العدوان بين التأثير التكويني والتعليمي.. سلوك نموذجي
بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 190 البقرة
السلوك هوية الفرد او الجماعة الذي من خلاله يتم اصدار الحكم بالسلب او الايجاب ولا يمكن البت بهذا الحكم بأنه ظاهرة بنيوية للفرد او الجماعة الا ان يكون مكررا ذا منهجية معينة تدفعه الى انهاك الاخر والاضرار به ويكون عبثياً غرائزياً يتداخل معه الاتجاه الايثولوجي (السلوك الحيواني) وتكون موجهة الى جهة تتبنى منهجية مختلفة او قومية من اجل السيطرة والتسلط فيمكن ان يطلق على تلك الجماعة او الفرد بانه (مُعتدين او ُمعتد) اذا هو غريزة وغاية في نفس الوقت وهما متداخلان معا لتحقيق نفس الغرض فان الوصول الى الغاية تكون الغريزة قد حققت طموحها وغايتها ولا تقف عند حد معين لانها صارت هي المتحكم الاساسي بالسلوك . وهنالك دوافع لهذا النوع من السلوك اما ان يكون موروثاً او بيئياً تعليمياً بدائياً تتداخل معها العوامل الغير مرئية وهو الشيطان بحسب الرؤية القرأنية (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) وفي نفس الوقت قال عز وجل (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا اذا النفس ملهمة من الباري عزوجل بنقيضيين يتصارعان في ذات الانسان او كما قال (فرويد) عن تقسيمه للشخصية الى ثلاثة اقسام حسب (النظرية البنيوية) وهي (الانا والهو والانا الاعلى) والتصارع هذا هو للسيطرة على الانا وهي الذات المتحكمة باصدار القرار بالسلوك بعد طرح (الهو) رغبته التي تعمل وفق مبدأ اللذة وتجنب الالم ولا يراعي المنطق والاخلاق والواقع وهو لا شعوري كليا كما وصفه فرويد ؟! ومعارضة الانا الاعلى الذي يمثل الادراك والتفكير والحكمة العقلية . حيث يشرف الانا على النشاط الارادي للفرد او هو الارادة المحضة للفرد بعد موازنة الانا بين رغبات الهو (الفجور) والمعارضة من قبل الانا الاعلى (التقوى) التي تمثل القيم الاخلاقية والمجتمعية والمبادئ مع البعد الكامل عن جميع الافعال الشهوانية او الغرائزية وهو نتيجة الى الكمال لا الى اللذة .هذا من الناحية التحليلية للعوامل الداخلية المتصارعة في نفس الفرد والتي ينشأ فيها اس السلوك قبل ظهوره كفعل خارجي بمساندة العوامل الخارجية التي تعمل على تنمية هذا الفعل اي ( العدوان ) ويطلق عليه قوة الفعل البيئي التعليمي وحصر الفرد او الجماعة ضمن هيكلية تعليمية موجهة لنمطية السلوك بكره الاخر الذي يختلف معها دينيا او عرقيا او مناطقيا وكما قيل بان الطفل يولد ورقة بيضاء والخبرات تطبع عليه ما تشاء بمعنى اخر يطلق عليه ( النمذجة ) من وجهة نظر التعلم بالملاحظة فيكون السلوك مُتَعلم اولا ومكتسب بالنمذجة التي تشترط وجود نموذج يتم من خلاله نمذجة السلوك ثانيا وهي بذلك تعمل على اضعاف الانا او الغائه وبالتالي سيطرة الهو على الانا الاعلى ليكون الفرد او الجماعة مسيرة ولا تملك قرارا خاصا بها بفعل هيمنة الهو وتسلب منه ارادة التفكير . كل هذه عوامل محيطة بالفرد من الداخل والخارج تهيء الفرد او الجماعة لتنفيذ ( العدوان) ومن ثم سلوك العنف لتحقيق رغبة الغريزة بعيدة عن التروي والتعقل لينطبق عليها قوله عز وجل (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
ان العراق هو نموذج جلي في عصرنا الحاضر لهذا النوع من السلوك (العدوان ) بفعل ماكنة الشحذ الطائفي والموروث التاريخي الحافل بالصراعات الطائفية والقومية . تأبى فيه طائفة معينة ان تكون محكومة وهي تعتقد ان هذه الرقعة الجغرافية التي تسمى العراق هي من يجب ان تحكمها وتعتمد في ثقافتها على الموروث التاريخي كما اسلفنا فاصبح موروثا كروموسوميا يجري في عروقها ولا تقبل انصاف الحلول الا ان تكون على سدة الحكم لان الغريزة هي من تدفعها لغاياتها وكما اسلفنا …..
فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193 البقرة).
عبد الحسين الشيخ علي – بغداد