الغربة

الغربة

تَبقى صور بعض الأشياء الجميلة عالقةً في أذهاننا لفترةٍ زمنيةٍ طويلة مهما تقدّمنا بالعمر

 لكن هناك فجوة ليست بهيِّنة بين الواقع و ما هو مَحفور بذاكرتنا، لا أعلم سببها أهو التطور في تكنولوجيا التصوير التي تتغير بمرور الزمن كتدرّج الصور من الأسود والأبيض إلى الصور الملوّنة؟!

 أم السبب يكمن في نُضجنا وما حملته لنا الأيام من تجارب نَحَتت شخصيتنا و بَرت بعض ما كنا متعلقين به؟هذا ما فعلته بنا الغُربة، نتمسك بأشياء ونتعلق بأشخاص ثم تمسك بنا يدها وتجرّنا إلى التعلق بأشياءَ أخرى وتطغى علينا الظروف وتتعاون مع الزمن محاولةً اقتلاع بذور صلة الرحم وحب الوطن، لتجعل منّا انساناً آليّاً مسخَّراً لخدمة الغربة وصبوراً على ما يحمله الزمن… تماماً كما يحدث مع طفلٍ لم يبلغ من العمر سوى بضعة اعوامٍ حين يعتاد على حنان أمه ثم يشاء القَدَر أن تتعرض لوعكةٍ صحيةٍ ويُجبَر على أن يأخذ قسطه من التربية على يد أحد آخر بعد أن اعتاد على أناملها الرقيقة التي تلامس شعره حين ينام وعلى صوتها الدافئ ورائحتها العبقة ونظراتها الحنون التي تمحو كل حُزن وألم..

علا اسامة

مشاركة