موسكو- كييف – كيشيناو-(أ ف ب) -الزمان
أكدت روسيا الأربعاء معارضتها نشر قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا واستبعدت فكرة ترتيب لقاء قريبا بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، في ضربة جديدة لفرص التوصل إلى اتفاق للسلام. واجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا مع كل من زيلينسكي وبوتين بشكل منفصل في إطار مسعاه لإنهاء النزاع المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف. لكن روسيا لم تظهر مؤشرات كثيرة الى استعدادها للتوصل إلى تسوية.
و في خطوة تحمل رمزية كبيرة، أعرب فريدريش ميرتس وإيمانويل ماكرون ودونالد توسك الأربعاء في كيشيناو عن «دعم ثابت» لمولدافيا في مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في وجه «أكاذيب» موسكو و»تدخّلاتها» عشية حملة انتخابات حاسمة.
وقال المستشار الألماني وإلى جانبه الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البولندي والرئيسة المولدافية مايا ساندو التي تدفع نحو انضمام بلدها إلى التكتل إن «باب الاتحاد الأوروبي مفتوح لمولدافيا».
وتعهّد الرئيس الفرنسي من جانبه بأن تقدّم فرنسا «دعما ثابتا لمولدافيا خلال المراحل المقبلة من مسارها نحو الانضمام» إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشار ماكرون إلى «فرصة تاريخية» تتاح لهذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تضمّ 2،6 مليون نسمة والمحاذية للاتحاد الأوروبي ولأوكرانيا التي تواجه غزوا روسيا.
ولم يكن موعد هذه الزيارة من باب الصدفة. فزعماء البلدان الثلاثة المعروفة دبلوماسيا بـ»مثلّث فايمار» سيشاركون في الأمسية الاحتفالية بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال مولدافيا وسيتوجّهون إلى الحشود المجتمعة في العاصمة لحفل كبير، قبل الانطلاق الرسمي لحملة الانتخابات التشريعية في أيلول/سبتمبر التي تتهم مولدافيا وحلفاؤها الأوروبيون موسكو بمحاولة التدخّل فيها لردّ هذه الجمهورية السوفياتية السابقة إلى معسكرها.
وأشار فريدريش ميرتس إلى هذه التدخّلات بقوله «لا يمضي يوم من دون هجمات هجينة واسعة النطاق من قبل روسيا. باتت الديموقراطية على المحكّ في مولدافيا».
وتضغط أوكرانيا للحصول على ضمانات أمنية مدعومة من الغرب في إطار أي اتفاق لضمان عدم تعرّضها لهجمات روسية مجددا، في حين تطالب موسكو كييف بالتخلي عن مزيد من الأراضي في شرق البلاد.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين لدى سؤاله عن وجهة نظر موسكو في ما يتعلق بنشر قوة أوروبية لحفظ السلام في إطار أي اتفاق لإنهاء النزاع، «ننظر إلى هذا النوع من النقاشات بسلبية».
وأشار إلى أن «تحريك البنى التحتية العسكرية للناتو (حلف شمال الأطلسي).. إلى أوكرانيا هو تماما» ما تراه روسيا أحد «الأسباب الرئيسية» وراء تحرّكها لإطلاق عمليتها العسكرية الشاملة في شباط/فبراير 2022.
وقُتل عشرات آلاف الأشخاص في النزاع الذي دمّر أجزاء واسعة من البلاد وأجبر الملايين على الفرار من منازلهم.
وأفاد بيسكوف بأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا هي «من أهم المواضيع» التي يتم بحثها في أي محادثات تهدف للتوصل إلى تسوية، مضيفا أن موسكو لن تناقش تفاصيل هذه المسألة علنا.
واتّهم زيلينسكي في وقت سابق روسيا التي رفضت عدة دعوات لوقف إطلاق النار فورا، بعدم الجديّة في سعيها للسلام. وأفاد في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بأن «الروس يبعثون حاليا برسائل سلبية في شأن الاجتماعات وغيرها من التطورات. تتواصل الضربات على مدننا وقرانا».
وتجري كييف محادثات مع أبرز داعميها في مسعى لتحديد ما يمكن أن تكون عليه أي ضمانات أمنية.
ويرى زيلينسكي أن عقد اجتماع مع بوتين أمر ضروري لكسر الجمود بشأن أي اتفاق محتمل.
لكن الكرملين الذي حاول مرارا التشكيك في شرعية زيلينسكي، استبعد مجددا فكرة انعقاد قمة في أي وقت قريب. وقال بيسكوف لوسائل إعلام بينها فرانس برس، في اتصال مقتضب إن «أي تواصل عالي المستوى أو على أعلى مستوى يجب أن يتم التحضير له جيدا ليكون فعالا». وأضاف أن كبار المفاوضين الروس والأوكرانيين «على اتصال»، لكن لم يتم بعد تحديد موعد لإجراء مفاوضات. ولم تثمر ثلاث جولات مفاوضات بين الطرفين في اسطنبول أي نتائج تتجاوز مبادلة الأسرى.
وطالب ممثلو موسكو في المفاوضات أوكرانيا بسحب قواتها من أربع مناطق هي دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزابوريجيا سبق أن أعلنت روسيا ضمها لكنها لا تسيطر عليها بالكامل، كشرط مسبق لأي اتفاق سلام. ورفضت كييف هذه الفكرة تماما.
في الأثناء، تضغط روسيا عسكريا على خط الجبهة.
وقالت كييف إن ضربات استهدفت مختلف مناطق أوكرانيا الأربعاء أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وانقطاع الطاقة عن أكثر من مئة ألف منزل.
وأفادت وزارة الطاقة الأوكرانية في بيان بأن «الروس هاجموا منشآت البنى التحتية للطاقة ونقل الغاز في ست مناطق».
واعتبرت أن الهجوم يندرج في إطار «سياسة متعمّدة هدفها تدمير البنى التحتية المدنية لأوكرانيا عشية موسم بدء استخدام التدفئة» إذ أنه يعطّل نظام إمدادات التدفئة قبل أيام الخريف الأكثر برودة.
وتضررت مزرعة في منطقة خيرسون الجنوبية نتيجة القصف العنيف، ما أدى إلى مقتل عاملين هناك، فيما لقيت امرأة تبلغ 81 عاما حتفها جراء هجوم وقع ليلا في عاصمة المنطقة، بحسب ما أفاد مسؤولون محليون.
وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 100 ألف منزل في مناطق بولتافا وسومي وتشيرنيغيف، بحسب زيلينسكي.
وتقدّمت روسيا التي باتت تحتل حوالى خُمس مساحة أوكرانيا خلال الشهور الأخيرة.
وأعلنت موسكو الأربعاء السيطرة على بلدة أخرى في منطقة دونيتسك، قرب مدينة بوكروفسك.