العمالقة الصامتون

العمالقة الصامتون

عبدالخالق الشاهر

قام المارشال ديغول بالقاء كلمة في حفل تخريج الكلية العسكرية الفرنسية مؤلفة من كلمات خمس (اخترتم ان تكونوا عمالقة صامتين) ..ولما سؤل اجاب (ان اي من الخريجين سيستلم 4 دبابات وأذا نزل بها ضدنا في الشانزليزيه سيثير الرعب في قلوبنا ويخلق لنا مشكلة كبيرة ..انه عملاق لكنه صامت)

وفي حديقة قصر المارشال ناي كان احد السياسيين يحاور المارشال

السياسي :  لماذا يعطيكم نابوليون اكــــــــثر مما يعطــــــينا؟

المارشال : ترى ان واجهة قصري فيها 35 شباكا مسدلة الستائر ومظلمة قف خلف احداها وسأرمي طلقة واحدة من مسدسي باتجاه ستارة ما لا على التعيين واتنازل لك عن ثروتي.

السياسي : هل تريدني ان اموت؟؟

المارشال: الرصاصة سأوجهها وانا مغمض العينين ويكون احتمال موتك ضئيل جدا.

السياسي: لو اعطيتني كل فرنسا فلن افعل .

المارشال اذا” اعرف ان نابوليون يعطيني الثروة مقابل اني تعرضت لالاف الطلقات الموجهة ضدي وانا مكشوف وبدون ستارة

السياسي : تستحقون الثروة واسحب كلامي .

هذا هو حال الجيوش ..اما حال جيشنا فلن يختلف كثيرا عن جيوش الدول الاخرى في هذا المجال فمتى ما شعر الحاكم انه بحاجة له صدحت الفضائيات والصحف باسمه  وما ان انتفت الحاجة اركن ملفه على احد رفوف النسيان ففي الحرب العراقية الايرانية وصل حد تمجيده الى ان يعفى العسكريون من الوقوف بالدور حتى في محطات الوقود للسيارات وبعد انتهائها منع الضابط من دخول دوائر الدولة الا اذا سجل اسمه في سجل خاص لكي يسأل بعدها عن اسباب الزيارة.. وبعد الاحتلال ظل لفترة طويلة مركونا على الرف الى ان احتاجته الحكومة لفظ اعتصامات الانبار وبعد طول غيبة لم نتذكره فيها الا في صفقات اسلحة الفساد ..برز فجأة كالنجم الساطع واصبح رمزا لوحدة البلاد وللعزة والكرامة ومجنون من يحاول ان يقيمه او يقومه لأنه سيدوس بذلك على الجني وقد لا يفيده قول بسم الله الرحمن الرحيم.

هذا العملاق الصامت تذهب السياسة به اين شاءت وتنفذ به ما شاءت ضد الشعب او مع الشعب تاخذه الى الكويت وألى الرزركة  والـى الفلوجة  وتسميه بالوقت نفسه جيش الشعب وسور الوطن بينما هو على مر العصور لم يكن جيشا للشعب الا اذا تحقق حكم الشعب فعلا من خلال برلمان رصين وانتخابات رصينة بل أنه حتى  في هذه الحالة لن يصبح جيش الشعب.

الدليل ان الجيش كان للحكام آل هبسبورك..آل بوربون..آل سعود وآل وآل ..وفي عصر الديمقراطية لم يكن الجيش البريطاني ملك الشعب البريطاني وألا ما هي مصلحة الشعب البريطاني في غزوه للعراق وما مصلحة الشعب الامريكي او الاسباني في هذا الغزو؟؟؟

المشكلة ان الجيوش المغدورة لا يسمح لها حتى الترشيح للانتخابات بحجة انها ينبغي لها ان تكون بعيدة عن السياسة وملكا للشعب كل الشعب والحقيقة انها تبقى ملكا للحكومات وتبقى الحكومات تخشاها وتدللها وتجعلها نسيا منسيا فالتصريحات حكومية والرموز حكومية ومتى ما دعت الحاجة لها لتنفيذ حرب قذرة او شريفة بدأت حصتها تعلو في وسائل الاعلام لاقناع الشعب ان هذه الحرب ليست شريفة فقط بل هي مقدسة أيما تقديس وتصدح اصوات الشعراء والمطربين وتصبح الخوذة اقدس من اي غطاء رأس آخر عمامة كان ام قلنسوة ومتى ما عم الهدوء غاب الجيش عن الساحة واسدل عليه الستار الى حين.

هذ كله لنقول للجيوش انها ليست آلات وينبغي لها ان تفكر وتمحص الاهداف التي ترسم لها وتسأل دائما عن اهمية الهدف وعدالته وجدواه وهل يمكن تحقيقه بالسياسة ام ان الوسيلة الوحيدة هي ان تريق دماءها وهل ان الحرب التي تخوضها هي ((استمرار للسياسة بوسائل اشد عنفا)) كما قال لينين ام انها ((استمرار للرعونة بوسائل اكثر رعونة)).

ونعترف بالطبع بأن الجيوش لا بد لها ان تنفذ ولكن هي قادرة على عدم الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين في دولة معادية ..اما اذا كانت الحرب داخل الوطن فتكون مسؤوليتها اكبر بكثير وفي هذا يطول الحديث ويصبح ذو شجون ويبلغ الصباح فتسكت شهريار عن الكلام المباح.