القوانين الكونية والمنهجيات المذهبية
التشريعات السماوية والوضعية تصبان وتشاركان مجتمعا أو منفردا في رافد واحد ألا وهو القوام السلوكي الأخلاقي للأنام كافة حاكمين كانوا أم محكومين وكلاهما يحققان مصلحة عليا على مستوى الوضع الراهن للعباد أو تلبية لحاجة محتملة في مستقبل الأيام ، هذه القواعد القانونية تتحد في عموميات الأفكار والعقائد والفلسفات النظرية الأخرى إذا ما انسجمت مع وحدة الهدف الداعية الى جمع الشمل والتآخي والتسامح ونبذ كل أشكال التخندق الديني أو المذهبي لأي مسوغ كان في ظل المتغيرات الحادثة في المسار الإنساني على الساحة الكونية التي ترفض القبول الانغلاقي على ماهية المذهب الواحد كما حصل إبان الديانة المسيحية في القرون التي سبقت عصر النهضة التوعية للمنطلقات التحليلية للعقل البشري مما انعكس دراماتيكيا على الجدوى من سريان التشريعات السماوية بهذه الطريقة التعسفية والمبرمجة من قبل رجالات الدين المتعصبين دينيا ومذهبيا الذين أسهموا في إذكاء التحرر العقلي عن ماهية الرسالات ومطالبتها بالبرهان المنطقي عن أسرارها والجدوى من سريانها الى ما لا نهاية خارج إطار الدليل الشاخص الذي يتطلبه العقل عند الإثبات بما فيها قصص الأولين أنبياء كانوا أو حكام متجبرين أمثال فرعون وسلالاته ومحاكم التفتيش الكاثوليكية وجورها المذهبي وظلم الازتيكيين في أمريكا الجنوبية الذين تزامنوا مع الحضارة الفرعونية من حيث العلو الجبروتي على كل التشريعات الدينية واللادينية وهدر كرامة الإنسان وحقوقه المقررة من رب العباد سبحانه ثم جاءت الزرادتشتية الفارسية لكي تنسف كل مقومات المعتقدات الإلهية ودياناتها المبجلة لتطرح فلسفتها الاعتقادية بوجود المعبود جل وعلا في كوابيس النار الأزلية في شعلتها الإلحادية خلافا الى الحقيقة التقريرية الثابتة روحيا للذات الإلهية سبحانه . فالقوانين السماوية عبارة عن أسرار غيبة تحظى بالقناعة التأكيدية العقلية والروحية للعباد أيا كانت دياناتهم ومذاهبهم بعيدا عن الخرافة والخيال المبرمج من بعض رجال الدين لمسوغات نفعية ومصالح ضيقة . فالتسييس حالة طارئة لهذه المنطلقات وهدف معدوم النتائج الأخلاقية المأمورة ربانيا وربما يكون ثورة راديكالية ضد التاريخ الديني لمجمل الرسالات بما فيها الإسلامية التي تشهد ثقافة المؤامرة من داخل البيت الإسلامي عن طريق الأحزاب الدينية المصنعة غربيا أواسط الخمسينات القرن الماضي وما بعده والتي تدخل ضمن حسابات الأعداء التقليدين للرسالة المحمدية كما عهدناهم منذ انبثاق الدعوة التوحيدية الأولى قبل ألف وأربعمائة عام ونيف . فالتشريعات القانونية أيا كانت مصادرها تبقى العين اليقظة للشعوب المغلوبة وحامية لحقوقها برغم الانحراف المشين لأولي الأمر وذلك لارتباطاتهم المخجلة مع الأعداء ممن يسهموا في زجهم على مصدر القرار لدى اغلب الدول الإسلامية كما يحدث اليوم في أفغانستان والعراق وإيران وفلسطين . إن القوانين تتعارض دائما مع النهج الطائفي والمذهبي كونهما مفرقة لوحدة الصف وعاصفة في البنيان المجتمعي لأية دولة ومحفزة للعنف الطائفي المقيت الذي يدوم حتى القضاء على كل شيء يمس الديانات ومذاهبها ويلتهم كل القيم الروحية ومن ثم يأكل رجال الدين المتعصبين ومعتنقيهم الغوغائيين عبر مسافات الزمن الآكلة للطروحات الخرافية والسياسية المبنية على تلك الرؤى العقيمة من خلال زجهم في المحاسبة القانونية العقابية الوضعية التي يشرعها بإخلاص وطني كبار القوم من الشرفاء في الجمع المؤمن . ان التوجهات الحالية في العراق قد تغرق هذا البلد بالفوضى غير المحسوبة التي تؤدي الى ضياع الجميع لاسيما الأحزاب الدينية والمذهبية والاهم فقدان الشعب العراقي زمام المبادرة الحضارية وأسباب التواصل مع التطور المدني للإنسانية بعد ان يكتشف زيف الافكار المتحزبة طائفيا المخادعة لطموحاته في الامن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة . انني اعتقد ان الوضع العراقي سوف يغرق البلاد بالإرباك الذي وضع لمساته الاولى دهاقنة الماسونية العالمية .
سفيان عباس
AZPPPL