الغلاء يجبر السوريين على عدم الشراء وأصحاب المتاجر يكتفون بشرب القهوة والتدخين
أسواق دمشق .. حركة رتيبة وسلع غالية وأخرى مفقودة
دمشق ــ بيروت ــ الزمان
من يتجول في اسواق دمشق هذه الايام، بإمكانه ان يلاحظ الفرق الحاصل في تلك الاسواق التي كانت تعج بالحركة والحيوية في الايام التي خلت بعد اشهر من بدء الازمة السورية التي دخلت شهرها الثامن بعد السنة، فلا تكاد ترى الا اصحاب المحلات، يجلسون امام محلاتهم يرتشفون الشاي والقهوة وبعضهم يضع النرجيلة في دلالة على انه لا يعمل، ومتفرغ لقضاء ساعات خارج منزله، حتى ان الزبون المحلي او ما يقال ابن البلد لا يكاد موجود في ظل الصراع الحاصل وسيادة الحل الامني في معالجة الازمة السورية واحجام المواطن السوري عن الشراء بسبب الغلاء اولا،وقلة البضائع المعروضة، وثانيا بسبب توقف المصانع الموجود في ريف دمشق بسبب الاشتباكات، او الموجودة في حلب، كذلك لاقت نفس المصير.
والامر لم يقتصر فقط على الاسواق التجارية الهامة، التي تبيع الالبسة وبعض التحف الشرقية كهدايا وتذكار، وانما انسحب كذلك على اسواق الاغذاية، حيث فقدت بعض السلع بسبب العقوبات التي فرضت على سوريا، وبسبب تدهور الوضع الامني بشكل متسارع، واغلاق بعض المنشآت الصناعية لعدم توفر المواد الاساسية الداخلة في صناعتها، وعدم وجود مشتقات نفطية كا المازوت، والفيول أضافة لانقطاع التيار الكهربائي في الفترة الماضية لساعات طويلة وصلت الى اكثر من 10 ساعات يوميا.
كل هذه العوامل مجتمعة بالاضافة للازمة السورية الناشبة، جعلت الاقتصاد السوري يعاني الامرين، ويصاب بالشلل، مضافا اليه، مسألة الاضراب التي فرضت على المحلات او نفذت اما لتسجيل موقف معارض للنظام، اوتضامنا مع المدن والمحافظات التي تتعرض للقصف والتشرد، وفي كلا الحالتين الخسار الاكبر هو المواطن السوري الذي بات يستهدف في قوته اليومي، وخروج بعض الاصناف الغذائية من الاسواق للاسباب انفة الذكر، وعدم قدرة الحكومة عن تأمينها من الخارج واكتفاء حاجة السوق المحلية.
المواطن السوري ابو عمر صاحب بقالية في ريف دمشق جنوبا، قال ان محله كان في فترة عام 2010 يعطيه صافي ربح يومي حوالي 1500 ليرة، ومبيع من 15 ألف ليرة يوميا الى 20 ألف، وان رأس ماله لا يتعدى الـ 150 ألف ليرة سورية، اليوم ومنذ ان بدأت الازمة يقول ان الاسعار ارتفعت اكثر من 70 بالمائة وبعضها مائة بالمائة، وقل الربح اليومي، وصل الى 5 آلاف يوميا، وقلت نسبة المبيعات بسبب البطالة، وتوقف اعمال البناء والمعامل التي كان يعمل بها السوريين، لافتا الى ان الاسرة حاليا لا تشتري سوى ما هو ضروري، واحيانا بشكل يومي، أي يشترون يوما بيوم.
واشار ابو عمر الى انه وافراد اسرته تعمل صباحا ومساء، وفي نهاية الشهر ينكسر بايجار المحل.
وكذلك المطاعم لم تعد تعمل ولم يعد احد من السوريين يخرج اليه، ما دعا الكثير منهم الى البحث عن اعمال اخرى.
اسواق الادوات الكهربائية والتي شهدت انتعاشا واضحا بسبب سياسة الحكومة السورية التي عمدت الى تقنين الكهرباء ما جعل معظم الناس يشترون مولدات كهربائية تبدأ من 15 ألف ليرة سورية وتصل الى 150 ألف ليرة، ومن لا تستطيع تشتري شواحن تخزن الكهرباء، وتعمل في الليل، وكلها صيني الصنع، مع وجود نقص في البضائع الاوربية التي كانت تملء السوق وذات جودة عالية. كما شهدت الادوات الكهربائية ارتفاعا بالأسعار وصفه بانه جنوني، بحيث ارتفعت ربطة النحاس من الكهرباء التي تستخدم في التمديدات الكهربائية من 1800 ليرة للربطة الواحدة وحسب سماكتها الى 3500 ليرة سورية، ما جعل البعض يتوقف عن البناء، ومتابعة مشروعه السكني.
العام الدراسي
ومع اقتراب موعد افتتاح العام الدراسي في سوريا، ووجود المئات من السوريين النازحين من مدنهم وبلداتهم ومكوثهم في تلك المدارس يبدو ان العام الدارسي لن يفتتح بموعده رغم تأكيد الجانب الرسمي بالالتزام بالموعد المحدد يوم 16 سبتمبر الجاري، والذي يترافق مع ما يسمى عند السوريين بشهر المأمونه .
السوريون بدؤوا كعادتهم شراء ما يلزم للعام الدراسي ولكن قلة قليلة منهم، من يشتري تلك المستلزمات، بسبب نزوح الكثير من السوريين الى الداخل وقسم منهم الى دول مجاورة كاللاجئين.
وقال مصدر في وزارة الاقتصاد إن أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في أسواق دمشق وريفها حافظت على مستواها المسجل في الشهر الماضي، ولاسيما المواد الأساسية كالسكر والرز والطحين والشاي والحمص والقهوة، وشهدت بعض المواد ارتفاعاً في الأسعار وخاصة البيض الذي وسجل التقرير وصوله يوم السبت 8 أيلول إلى نحو 260 ليرة للطبق الواحد، ومن المتوقع أن يصل سعر صحن البيض نهاية الأسبوع الحالي إلى 275 علماً أن النشرة التأشيرية الأخيرة للأسعار، والتي تصدرها وزارة التجارة الداخلية، حددت سعر الطبق 215 ليرة سورية مطلع الأسبوع الماضي كما ارتفع سعر الفروج المذبوح إلى 180 ليرة بعد أن كان يباع الأسبوع الماضي 160 ليرة والسبب يعود إلى قلة توفر المادة تزامنا مع كثر الطلب إضافة إلى صعوبة النقل بين المحافظات وخروج عدد من مربي الدواجن خارج الخدمة ذلك حسب كلام بعض تجار الفروج.
وأوضح المصدر أن سعر الكيلو غرام الواحد من السكر وصل إلى 65 ليرة والشاي 240 للكيس زنة 500 غرام والقهوة 450 ليرة والرز الأمريكي المستورد 70 ليرة والطحين 45 ليرة للكيلو غرام و120 ليرة للزعتر الأحمر على حين بلغ سعر كيس الشعيرية الصغير 90 ليرة والطحينة110 ليرات والحمص الحب 100 ليرة للكيلو والجبنة البيضاء 160 ليرة والجبنة الصفراء 160 ليرة للعلبة سعة 24 قطعة واستقرت أسعار مواد التنظيف عند السعر المسجل في الشهر الماضي 40 ليرة لعلبة الأرز و60 ليرة لسائل الجلي و110 ليرات لمسحوق الغسيل اليدوي زنة كيلو غرام واحد. ومن جانبه كشف رئيس اتحاد الغرف الزراعية في سوريا محمد كشتو أن وزير الزراعة في البلاد صبحي العبد اللـه بصدد الإعلان عن قرار يسمح باستيراد الأعلاف للمنتجين المرخصين أصولاً بكميات كبيرة وبكامل التسهيلات الممكنة وبسرعة قياسية بغرض إسعاف قطاع الدواجن ومنعاً لاستغلال بعض التجار، مشيراً في تصريح صحفي إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف وقلتها تسبب بنقص الدواجن في الأسواق وتهديدها بالنفاد، حيث يتحدث تجار الدواجن عن خطر فقدان الفروج من الأسواق خلال شهرين، ومن هنا سيجتمع وزير الزراعة مع العاملين في مجال تربية الدواجن قريباً لإنقاذ قطاع الدواجن من خطر حتمي حيث إن استيراد الفروج والبيض ممنوع حالياً تحت أي مسمى.
كما تحدث كشتو عن صعوبات كثيرة تقف بوجه تجار المواد الغذائية وأبرزها توقف شحنات في المرافئ أو تأخر وصولها ما يسبب زيادة الرسوم المترتبة عليها للمرافئ ومن ثم زيادة كلفتها بسبب تأخر تحليلها، وكذلك من الرسوم الجمركية المفروضة على مستوردات القطع الزراعية، ومعاملة العداد الزراعي على أنه عداد عادي رغم أن وزير الكهرباء وافق على معاملة العداد الكهربائي بالتعرفة الزراعية، مؤكداً بأنه لا يجوز لموظفي الكهرباء أن يحتسبوا فواتير المزارعين وفق العدادات غير الزراعية. عبر عدد من المواطنين السوريين عن استيائهم من استمرار ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر ضمن الأسواق التجارية في وقت يزداد فيه تدهور الحالة المعيشية للمواطن وذلك بعد اتساع شريحة العاطلين عن العمل أو انقطاعهم عنه بسبب تردي الظروف التي تشهدها البلد. أبو خلدون حرفي ورب أسرة تضرر بسبب تراجع حركة العمل وارتفاع الأسعار، حيث قال إن أسعار كافة المواد التموينية والخضار والفواكه مرتفعة وبشكل ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة ، مشيرا إلى أن بعض المواد التي يحتاجها الإنسان بشكل يومي ارتفعت بنحو 100 .
وأضاف أنه لا يوجد رقابة جيدة على الأسعار من قبل الجهات المعنية، وكل ما تقوم به وزارة الاقتصاد لا يشكل أي رادع لتجار الأسواق ، لافتاً إلى قيام بعض التجار باحتكار بعض المواد لرفع سعرها وخصوصاً خلال شهر رمضان، عدا عن فقدان بعض المواد الأساسية وصعوبة تأمينها، وارتفاع سعر الحليب ومشتقاته .
بدوره، أكد ماهر موظف قطاع خاص أن شراء أي مادة اليوم بغض النظر عن نوعها أصبحت تتطلب إقامة ميزانية مسبقة لتقدير سعرها بحسب الدخل الشهري ، مشيراً إلى أنه حتى أسعار مواد التنظيف والخضار والفواكه ارتفعت بشكل غير معقول، وفرق الأسعار بين محل وآخر أصبح واضحاً جداً .
ولفت ماهر إلى أن سعر الفواكه يشهد ارتفاعاً متفاوتاً يعود لمزاج تجار الفواكه ، لافتاً إلى أن سعر مادة البطيخ تجاوزت 30 ليرة للكيلو الواحد على الرغم مع أنها مادة موسمية، فيما لم يكن سعر الكيلو بتجاوز 15 في الأعوام السابقة ، موضحاً أن بعض الفواكه أصبحت من المواد الكمالية ولا قدرة للمواطن العادي على إدخالها لمنزله .
وبالرغم من كل ذلك تشهد اسواق دمشق كسادا واضحا، وتعرض قسم كبير منها الى النهب والسرقة بسبب الفوضى، وفرار اصحابها الى خارج البلاد، وخاصة تلك المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة.
/9/2012 Issue 4301 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4301 التاريخ 11»9»2012
AZP02