القشة التي قصمت قناعة العراقيين – جبار فريح شريدة
كان هناك حاكم عادل لمدينة فلا يظلم احد فيها .ذات يوم ابن الحاكم صفع شاب من المدينة على خده .فكان الشاب ابن يهودي فذهب اليهودي لطلب العدل من الحاكم فقال له لك ما شئت. طلب اليهودي على ابن الملك القيام بالجداوه في الشارع لمدة شهر (يمد يده للماره) .حاول الملك اقناع اليهودي بالرجوع عن رأيه لكن اليهودي رفض واصر على الطلب .خضع الملك العادل لطلب اليهودي ونفذ الطلب لمدة شهر ابن الملك يمد يده للمارة .عندما انتهى الشهر عاد ابن الملك للقصر بعد ما اخذ الاستحمام وتغير الملابس .لكن لم يصبر بالجلوس في القصر عاد مسرع الى الشارع ومد يده للمارة .امر الحاكم الحرس ان يقبض علية وارجاعه للقصر .مرة اخرى سنحت له الفرصة وهرب من القصر وذهب للشارع ومد يدة للمارة .استدعى الحاكم الأطباء لعلاج ابنه لكن لم يجدي نفعا اصر الولد ان يكون في الشارع ويمد يدة للمارة.
الهدف من اليهودي هو ازالة القناعة لدي ابن الحاكم هكذا حال العراقيون في الحصار الذي فرض عليهم فترة 1991-2003.
الحصار الذي فرض على العراقيين بعد حرب الخليج الاولى 1991 الى نهاية 2003 ودخول الامريكان واسقاط حكومة الدكتاتور صدام بعد حكم دموي دام أكثر من 30 سنة .
اضطر العراقيون في الحصار الى العمل ليلا ونهارا لكسب العيش ومنهم هاجر الى الدول الاوربية لطلب اللجؤ ومنهم باع كل ما يملك في سبيل العيش ,فكان الموظف راتبة لا يكفي لشراء كيلوا طماطة مما اجبر نفسه لاخذ الرشوه من التلاميذ وهكذا بالنسبة للموظف بدوائر الدولة والضابط بالجيش والشرطة وكافة اجهزة الدولة الامنية فانتشار الفساد واصبح ثقافة عامة بين الناس الى ان وصل العراقي الى عدم القناعة بما يكسب .
اما العراقيون الذين اضطروا لترك البلد وهاجروا الى دول اجنبية فهم كذلك يعيشون على المساعدات الانسانية التي تهب اليهم من تلك الدول والتي هي عبارة عن مساعدات اشبه بالجداوة من تلك الدول فهم لا يختلفون عن العراقيون في الداخل كلاها قد ازالة القناعة لديهم .
اما العراقيون الذين كانوا معارضين السياسيين للنظام البائد المعروف عنهم يعيشون على مساعدات تلك الدول التي يعيشون فيها وهذه المساعدات لا تختلف عن الجداوة التي عاشوا عليها العراقيون بشكل عام .
هولاء العراقيون جميعا عند سقوط نظام صدام البائد قد تولوا ادارة الدولة ابتداء من اصغر موظف الى اعلى الهرم بالدولة وهم مصابون بمرض نفسي الا وهو عدم القناعة بسبب الظروف التي عاشوها فظهرت عليهم تلك الامراض عند تولي احدهم منصب ما فبدأ صاحب المنصب لم يقتنع بالراتب الذي يستلمه مقابل ذالك المنصب فذهب يسرق مستغل منصبه اما بالرشوة او سرقة المال العام الذي يسيطر عليه فظهرت عدم القناعة لديهم الى ان اصبح احدهم يمتلك المليارات تارك الفقراء او ابناء الشهداء والمرضى في معترك الحياة يجوبون الشوارع لطلب الجداوة من أجل لقمة العيش.
هذا المرض الذي اصاب العراقيون من الصعب ايجاد العلاج له بعد ما اصبح القوي يأكل الضعيف وانحدار المجتمع نحو الاسوء فلم يبقى شئ للشرفاء الذين حافظوا على انفسهم فتجردوا من كل شئ بل حتى البعض منهم قتل او هدد بالقتل من قبل الفاسدون الذين عاثوا بارض الرافدين فسادا.