العراق ينقصه الإعلان الدستوري المكمل
فاتح عبدالسلام
هل تتغير خارطة التحالفات في العراق من خلال الانتخابات البلدية ثم البرلمانية؟ هذا السؤال يشغل كثيراً من السياسيين والإعلاميين الذين أسمع آراءهم في هذه الأيام.
الإجابة تحتاج الى سؤال آخر هو، هل توجد إمكانات تحول الكتل الطائفية وشبه الطائفية الى كتل وطنية من خلال شهرين أو ثلاثة أو سنة بعد أن عجز السياسيون عن أن يصنعوا تلك الكتل الوطنية في خلال عقد من الزمان؟ أو لعلّهم كانوا يكرسون بقاء الكتل الطائفية بوصفها خارطة طريق بعد أن غاب المشروع العراقي الحقيقي وتنازعت البلاد أهواء الرياح الشرقية والغربية.
الآن الفرصة الوحيدة التي ترتقي على الحد الطائفي قليلاً لكنّها لا تزال تلامسه هي القوائم المناطقية، وهي أمر حتمي في انتخابات مجالس المحافظات وستكون عنصراً حاسماً في الانتخابات البرلمانية.
ما الجديد الذي يجبر التحالفات على أن تتغير إذا كان التخندق الطائفي أفرز هذا العجز في أن تكون الكتل وطنية يشعر العراقيون بتغطيتها لجميع حاجاتهم وهمومهم وتطلعاتهم؟
هل تكفي أزمة قوات عمليات دجلة في كركوك وديالى لفك التحالف الكردي الشيعي الذي كان يحكم بدرجات متفاوتة العراق منذ احتلاله الأمريكي حتى الآن؟ وهل يعي أصحاب هذا التحالف أن بديلهم الجديد هو أن يكونوا فرادى وليس لهم إمكانية التحالف مع المكون العربي السني الذي خرج عملياً من المعادلة السياسية برغم مجاملات عدم الجهر بذلك إلاّ عبر الوجوه التزيينية الملطخة بمكياج فاقع ورخيص غالباً؟
البدائل قليلة في ظل ما صنعوه جميعاً من وضع بائس للعراقيين، وإن بصيص الأمل يكمن في التحول الى نظام رئاسي محترم ورصين ومهيب، وهو ما يجري العمل به فعلياً اليوم عبر رئاسة الوزراء، لكنه مطلوب على صعيد رئاسة الجمهورية وعبر انتخاب مباشر لرئيس البلاد كما في مصر ولا أقول كما في الولايات المتحدة التي احتلت العراق ولم تترك فيه دالة واحدة على حسن سلوكها سوى حفنة من سقط المتاع.
اللف والدوران مضحكة على النفس قبل الآخرين، ومَنْ يرى في هذا الدستور الشبيه بالرقعة التي لا تستر العري المستشري عائقاً أمام النظام الرئاسي فإنّه يريد البقاء مغروساً في الأوحال الحالية نفسها. وحتى لو تم الانتقال الى النظام الرئاسي فإنَّ التجربة الأولى لن تكون مثالية في ظل الوضع العراقي المزري حالياً، لكنها خطوة لا بدّ أن يخطوها أحدهم وإلاّ فاتهم القطار لا سيما أن شابّهم تجاوز الستين. وللعمر أحكام وليس كما يتوهم بعضهم.
العراق يحتاج الخروج من وهم تحالفات لا تبني ولا تصنع بلداً مستقراً الى نظام سياسي جديد حتى لو استلزم الأمر التوافق على إعلان دستوري مكمل كما في مصر، مادام الدستور الحالي عاجزاً.
AZP20