والتآلف في كردستان وتجنب اطلاق العيارات النارية بدافع التعبير عن مشاعر البهجة من أجل حماية أرواح المواطنين وسلامتهم .
كل المؤشرات الاولية تؤكد تقدم حزب السيد مسعود الى المرتبة الاولى في الاصوات التي حصل عليها وسط تقرير للمفوضية المستقلة للانتخابات يشيد بنسب المشاركة وتطور العملية الديمقراطية ما دعاها للقول ان نسبة المشاركة التي وصلت الى 73.9 تعد مرتفعة حتى بين الدول العريقة بتجربتها الديمقراطية.
ووسط اشادة محلية ودولية بسير العملية الانتخابية. ترجح المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اعلان النتائج الاولية للانتخابات برلمان اقليم كردستان نهاية الاسبوع الحالي،كما رجحت ان ان تستخدم المعايير التي تم التعامل بها مقياس يمكن يحتى به في الانتخابات النيابية العام مطلع ربيع عام 2014.
وبحسب تصريحات ادلى بها مراقبون ومقربون للوكالة الوطنية العراقية للانباء نينا »فان الاتحاد الوطني كان اكبر الخاسرين بفقدانه اصواتا كثيرة في عقر داره مدينة السليمانية، اذ احتل المرتبة الثانية بعد حركة »التغيير» التي جاءت بالمركز الاول . وهذا يعد تصدعا في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني الذي كان حزبه اشاع ان حركة التغيير ستعود من جديد الى داخل حزبه.
لكن الامر وما تلاه يكشف عن انحسار مد هذا الحزب الذي انفصل زعيمه جلال عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي عن الحزب الذي كان يقوده الزعيم التاريخي للبارتي ملا مصطفى البارزاني مكونا حزب الاتحاد الوطني، الذي خاض معارك دموية في حقبة الثمانينات من القرن الماضي مع الحزب الديمقراطي برئاسة السيد مسعود البارزاني ومن ثم تراجعت قوته الى السليمانية بعد تدخل الحكومة المركزية يوم كانت لها هيبة.
وهو يعض اصابع الندم، اقر المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية جلال الطالباني، يشكك ببعض النتائج التي وصفها بأنها لا تليق به وعبر المكتب السياسي للحزب عن قلقه اليوم من، أن هذه النتائج، لا تليق بتاريخه وموقعه ونضاله ، مؤكدا أنه سيحقق في أسباب تلك النتائج. لكنه شدد انه يحترم ارادة الشعب وسيلتزم بها، كما سينتظر النتائج الرسمية للانتخابات وحسم الشكاوى.
السؤال الذي يطرح نفسه هل علينا ان نتعلم من الديمقراطية الكردية الوليدة، طرقا جديدة في الحياة وتقبل الاخر والابتعاد عن الطائفية والاثنية ..؟ وهل واجب علينا حينما نخفق، ان نتقبل الخسارة بصدر رحب، كما تقبلها حزب الاتحاد الوطني الذي سارع الى دعوة كوادره وانصاره ومؤيدية لمراجعة مع النفس.
وكم حزبا لدينا في بغداد رغم حداثة التجربة الكردية، ان ينقد نفسه بهذه الطريقة ويعلي مصلحة شعبه على مصلحة حزبه .. قطعا لو وصلنا الى حالة مثل هذه، سيسكت كل شيء بدءا من اصوات المدافع ووصولا لاصحاب المنافع والمواقع .. لنحتكم لهذه التجربة ولو مرة واحدة. ولتكن مرجعيتنا بعد اليوم شعب المواجع .. وانشودتنا الوطنية التي يتغنى بها الجميع ..راجع يا شعبي انا راجع..
كاتب من العراق
AZP07