العراقيَّة – غزاي درع الطائي
سألتُ عنها النَّدى والصُّبحَ والشَّجرا
قالوا: هِيَ الآنَ حلَّتْ في القُرى مَطَرا
سألتُ عنها طيوراً كنتُ أعرفُها
قالتْ: تعالَتْ وصارتْ للجبالِ ذُرى
وزُرقةُ البحرِ قالتْ وهي باكيةٌ
جاءَتْ وقد هَدَرَتْ كالبحرِ إذْ هَدَرا
وقالَ عنها هوى النِّعناعِ عندَ ضحًى
جَرَتْ كنهرٍ كريمٍ في الرَّبيعِ جَرى
قصيدةٌ هِيَ في وزنٍ وقافيةٍ
لم يجتَرِحْ مثلَها شِعْرٌ ولا شُعَرا
أميرةٌ هِيَ لا كِذْبٌ ولا عَجَبٌ
وَمَنْ رآها أضاعَ السَّمعَ والبصرا
مدينةٌ هِيَ قامتْ بينَ سبعِ قرًى
وأنجَبَتْ مُدُناً أبناؤها أُمَرا
صوتُ النَّوافيرِ مفتونٌ بضحكتِها
والعُشبُ يمشي إلى عنوانِها نَضِرا
شَمَمْتُها في نَثيثِ الغيثِ حينَ هَمى
شَمَمْتُها في عجينِ كانَ مختَمِرا
شَمَمْتُ ضِحكتَها في الوردِ فانشَرَحِتْ
روحي فصارَتْ سِراجاً في الظَّلامِ تَرى
مرَّتْ على قلبيَ الموجوعِ فانفَطَرا
وسَلَّمَتْ فرآها الجِسرُ فانكَسَرا
السِّحْرُ والسَّحَرُ التذّا بطَلْعَتِها
فبارَكَتْ بيدَيْها السِّحْرَ والسَّحَرا
عصايَ تأخُذُني أخذاً لدارتِها
فألمحَ الوردَ حولَ الدَارِ مُنتشِرا
في كلِّ شأنٍ تحبُّ الخيرَ في شَغَفٍ
فإنَّ مَنْ لا يحبُّ الخيرَ قد كَفَرا
في شالِها عَبَقٌ مِنْ طِيبِ فِطرتِنا
فيهِ القرنفلُ مشتاقٌ لِليلِ قُرى
أدعو لها في صلاتي أنْ تكونَ ندًى
على وُريقاتِ قلبي تمسحُ الكَدَرا
أدعو لها، لبلادي وهي عابرةٌ
إلى السَّلامِ تكفُّ الحزنَ والخَطَرا
يا مَنْ تساءلتُمُ عنها أقولُ لكمْ:
أجَلْ عراقيَّةٌ فلْتنشروا الخبرا
مِنْ ضيمِنا شَرِبَتْ مِنْ حُبِّنا اغتَرَفَتْ
مِنْ حزنِنا لَبِسَتْ لكنْ غَدَتْ قمرا
على رصيفِ (خريسانٍ) إذا غَنِجَتْ
غَدا الرَّصيفُ وما في جنبِهِ عَطِرا
الحبُّ ليسَ قراراً في يَدَيْ أحَدٍ
لا إنَّهُ قَدَرٌ، مَنْ يَدفعُ القَدَرا
جاءتْ أخيراً وكانَ الغيثُ مُنهمِرا
فأحيتِ الأرضَ والأيّامَ والشَّجَرا