العراق إلى أين بعد الإنتخابات ؟

العراق إلى أين بعد الإنتخابات ؟

حاكم محسن محمد الربيعي

من يستعرض تاريخ العراق منذ بداية ثورة 14تموز 1958 وهي الثورة التي اوجدت النظام الجمهوري بعد القضاء على نظام ملكي مرتبط بالإدارة البريطانية منذ تأسيس اول حكومة عراقية عام 1921 وخلال الفترة الواقعة بين 1921 و1958 كان العراق يدار من ممثلي ومستشاري المملكة البريطانية المتواجدين في كل الوزارات ولم يشهد العراق تطورا ملحوظا وذألك بسبب قلة موارده الاقتصادية المستحوذ عليها من قبل الشركات النفطية  هذا على الصعيد الاقتصادي اما على الصعيد السياسي  فكانت الحكومة تحارب الاحزاب والقوى الوطنية وتمنع صدور الصحافة الوطنية وكما معروف ان الاستعمار يخرب ومن يقول يعمر فهو على وهم كبير وكانت مؤشرات الفقر والفاقة واضحة في المدن والريف ولكنها اكثر بروزا في الريف،  حيث كان الاقطاع يسيطر على الاراضي الزراعية ويستحوذ على المحصول بسبب التكاليف وبالتالي فان الفلاح عليه ان يعمل  لسد الرمق والاقطاعي له الحصيلة الاكبر من الانتاج وكان عدد العوائل التي تستحوذ على الاراضي الزراعية لا تتعدى 500 عائلة اقلها ملكية  تمتلك نحو 60 الف دونم  واكبرها كانت عائلة الجاف الكردية والتي تملك اوسع ملكية زراعية كما ذكر ذألك السيد حنا بطاطا وكما حدثنا المعاصرون للعهد الملكي  عن الماسي التي يرتكبها الاقطاعيون مع الفلاحين وأصحاب المصانع من القطاع الخاص مع العمال وممارسة القمع والاضطهاد للحركات الوطنية واعدام  قادة احزاب وطنية كما حصل مع قادة الحزب الشيوعي العراقي  فهد وحازم وصارم عام1949 وبعد ثورة 14 تموز حصل تغيير كبير اذ اتجهت الثورة بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه من المخلصين والوطنيين باتجاه التنمية الاقتصادية فكانت اتفاقية عام 1959 مع الاتحاد السوفيتي والتي كان من ثمراتها الكثير من الشركات والمصانع الموجودة اليوم والتي هي بحاجة الى اعادة التأهيل واستبدال المكائن والمعدات وادخال احدث اساليب التكنلوجيا اذ رغم قصر المدة التي حكم فيها عبد الكريم قاسم الا ان بصماته وبصمات ثورة 14 تموز مازالت واضحة اذ ان الشمس لا يحجبها الغربال اضافة الى اهتمام حكومة 14 تموز في ذألك الحين بقوت الشعب وتدبيره بأقصر الاوقات كما حصل مع ازمة السكر التي احدثها التجار حيث قام الزعيم باستيراد السكر خلال اسابيع مما افشل خطة التجار لرفع الاسعار ومن خيرات الثورة في ذألك الحين حي الاسكان في مختلف المحافظات ومدن الثورة كما سماها ولم يسمي عبد الكريم قاسم حيا او مدرسة او جسرا  او ساحة باسمه وعندما يقترح عليه المحيطين به يرفض ذألك باستمرار ولم يكن كالذين سموها كما يحلوا لهم وهم لا ناقة ولأجمل لهم فيها او منها  هكذا كان الزعيم الذي خلده التاريخ  رغم انف قاتليه الجبناء وفاقدي الضمير الذي تعامل معهم على قاعدة عفا الله عما سلف بعد محاولة اغتياله  الفاشلة تنفيذا لرغبة اسيادهم  اذ قال عندما وقع القانون رقم 80 وقعت على اعدامي ،  ومن القوانين التي اصدرتها الثورة  قانون الاصلاح الزراعي الذي اثار ضجة في حينه من قبل الاقطاعيين الذي ساندوا الاستعمار البريطاني و التواطؤ مع بريطانيا في بسط نفوذها  على العراق وكانت ملكيات  الاراضي هي المكافاة  لهم  ساندهم البعض من قصارى النظر من مختلف الفئات الرجعية  المرتبطة مصالحها بالتواجد الاستعماري ومن القوانين الاخرى قانون الاحوال الشخصية وهو قانون متقدم ومازال العراق يعمل وفقا لهذا القانون رغم مرور 55 سنة على صدوره  وقانون العمل رقم 51 وهذا يوضح كم كانت الحكومة في ذلك  الحين وطنية بامتياز ولكن الغرب وبعض الحكام العرب الذين لا يروق لهم مسيرة وطنية في العراق تعاونوا مع المرتزقة والعملاء من البعث الفا شست فكان انقلاب شباط الدموي الاسود الذي مكنته الرجعية من ذبح الوطنيين فكانت مجازر يدنى  لها جبين الانسانية فكانت تسعة اشهر دموية بامتياز لا يشير مؤرخ عن هذه الفترة الا القتل والتهب والسرقات وهتك الاعراض على ايدي جلادين عصف الزمن بهم الى مزبلة التاريخ فكانوا وصمة عار في تاريخ البشرية اعقبهم حكم الاخوين عارف ولم يكن  هذين العهدين افضل  بكثير لكن قطار القتل والبطش الدموي عاد من جديد بعدان  جاء بهم  القطار الامريكي عام 1963 كما قال امين حزبهم علي صالح السعدي وعاثوا في البلاد فسادا  وعاد القطار مرة اخرى  عام 1968 ولكنهم لم  يرعووا من تاريخهم الاسود فكانت مذابح وإعدامات لكل الاحزاب  ولمختلف الاطياف واعتقدوا ان التاريخ معهم وان الدنيا لهم  وكانت الحرب العراقية الايرانية  عام 1980 التي استمرت ثمانية اعوام زاد عدد القتلى من الطرفين على المليون اما خسائر الحرب فكانت 509، 6 مليارات بأون استرليني في وقت كان العراق يملك احتياطي 39 مليار دولار وان سعر صرف الدينار كان 3.3 دولارات لكل دينار واستمرت الحرب ثماني سنوات بإصرار ايراني  رافضة وقف اطلاق النار واخيرا توقفت الحرب في 8-8-1988 الا ان الدول الدائنة للعراق مارست ضغوطا على العراق ادى ذلك الى دخول الجيش العراقي الى الكويت وكان ذلك تهور غير محسوب  لان من يحكم يفتقر الى ابسط قواعد السياسة ومما هو جدير بالذكر  ان دول الخليج ساعدت العراق في الحرب العراقية الايرانية واصبحت تطالب بما قدمته على شكل  دعم بانه كان دين بذمة العراق وكانت قضية الكويت القشة التي قسمت ظهر البعير الامر الذي ادى  في النهاية الى  فرض حصار جائر دمر كل شيء وانتهى باحتلال العراق عام 2003 وكما شخصت  بعض القوى الوطنية ان الحرب ستكون نتائجها كبيرة وان الذي يحتل العراق سيتحكم به وقد حصل ما حصل  بعد الاحتلال وما زال المشهد غير واضح ، و كما  جاء في تحليل الحزب الشيوعي الذي رفض الحرب ،   على اساس نعم لا سقاط الدكتاتورية ولكن ليس بالاحتلال وبعد الاحتلال ما الذي حصل ،  كانت النتائج تدمير البنية الاقتصادية والعسكرية واجهزة الدولة كاملة واصبح العراق دولة فاقدة السيادة وفاقدة الهيبة ويحتاج الى اعادة السيادة والهيبة فهل عمل المحتل على استعادتها او هل عمل من استلم السلطة من الاحزاب الاسلامية والقومية  على بناء ما خربته الحرب ،  بالعكس ان هذه الاحزاب اثبتت فشلها بالكامل فرغم المليارات التي انفقت والتي تزيد على 700 مليار ليس هناك شيء واضح مقابل هذا الانفاق غير الرشيد اضافة الى التأجيج الطائفي والتطاحن بكل الوسائل  واقصاء الاخر وكان الاحتلال وكما يبدو سلم العراق الى اناس يعرف انهم ليسوا اهل سياسة او معرفة في ادارة الحكم و  غير قادرين على بناء بلد دمره الاحتلال ودمرته الطائفية واعتماد سياسة التهميش واقصاء الاخر وبالتالي اصبح الناس في المجتمع العراقي غير امنين لا من الاغتيالات و التفجيرات او الحرمان من العمل في وظائف الدولة والتي تم حصر الوظائف وفقا لقاعدة المحاصصة التي تعمل بها الاحزاب المتسلطة الى وزارات الاحزاب حيث اصبح الوزير يقوم بالتركيز على تخصيص الوظائف لحزبه من خلال اعلام الحزب بتلقي طلبات اما منتمين للحزب او يتم انتمائهم وهو السبب الذي تمتنع الحكومة عن تشكيل مجلس الخدمة العامة ويبدو ان كل الكتل السياسية اتفقت على ذلك لتضمن قسمة المحاصصة وبالتالي ليس باستطاعة احد الحصول على عمل في دوائر ومؤسسات الدولة مالم يكن منتميا الى حزب ليس اي حزب وانما من المتحاصصين على قسمة كل شيء في هذا البلد دون ان يفكر من في السلطة في بناء البلد والعمل على تأهيل قطاعاته الاقتصادية ،  ولذلك بقيت جميع القطاعات اما معطلة او تحتاج الى التأهيل اذ ان جميع القطاعات الاقتصادية غير شغالة والشغالة باقل من نصف طاقتها اضافة الى انعدام الخدمات ويظهر اكبر مسؤول في الدولة ويقول ان المحافظة الفلانية تعاني من نقص الخدمات يعود فيقول لا كل المحافظات بحاجة الى الخدمات ،  فاذا كنت انت المسؤول فما الذي يمنع من القيام بحملة لبناء البلد واعادة النظر برواتب  الرئاسات الثلاث ونفقاتها الاخرى وتوفير مبالغ تكفي لتشغيل شركات او تأهيل قطاعات من اجل تشغيلها وتشغيل الناس وامتصاص البطالة والقضاء على الفقر الذي وصل الى اكثر من 23 بالمئة  وهناك 7 مليون يعيش تحت خط الفقر في بلد حكومته تتكون من حوالي 40 وزيرا في بلد عدد  سكانه لا يتعدى 34 مليون  نسمة مقا بل 27 وزيرا في الحكومة الصينية  التي يصل تعداد السكان فيها 1.3 مليار نسمة ونسبة النمو في اقتصادها بلغت خلال الازمة المالية العالمية .9 72 بالمئة  كما عرضها في محاضرته محرر الشؤون الاقتصادية  في جريدة الصنداي تايمز البريطانية التي القاها بجامعة نوتكنهوم البريطانية في كولالمبور كما ساهمت الصين في حل الازمة المالية من خلال شراء السندات الامريكية ،  فما الذي فعلته الحكومات العراقية خلال احد عشر عاما غير التراجع في كل شيء ،  وبعد اليك يا شعب العراق المجيد ان تعيد النظر فيمن تختار لقيادة البلد الى بر الامان بعد ان تبين ان البلد لم يستقر من خلال القراءة المتواضعة لتاريخه المعاصر ولنعمل على  اتخاذ القرار المناسب والجريء في التخلي عمن تم انتخابهم وتم تمكينهم من تبديد الثروة الوطنية وتراجع العراق وازدياد الفقر فيه  وشيوع الفساد الاداري والمالي بشكل مفرط بحيث صنف العراق ضمن اربع دول هي الاكثر فسادا في العالم واحتل العراق المرتبة 179 في عدم الشفافية اذا علمنا ان التسلسل 1 الاكثر شفافية وبالتالي فان التسلسل 2 و3 الخ هي الاقل شفافية فكيف اذا كان  تسلسل العراق 179 فيا شعب العراق الغيور ثر لنفسك وتخلى عن الفاسدين  نحو التغيير  مارس حقك الانــتخابي وغير وجوه امسكت بالسلطة لاحد عشر عاما اعادت العراق الى  الوراء سنين طوال والى اللقاء يوم الانتخابات يوم التغيـــــير واتخاذ القرار السليم .