القدس ما القدس إيه قدس وما أدراكَ ما القدس – علي الجنابي

القدس ما القدس إيه قدس وما أدراكَ ما القدس – علي الجنابي

 تلكَ قرية يا سَمير، مَلَكَت من اللهِ مِحرَابَاً وبَنَت من المَجدِ على الأس، وسَلَكَت في الجَاهِ أنسابَاً وجَنَت من الوَجدِ مِن بأس، ورَكَلَت من الآهِ أبوابَاً ورَنَت الى الحَشدِ مِن عَس.

   – أجل يا أبا سَمير، وطوبى للقدسِ من قَرية كانَ مِدَادها رِجال «بابلَ»، إذ جَاسوا فكَبلوا ما فيها من نَفس وتَرس.

   – أي سمير، طوبى للقدسِ، وما أدراكَ ما القدس من قَرية كانَ وِدَادها رِحال «مَكةَ»، إذ واسوا فَقَبلوا ما فيها مِن حِس وغَرس.

  – وطوبى للأقصَى مِن خلة نَالَ بها من الشكورِ الغَفور مِفتاحاً عَمَا في نَبضِ الأخيَارِ مِن عَس ومِن دَعس.

   – نعم، وطوبى للأقصى مِن حلة آلَ بها مِصبَاحاً لكل هَصور صَبور عَمَا في رَفضِ الأبرارِ مِن مَس ويأس. وهكذا بَشرَتِ النَواميس وهَكذا أشرَتِ الفَوانيس وهَكذا نَشَرَتِ القراطيس وما حَوَت من جِنس ومِن تأريخ ودَرس. فما القدس يا بني إلا مَوقِع هو للنجَبَاءِ عَرين بزَأرة مِن سمو وفَخر ورَأس، وللجبَناءِ قَرين بِنَفرة الى دنو وقَهر ونَحس. وما الأقصى إلا مَوضِع يَتَأَزر له المغوَار ويَتَدَرع بسَيف ورمح بكَدس، ويَتَخَزره الخَوار ويَتَقَرع بحَيف وتَرح ولَحس.

   – فما بالِيَ أرَى قَومَنا يَتَقَلبونَ حِيالَها في عَبَث وعَبس، وفي خَنَث وخنسِ، ما بينَ تَفَوه بهَمس وتأَوه وبعَطس، وبينَ تَخوف بِرَفس وتَأفف بفَطس.

  – لا أدري بني، وعَهِدي بهم يَتَقادَحَونَ؛ «لن نَرضى إلا بكاملِ القدسِ نَقيةً مِن رِجز قرد ورِجس». ثم رأيتهم يتَمَالَحَونَ أمرَهم بينَهم؛ «دع شَطراً لَصَهيونَ ودَع في شَطرِنا جدارَ مبكىً وما اشتَمَلَ عليهِ مِن هَلس، والصليبَ وما استعمِلَ فيه مِن قِس، والأقصى وما احتَمَلَ مِن خَيراتِ طَقس». ثمَ تَكالحَوا بينَهم أمَرَهم؛ «بل ضع في قَبضَةِ يَهودَ خَمسةَ أسداس وفي قَبضَتِنا قَبصَةَ السدس».

   – ثم ها هيَ اليومَ يا أبي نَبَراتنا تَتَنَابَح؛ «بل هَبها لهم كلها، كلها هَبها لَهم، ودعنا من غَطس في عَنتريات وهَلسِ. ألا فتَباً لكَ يا ابنَ زَبيبةَ، ألا يا أيها الأسوَدَ العَبسي، قد كفانَا مَا لفَانا مِنكَ مِن عَنتريات وفَطسِ. ولقد قلعنا عَبَثَ قدس مَنحوس بمَس، وَخلعنا خَبثَ ضرس مَطموس بِغَطس، فما لفانا من القدسِ إلا رَجع من ارتكاس، وصَدع من انتِكاس، وقَرع باِبتِئَاس ووَكس».

   – «عَنتريات وفَطسِ»! نعم، ربَما هي «عَنتريات وهَلسِ»، لأننا لم نَعد أحفادَ «عدنانَ وقحطانَ» بِحس وبأس، بل بِتنا اليومَ أولادَ «عدنانَ ولينا» وأسوتنا مَحبوبنا «عَبسي». ويا وَيحَ مَسمَعي، وقد أمسى فك أسرِ القدسِ نسَميهِ «عَنتريات وهَلس»! وإذاً…

   هس يا سَمير هس! هس وإياكَ مِن عَس وجَس ولَمس، وكفَانا خَوضَاً بهلس في شؤونِ القدس، وكأني وإياكَ في محرابِ جامع أو في قاعَةِ دَرس. هس فقد أمسى وَقَار أولى القِبلَتينِ وثالِث الحَرَمَينِ الشريفينِ «عَنتريات وَفَطس». هس.

مشاركة